روسيا تسعى نحو الاقتصاد الرقمي لمواكبة التطور العالمي

روسيا تسعى نحو الاقتصاد الرقمي لمواكبة التطور العالمي
TT

روسيا تسعى نحو الاقتصاد الرقمي لمواكبة التطور العالمي

روسيا تسعى نحو الاقتصاد الرقمي لمواكبة التطور العالمي

تسعى روسيا إلى مواكبة التطور التقني لا سيما في مجال الرقميات وتأثيرها على الاقتصاد، لجهة الاستفادة من ذلك التطور في إعادة هيكلة العملية الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، بما يضمن وتيرة أسرع للتنمية الاقتصادية، وتحسين مستوى ونوعية العملية الإنتاجية، وقدرة على التفاعل الاقتصادي المثمر، وإزالة العقبات البيروقراطية أمام العمليات التجارية والاقتصادية بمختلف أشكالها وأنواعها، وضمان تأمين الدولة خدماتها المتنوعة والكثيرة للمواطنين بفعالية وسرعة. ولتحقيق هذه الأهداف وضع الكرملين التحول إلى «الاقتصاد الرقمي» ضمن الأولويات في استراتيجية التطور للسنوات القادمة.
وفي اجتماع بالكرملين أمس، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع «المجلس الرئاسي للتطور الاستراتيجي والمشروعات ذات الأولوية»، مسألة التحول نحو الاقتصاد الرقمي، وأقر المجلس «مسودة برنامج التحول»، التي قال بوتين إنها ستسمح لروسيا بتحقيق «قفزة نحو المستقبل». وتم تكليف واضعي مسودة التحول نحو الاقتصاد الرقمي بمواصلة العمل على «المسودة» لإنجازها بشكل تام، بعد أخذ ملاحظات أعضاء المجلس الرئاسي للتطور بالحسبان. وسيجري العمل كذلك على حل مسألة تمويل هذا التحول.
ووصف الرئيس الروسي مشروع تطوير الاقتصاد الرقمي بالحدث التاريخي المهم الذي لا يقل أهمية وقيمة عن أحداث تاريخية عملاقة، شكلت نقلة نوعية في الاقتصاد، مثل مد شبكات السكك الحديدية في روسيا في القرن التاسع عشر، ومد الشبكات الكهربائية في كل المدن والقرى الروسية منتصف القرن العشرين.
ولتأكيده على أهمية عملية التحول إلى الاقتصاد الرقمي باعتباره «قفزة نحو المستقبل» استعان بوتين بحديث وزير نفط سابق من دولة عربية كان قد قال: «إن انتهاء العصر الحجري لا يعني أن الحجارة اختفت وانتهت، بل إن العالم دخل في مرحلة جديدة من التطور»، وشدد الرئيس الروسي على ضرورة مواكبة التطور الحالي في مجال الاقتصاد الرقمي، ودفع روسيا نحو موقع الطليعة في هذا المجال، وقال إن «الاقتصاد الرقمي ليس مجالا مستقلا، وهو من حيث الجوهر أسلوب حياة، وأساس جديد لتطوير منظومة إدارة الدولة، وتطوير الاقتصاد والبيزنس»، ووصف عملية التحول هذه بأنها «مسألة أمن قومي لروسيا واستقلالها، وضمان القدرة التنافسية للشركات الروسية».
وعكفت وزارة الاتصالات الروسية منذ نحو نصف عام على إعداد مشروع تطوير الاقتصاد الرقمي، واستعانت لهذا الغرض بخبراء من الوزارات الأخرى، وممثلين عن قطاع الأعمال والخبراء التقنيين. وتأمل السلطات الروسية في أن يشكل الاقتصاد الرقمي قاعدة وأساساً لإصلاحات وتحولات واسعة على مستوى البلاد، ويمس كل شركة وكل مواطن.
وحسب خطة العمل في مشروع التحول نحو الاقتصاد الرقمي حتى عام 2025، يجب أن يصبح بوسع 97 في المائة من المواطنين الروس استخدام الإنترنت بسرعة «100 م ب - ثا». ومع حلول العام ذاته يجب أن تتوفر شبكات «G5» في المدن والمناطق السكنية التي يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة. كما تشمل الخطة تأسيس 10 شركات مختصة بتصنيع التقنيات الرقمية الضرورية للمجالات الرئيسية في الاقتصاد والإنتاج، بينما سيتعين على المعاهد والمؤسسات التعليمية تخريج 100 ألف متخصص في مجال الرقميات سنويا، اعتباراً من عام 2025.
وستبلغ تكلفة تنفيذ خطة التحول إلى الاقتصاد الرقمي نحو 100 مليار روبل سنوياً، وفق ما يرى وزير الاتصالات الروسي نيكولاي نيكيفوروف. ويدور نقاش في الحكومة الروسية حول مصدر التمويل، وبينما تقترح وزارة الاتصالات اعتماد المبلغ المطلوب ضمن نفقات الميزانية، فإن وزارة المالية لم تتحمس لتلك الفكرة. وتبحث الحكومة الروسية حاليا فكرة إنشاء صندوق مستقل لتمويل هذه العملية. وستكون هناك حاجة كذلك لنحو نصف مليون متخصص في مجال التقنيات الرقمية والبرمجيات، إذ يتطلب تنفيذ خطة التحول للاقتصاد الرقمي نحو مليون خبير، وفي روسيا حاليا يوجد نصف مليون فقط. وتشير دراسة أعدتها شركة «ماكينزي» إلى أن حصة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي الروسي قد تنمو من 3.9 في المائة حالياً حتى 8 – 10 في المائة بحلول عام 2025، إذ يُتوقع أن ينمو حجم الاقتصاد الرقمي في روسيا من 3.2 تريليون روبل (في عام 2015) حتى 9.6 تريليون عام 2025.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.