لبنان: انقسام حكومي حول عودة اللاجئين السوريين

الحريري يزور واشنطن وباريس وموسكو الشهر المقبل

الرئيس اللبناني ترأس اجتماعاً للحكومة أمس بحضور رئيس الوزراء سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ترأس اجتماعاً للحكومة أمس بحضور رئيس الوزراء سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: انقسام حكومي حول عودة اللاجئين السوريين

الرئيس اللبناني ترأس اجتماعاً للحكومة أمس بحضور رئيس الوزراء سعد الحريري (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ترأس اجتماعاً للحكومة أمس بحضور رئيس الوزراء سعد الحريري (دالاتي ونهرا)

تسببت قضية عودة اللاجئين السوريين الموجودين بلبنان، في انقسام داخل الحكومة، خصوصاً بين الفريق الموالي للنظام السوري، الذي يدعو إلى التنسيق مع النظام السوري من أجل إعادتهم سريعاً، وفريق «14 آذار» الذي يرفض أي نقاش سياسي مع النظام، ويشدد على أن «تكون عودة النازحين برعاية وضمانة سياسية وأمنية وإنسانية من الأمم المتحدة».
جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، سبقتها أجواء مشحونة، مهّدت لها تصريحات وزارية حذّرت من «تسليم النازحين إلى النظام الذي هجّرهم، ودفعهم إلى الفرار هرباً من الموت»، لكن رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي دعا الوزراء المحسوبين عليه وعلى فريق «14 آذار» إلى «تجنب إثارة ملف النازحين داخل مجلس الوزراء»، شدد في مستهلّ الجلسة على أن «مسألة التواصل مع النظام السوري عليها خلاف». وقال: «نريد عودة النازحين إلى بلادهم اليوم قبل الغد، لكن ذلك من مسؤولية الأمم المتحدة التي عليها أن تضع خطة آمنة لهذه العودة، واتفقنا على وضع الملفات التي تثير الخلافات جانبا».
ويبدو الحريري يجنّب الحكومة أزمة سياسية قبل جولة دولية يعتزم القيام بها، وتقوده إلى الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وروسيا، حيث أبلغ مجلس الوزراء أنه «سيزور الولايات المتحدة الأميركية للقاء الرئيس دونالد ترمب، وكذلك فرنسا وروسيا خلال شهر أغسطس (آب)، المقبل، على رأس وفد وزاري».
لكن هذا الأمر لم يقطع الطريق على السجال داخل الجلسة، خصوصاً بين وزير الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصوه، الذي قال: «إذا لم تتحاور الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية، فلن يعود النازحون إلى سوريا»، وبين وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، الذي رأى أنه «من غير المناسب أن يفرض على الحكومة فتح حوار مع سوريا»، مبدياً اعتراضه الشديد على هذه اللهجة «غير اللائقة». وأكد فرعون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عندما يُحضّر مشروع متكامل عن عودة النازحين ويعرض على مجلس الوزراء، فستجري مناقشته، ويتخذ قرار وطني بشأنه»، معتبراً أن ما قاله زميله في الحكومة الوزير علي قانصوه «هو كلام استفزازي وينطوي على تهديد، وهذا أمر مرفوض»، مذكراً بأن «الجانب اللبناني ليس وحده المعني بعودة النازحين، هناك دول عدّة مهتمة بهذه المسألة، وهذه العودة ربما تحتاج إلى ضمانات دولية، على الصعد الأمنية والإغاثية والطبية، لا يستطيع لبنان أن يقدمها وحده». وأضاف وزير الدولة لشؤون التخطيط: «هذه مسألة يفترض أن ترعاها الأمم المتحدة، التي من مهمتها توفير مناطق آمنة لهم، وإيصال المساعدات الإنسانية للعائدين، عدا الضمانات الأمنية الضرورية».
ويوجد في لبنان أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري، يتوزّع أكثر من نصفهم على مخيمات عشوائية في كل الأراضي اللبنانية، ويوجد في مخيمات عرسال القريبة من الحدود السورية، نحو 100 ألف نازح، وقد داهم الجيش اللبناني الأسبوع الماضي مخيمين في عرسال، حيث فجّر خمسة انتحاريين أنفسهم بأحزمة ناسفة خلال محاولة القبض عليهم، ما أدى إلى إصابة تسعة عسكريين لبنانيين، ومقتل طفلة سورية كانت قريبة من أحد الانتحاريين.
ولفت الوزير ميشال فرعون إلى أن «مطالبة الفريق الآخر داخل الحكومة، بفتح حوار مع النظام السوري، لا تقتصر على الجانب المتصل بعودة النازحين فحسب، هم يتحدثون عن حوار سياسي، يريدون أن يكون مدخله ملف النازحين ليصل إلى تنسيق أوسع».
من جهته، رفض وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، التحدث بعد جلسة مجلس الوزراء عن الملف، وقال إن «رئيس الحكومة سعد الحريري طلب أن لا نتحدث بموضوع النازحين، وهناك عمل مع الوزارات المعنية لحل المسألة، واتفقنا على ترك الملفات الخلافية جانبا».
وبعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، تلا وزير الإعلام ملحم الرياشي المقررات الرسمية، فلفت إلى أن «مجلس الوزراء حذر من الأخذ بالشائعات التي تؤثر سلباً على عمل المؤسسات». ودعا إلى «الإسراع في بت الدعاوى العالقة أمام القضاء منذ سنوات». وقال إن الرئيس ميشال عون «دعا القضاء إلى لعب دور أساسي للحد من الفلتان الأمني؛ لأن هيبة الدولة تُصان من خلال الإجراءات التي تتخذ بحق المخالفين»، مؤكداً في الوقت نفسه أن الرئيس عون «حذر من تحول مخيمات النازحين إلى بؤر حاضنة للإرهابيين، ودعا الجيش والشعب إلى التعاون لمحاربتهم».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.