تونس: جدل حاد حول صلاحيات الهيئات الدستورية المستقلة

TT

تونس: جدل حاد حول صلاحيات الهيئات الدستورية المستقلة

انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى الهيئات النقابية)، والطرف القوي في المعادلة السياسية بعد ثورة 2011، عدم إشراكه في عضوية الهيئات الدستورية المستقلة من خلال القانون المعروض حاليا على أنظار البرلمان التونسي.
ولقي مشروع هذا القانون انتقادات حادة من أحزاب المعارضة، التي شددت على عدم احترامه الكامل لمبادئ الدستور، واتجاهه نحو تكريس تبعية هذه الهيئات للسلطة التنفيذية.
وعبر الاتحاد العام التونسي للشغل عن تخوفه من تكرار تعامل السلطات معه بالطريقة السابقة نفسها، في إشارة إلى إقصائه من مجلس المستشارين (الغرفة البرلمانية الثانية) في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وفرض مرشحين من خارج دائرة القرار النقابي، وتمسك بضرورة إلغاء الفصل السادس من قانون الهيئات الدستورية، الذي ينص على انتخاب أعضاء الهيئات من قبل البرلمان، بحجة أنه يعتمد الطريقة نفسها التي اعتمدها نظام بن علي لإقصاء النقابيين من مواقع القرار، أي اعتماد سياسة انتقائية في تمثيليته بتلك الهياكل وفي مختلف اللجان الوطنية.
وذكر الاتحاد بمقاطعته لمجلس المستشارين على الرغم من سياسة الترهيب والترغيب التي اعتمدها النظام السابق، وانتهاجه سياسة خاصة لإجبار المنظمة على المشاركة في ذلك المجلس. وفي هذا الصدد، قال سامي الطاهري، المتحدث باسم نقابة العمال، إن الاتحاد «دعا مرارا وتكرارا إلى المشاركة الفاعلة في مختلف الهيئات الدستورية التي يقدم من خلالها مقترحاته، ويبسط آراءه في مجمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية»، مشيرا إلى أن الاتحاد يدعو إلى إلغاء مشروع هذا القانون برمته.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد قاد بنجاح في نهاية سنة 2013 جلسات الحوار السياسي ضمن الرباعي الراعي للحوار بين الائتلاف الحاكم، بزعامة حركة النهضة والأحزاب المعارضة، وحصل إلى جانب الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ونقابة رجال الأعمال ونقابة المحامين على جائزة نوبل للسلام.
وفي السياق ذاته، تمخضت نقاشات البرلمان حول مشروع قانون الهيئات الدستورية المستقلة عن تباين في وجهات النظر بين الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة، حيث دافعت الحكومة صاحبة المبادرة القانونية عن استقلالية الهيئات الدستورية في إطار الدولة، حسب مداخلة مهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان.
وتضم الهيئات الدستورية المعنية بمشروع القانون، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة حقوق الإنسان، وهيئة الاتصال السمعي والبصري، وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال المقبلة، إلى جانب هيئة الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد.
وأضاف بن غربية أن استقلالية الهيئات الدستورية عن السلطة التنفيذية بالتحكم في جزء من صلاحياتها لا يعني استقلالها عن الدولة، على اعتبار أنها ستأتمر بأوامرها وتخضع لإكراهاتها، على حد قوله، موضحا أمام أعضاء البرلمان أن هذا القانون يأتي لقطع الطريق أمام المخاوف من «تغول» السلطة التنفيذية ومن عودة الاستبداد السابق.
وفي المقابل، وصفت النائبة سامية عبو، من حزب التيار الديمقراطي المعارض، القانون الجديد بـ«الكارثة والفضيحة»، وذلك بسبب ما اعتبرته «ارتهان الهيئات للبرلمان الذي تم منحه صلاحيات انتخاب وإعفاء أعضاء الهيئات الدستورية والتصديق على ميزانياتها».
وقالت إن مشروع القانون يكرس دولة الأشخاص، وليس دولة المؤسسات، وحذرت من عدم تمكن الهيئات الدستورية من العمل بأريحية في ظل حرمانها من متطلبات الاستقلالية على حد تعبيرها.
من جهته، اعتبر النائب عماد الدايمي، من حزب حراك تونس الإرادة المعارض، أن مشروع القانون لا يضمن الاستقلالية المالية لأنه أوكل في القسم الأول من بابه الثالث المتعلق بالميزانية لمؤسسة البرلمان مهمة التصديق على ميزانية الهيئات الدستورية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».