ضم فصيل تابع لمرجعية النجف إلى وزارة الدفاع

TT

ضم فصيل تابع لمرجعية النجف إلى وزارة الدفاع

في تطور لافت يتعلق بالفصائل الشيعية المقاتلة تحث مظلة «الحشد الشعبي»، أعلنت «فرقة العباس» القتالية، أول من أمس، انضمام أحد أفواجها رسمياً إلى سجلات وزارة الدفاع العراقية.
وتأسست الفرقة بإشراف وإدارة ممثلين عن مرجعية النجف بعد فتوى «الجهاد الكفائي» التي أصدرها المرجع الأعلى علي السيستاني في يونيو (حزيران) 2014 عشية صعود «داعش» واحتلاله أجزاء من العراق. وقال المشرف العام على الفرقة ميثم الزيدي في تصريحات، إن «أولى طلائع الفرقة ارتبطت رسمياً بوزارة الدفاع، بعد اكتمال الموافقات الرسمية».
ورغم تأكيد الزيدي أن «الوزارة استوعبت ملاك فوج زائد من مقاتلي الفرقة» قاتلوا لنحو ثلاث سنوات ولم يتم نشرهم في هيئة «الحشد الشعبي»، فإن بعض الأوساط العراقية تشير إلى أن إدراج أحد أفواج «الحشد» في هذه الفترة على قوة وزارة الدفاع يعزز الرأي القائل بأن لمرجعية النجف رأياً مختلفاً بشأن مصير فصائل «الحشد الشعبي» في مرحلة ما بعد «داعش».
وقالت أوساط من النجف لـ«الشرق الأوسط» إن «المرجعية لديها هواجس محددة بشأن مصير فصائل الحشد بعد الانتهاء من «داعش»، وتفضّل أن يتم دمجها في وحدات خاصة لمكافحة الإرهاب تتبع وزارة الدفاع في محافظات العراق المختلفة». ورغم تصويت مجلس النواب على قانون «الحشد الشعبي» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، فإن ممثل مرجعية النجف في كربلاء الشيخ مهدي الكربلائي أصرّ في خطبة العيد الأخيرة على تهنئة قوات الجيش والشرطة ومكافحة الإرهاب والعشائر و«المتطوعين». ولم يشر إلى تعبير «الحشد».
ويقول مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك اتجاهين في الحشد: الأول محلي يعمل لأهداف عراقية واضحة، وآخر ينخرط في أجندة إقليمية واضحة أيضاً». وعزا المصدر الذي فضّل عدم نشر اسمه، موقف مرجعية النجف إلى أنها «تسعى إلى التقاطع مع الاتجاه الإقليمي داخل الحشد، وتسعى إلى توجيه الحشد باتجاه المصالح والأهداف العراقية، وهذا الاتجاه يمثله رئيس الوزراء حيدر العبادي أيضاً». ورأى أن هذا التوجه «يلخّص أغلب الإشارات التي تصدرها مرجعية النجف أو رئاسة الوزراء بين فترة وأخرى، بخصوص الحشد الشعبي».
ويبدو أن الاتجاهين المتناقضين داخل «الحشد» مرشحان للانفجار كلما اقترب موعد القضاء على «داعش». وفي هذا الإطار، ذكر نائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، في تصريحات خلال استضافته على هامش «ملتقى اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامي» في مشهد الإيرانية، للممثل الأممي في العراق الذي التقاه أثناء معارك الفلوجة: «كل من يقول لك إن الحشد سيحل لا تصدقه، حتى لو كان رئيس الوزراء. وإن اتفقوا على حله، فسنجتمع مجدداً في أي حادثة صغيرة». واعتبر أن وجود الحشد «يصحح المسار» في العراق، مضيفاً: «أقولها بشكل رسمي: نحن ضد الأميركيين وضد الوجود الأجنبي في العراق».
وكان رئيس الوزراء قد قال، أول من أمس، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، في رد ضمني على تصريحات سابقة للمهندس، إن المرجع السيستاني «لم يقل في فتوى الجهاد الكفائي قاتلوا في سوريا أو خارج الحدود، وإنما بتحرير الأراضي العراقية وحماية المقدسات»، لافتاً إلى أن «تشكيل الحشد جاء بقرار حكومي وبرلماني». واعتبر أن «دعوات دخول الأراضي السورية هي خارج (صلاحيات) مؤسسة الحشد الشعبي، ولن نورط قواتنا في حرب أخرى. همنا هو حماية بلدنا وتأمين حدودنا».
وأصدرت هيئة «الحشد» بياناً استنكرت فيه «الأنباء الملفقة التي نقلتها وكالات ومواقع تحاول الإساءة إلى الحشد وقيادته وتحريف الحقائق». وقالت إن «أبو مهدي المهندس يؤكد دائماً على عمق العلاقة بين الحكومة وهيئة الحشد التي هي جزء لا يتجزأ منها». واتهمت جهات لم تسمها بمحاولة «التشويش على تلك الحقيقة بتحريف تصريحات المهندس».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.