اقتراب ميليشيات مصراتة من طرابلس يهدد باندلاع حرب شوارع

حكومة السراج تتأهب عسكرياً... وتتحدث عن {تحركات مشبوهة لمارقين على القانون}

ليبي يفر من القتال في شوارع بنغازي قبل تحريرها بالكامل (رويترز)
ليبي يفر من القتال في شوارع بنغازي قبل تحريرها بالكامل (رويترز)
TT

اقتراب ميليشيات مصراتة من طرابلس يهدد باندلاع حرب شوارع

ليبي يفر من القتال في شوارع بنغازي قبل تحريرها بالكامل (رويترز)
ليبي يفر من القتال في شوارع بنغازي قبل تحريرها بالكامل (رويترز)

بدا أمس أن العاصمة الليبية طرابلس ستكون عرضة لجولة جديدة من المعارك وحرب الشوارع بين الميليشيات المسلحة التي تتنافس للسيطرة عليها، بعدما حذرت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأم المتحدة، مما وصفته بـ«تحركات مشبوهة لبعض الخارجين عن القانون باتجاه المدينة»، كما عقد رئيسها فائز السراج اجتماعاً مفاجئاً مع آمري المنطقتين الوسطى والغربية.
وقالت مصادر أمنية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، أعلنت حالة التأهب القصوى تحسباً لأي هجوم محتمل، مشيرة إلى وجود حالة من التوتر الأمني وسط انتشار كثيف للميليشيات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في طريق المطار. كما راجعت معلومات عن وجود حشود عسكرية مضادة لميليشيات مسلحة من مدينة مصراتة في منطقة غوط الرمان، شرق العاصمة طرابلس.
وأقامت ميليشيات موالية لحكومة السراج عدة بوابات تأمين مشددة بالقرب من مطار معيتيقة العسكري، بالإضافة إلى انتشار عناصر الدعم المركزي في تاجوراء والفرقة الأولى في أماكن أخرى. وحول هذه الإجراءات المشددة، قال مسؤول عسكري في حكومة السراج لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته تخشى قيام صلاح بادي، المحسوب على جماعة الإخوان، بشن هجوم جديد عبر الاستعانة بميليشيات مسلحة من مصراتة، التي ينتمي إليها، بهدف استعادة السيطرة على مقاليد الأمور التي فقدتها حكومة ما يسمى الإنقاذ الوطني التي يترأسها خليفة الغويل.
ووقعت جولات من الاشتباكات وحرب الشوارع بين ميليشيات بادي، وهو أيضاً أحد أبرز قادة ميليشيات فجر ليبيا التي هيمنت على العاصمة قبل نحو عامين بقوة السلاح، وميليشيات أخرى تابعة لحكومة السراج، انتهت مرحلياً بخسارة الغويل، الذي اختفى تماماً عن الأنظار. لكنه ما زال يتحين الفرصة لدخول طرابلس مجدداً.
وقالت حكومة السراج في بيان لها أمس إنها رصدت «تحركات مشبوهة من زمرة الخارجين عن القانون نحو العاصمة طرابلس، وهددت بأنها ستواجه هذه التحركات بحسم وقوة لحماية طرابلس عاصمة كل الليبيين، مع أهل العاصمة وأبناء المدن المجاورة».
وفى تلميح جديد إلى احتمال الاستعانة بدعم عسكري أجنبي، قالت حكومة السراج إنها وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وأجرت الاتصال بالدول الصديقة بخصوص التحركات المشبوهة للالتزام بتعهداتهم بالمساعدة في مواجهة وملاحقة من يستخدمون العنف، ويهددون أرواح المدنيين، كما تنص على ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي. كما أكدت الحكومة أنها أصدرت التعليمات للأجهزة الأمنية بوزارتي الداخلية والدفاع والحرس الرئاسي والكتائب والسرايا الأمنية بالعاصمة لـ«ردع التحركات المشبوهة للمجموعات المارقة الخارجة عن القانون والشرعية من قبل قوات الشرعية. وستكون العاصمة طرابلس وسكانها والمدن القريبة صفاً واحداً»، متعهدة بمواصلة جهودها «لإرساء الأمن والاستقرار في كامل ليبيا... وسكان العاصمة لن يكونوا تحت رحمة التهديدات».
من جانبها، نفت وزارة الدفاع التابعة لحكومة السراج إصدار تعليمات لأي وحدة من الوحدات التابعة لها للتحرك نحو العاصمة طرابلس، وأكدت في بيان لها أنها لن تسمح بدخول أي مجموعات للعاصمة طرابلس من دون تنسيق، وتحت إشراف كامل من حكومة الوفاق، كما أنها لن تسمح لـ«دعاة الحرب والدمار والخارجين عن القانون» بالعبث بأمن العاصمة وبترويع أهلها. كما دعت الوزارة إلى ضرورة تغليب صوت العقل والمضي قدماً باتجاه السلام والاستقرار، والتهدئة والعودة إلى مسار الحوار الوطني والمصالحة لتحقيق الاستقرار والتعايش السلمي على المدى الطويل في البلاد، وحثت الأطراف المعنية على حل القضايا عبر المفاوضات وتغليب لغة العقل على لغة السلاح والقوة.
في غضون ذلك، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عبد الرحمن السويحلي أنه بحث مع الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي أمس في قصر قرطاج بالعاصمة التونسية نتائج المساعي والمشاورات، التي يقوم بها مع مختلف الأطراف الليبية من أجل التوصّل إلى توافقات حول مسار التسوية السياسية في إطار اتفاق الصخيرات، بهدف تمهيد الطريق نحو بناء الدولة في أسرع وقت ممكن.
وأكد السويحلى في بيان له تطابق وجهات النظر مع الجانب التونسي حول ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي بين مختلف الفرقاء الليبيين في إطار المؤسسات السياسية الرسمية للدولة الليبية، وأيضاً من خلال التمسك بالاتفاق السياسي المُوقع في الصخيرات مع إمكانية تعديل بعض بنوده.
ونقل البيان عن السبسي تذكيره بثوابت الموقف التونسي الداعي إلى عدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي، وتشجيع الحوار بين مختلف الأطراف الليبية لتجاوز الخلافات، والتوصل إلى حلّ سياسي سريع وشامل ينهي الأزمة القائمة خدمة لمصلحة ليبيا وتونس على حدّ سواء، مشدداً على أن تونس ستدعم بقوة ما سيتوافق عليه الليبيون عبر الحوار والتفاهم، كما عبر عن ثقته بأنّ التقدّم المسجّل في مسار المشاورات بين مختلف الأطراف الليبية مؤشر إيجابي من شأنه أن يُعجّل بإيجاد مخرج سريع للأزمة في ليبيا.
وأوضح البيان أن الرئيس التونسي شدد على ضرورة أن يكون مسار المصالحة والتسوية تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، وأن يكون الحلّ نابعاً من إرادة الليبيين أنفسهم، معتبراً أنّ مجلس الدولة وبقية المؤسسات الرسمية الليبية عناصر أساسية في الحلّ المنشود.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.