لا نصاب لجلسة انتخاب الرئيس اليوم.. ولبنان يدخل في المهلة الأخيرة

نائب في «المستقبل» ينفي تسوية مع عون.. والسفير الأميركي يسلم باسيل رسالة من كيري

الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي (دالاتي ونهرا)
TT

لا نصاب لجلسة انتخاب الرئيس اليوم.. ولبنان يدخل في المهلة الأخيرة

الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى لقائه أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي (دالاتي ونهرا)

ردد نواب في كتلة عون خلال الأيام الماضية، أن الأخير ما زال ينتظر جواب رئيس كتلة المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري حول دعم ترشيحه للرئاسة، لكن فتفت علق في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» على هذه التصريحات بالقول: «يرددون ذلك منذ شهر ولو كان الجواب آتيا سيرا على الأقدام لوصل».
لن يختلف مصير الجلسة الرابعة المحدد موعدها اليوم لانتخاب رئيس لبناني جديد خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، عن مصير الجلستين الثانية والثالثة لناحية تعذر توفر النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة، أي حضور 86 نائبا، في ظل مقاطعة كتلتي حزب الله والنائب ميشال عون.
وفي حين لم تثمر الاتصالات والمشاورات بين القوى السياسية الإعلان عن تحقيق أي تقدم أو تفاهم من شأنه تأمين انعقاد الجلسة اليوم، فإن تكرار سيناريو الجلستين السابقتين سيدخل لبنان في المهلة الأخيرة، أي الأيام العشرة الفاصلة عن الانتقال إلى مرحلة الشغور في الرئاسة. إذ تنص المادة 73 من الدستور اللبناني على أنه «قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس».
ومع تعثر التوصل إلى تفاهم لإنجاز استحقاق الرئاسة في المهلة الدستورية، يبدي الأفرقاء اللبنانيين خشيتهم من الانتقال إلى مرحلة الشغور في الرئاسة. وقال النائب في كتلة المستقبل أحمد فتفت لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الأسوأ هو الوقوع في الفراغ»، عادا أنه «في حال حصل ذلك، فإن أحدا لن يكون قادرا على تحديد آفاقه الزمنية».
وحمّل فتفت فريق «8 آذار» مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس، لافتا إلى أن «مصير جلسة اليوم مرتبط بالطرف الآخر المصر في كل الملفات السياسية على تنفيذ سياسته، وهو يضعنا في الاستحقاق الرئاسي أمام خيارين إما الفراغ وإما انتخاب مرشحه، وهذه سياسة خطيرة سيكون لها انعكاسات سلبية على المستويات كافة».
وفيما انشغلت الكتل السياسية أمس بجلسة تشريعية عقدت في البرلمان لدرس سلسلة الرتب والرواتب المتعلقة بزيادة أجور موظفي القطاع العام، برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، كانت لافتة اللقاءات الدبلوماسية التي عقدها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، المفاوض الأبرز باسم كتلة النائب ميشال عون، مع السفير الأميركي ديفيد هيل، الذي سلمه رسالة من نظيره الأميركي جون كيري لم يفصح عن مضمونها، ومع السفير الفرنسي باتريس باولي بعيدا عن الأضواء.
وكان نواب في كتلة عون رددوا خلال الأيام الماضية، أن الأخير ما زال ينتظر جواب رئيس كتلة المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري حول دعم ترشيحه للرئاسة، لكن فتفت علق في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» على هذه التصريحات بالقول: «يرددون ذلك منذ شهر ولو كان الجواب آتيا سيرا على الأقدام لوصل». وشدد على أن «عون يدرك تماما أن الرئيس الحريري وكل قوى 14 آذار متضامنة ولا يمكن لأي مكون أن يعقد اتفاقا من دون الأطراف الأخرى»، داعيا عون إذا كان يطرح نفسه مرشحا وفاقيا إلى البدء بالحصول على تأييد الأطراف اللبنانية وفي مقدمها مسيحيو «14 آذار».
ويقدم عون نفسه مرشحا وفاقيا للرئاسة في لبنان، رابطا إعلان ترشحه بضمان فوزه بمقعد الرئاسة، فيما لا تزال مكونات «14 آذار» وتحديدا «المستقبل» و«القوات اللبنانية» تكرر أن سمير جعجع، رئيس حزب القوات، لا يزال مرشحها الرسمي.
وفي موازاة الأنباء عن «تسوية» سياسية يجري التشاور بشأنها وتقضي بوصول مرشح توافقي مقابل أن يحصل عون على «ثمن» تنازله عن الرئاسة، رفض فتفت الحديث عن تسوية بل «عن مفاوضات عادة ما تحصل في السياسة لإيجاد الحل الأنسب للبلد، على غرار ما جرى بتشكيل حكومة ومن ثم إقرار خطط أمنية وإجراء تعيينات إدارية»، معربا عن اعتقاده بأن «هذه المؤشرات إيجابية ويجب أن تنعكس على الاستحقاق الرئاسي».
وغداة جزم كتلة عون أول من أمس برفضها المطلق لخيار التمديد للرئيس الجمهورية سليمان، في حال انتهت المهلة المتبقية من دون انتخاب بديل له، باعتبار أن «التمديد يقتل الديمقراطية»، وهو ما يلقى معارضة شديدة من حزب الله، قال فتفت أمس إن «التمديد المؤقت لم يعد ممكنا تشريعيا وبتنا خارج الفترة التي بإمكان البرلمان فيها تعديل الدستور».
وفي سياق متصل، عد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، وهو نائب في كتلة المستقبل أن «الرئيس سليمان غير متحمس للتمديد»، معربا عن اعتقاده بأن «هذا الموضوع غير وارد، والسبب أن حزب الله والتيار الوطني الحر يريدان الرئيس سليمان خارج قصر بعبدا في 26 مايو (أيار)».
وكان النائب مروان حمادة، أكد أمس أن «جديدا لم يطرأ على صعيد معركة الرئاسة». وقال، بعد اجتماع الأمانة العامة لقوى «14 آذار» إنه «لا تغيير في موقفها من ترشيح جعجع للرئاسة حتى الآن، وإذا حصل أي تغيير، فسوف يكون تغييرا جماعيا لقوى 14 آذار».
وفي سياق متصل، أوضح النائب في كتلة «القوّات اللبنانيّة» فادي كرم، في حديث إذاعي أمس، أنه «لا انسحاب لجعجع من الانتخابات الرئاسيّة»، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه «في أي لحظة يرى فيها جعجع أنّ انسحابه من المعركة سيوصل أحد مرشحي 14 آذار، في إشارة إلى مرشح الكتائب الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل ووزير الاتصالات بطرس حرب، إلى سدة الرئاسة سينسحب».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.