منظمات تونسية تطالب بسحب مشروع قانون حول مكافحة الفساد

بحجة أنه لا يضمن استقلالية الهيئة المسؤولة عن السلطة التنفيذية

TT

منظمات تونسية تطالب بسحب مشروع قانون حول مكافحة الفساد

دعا «الائتلاف المدني لمكافحة الفساد» في تونس، أمس، الحكومة إلى سحب مشروع قانون «الهيئة الدستورية المستقلة لمكافحة الفساد»، محذرا من أنه لا يضمن استقلالية هذه الهيئة عن السلطة التنفيذية.
ويتكون الائتلاف من «الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)»، و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، و«الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، ومنظمة «أنا يقظ» فرع الشفافية الدولية في تونس، ومنظمات أخرى،
علما بأن دستور الجمهورية الثانية في تونس (2014) نص على إحداث «هيئات دستورية مستقلة» تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية، من بينها «هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد».
وكلفت حكومة يوسف الشاهد وزارة «العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان» بصياغة مشاريع قوانين الهيئات الدستورية المستقلة.
وفي حين بدأ مجلس نواب الشعب (البرلمان) أمس مناقشة مشروع قانون «هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد»، حسبما أعلن على صفحته الرسمية في «فيسبوك»، عقد الائتلاف المدني لمكافحة الفساد مؤتمر صحافيا، دعا فيه كثير بوعلاق، الأمين العام لـ«الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» إلى سحب مشروع قانون «هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد»، وقال إن مشروع القانون «يمثّل تراجعا خطيرا جدا» مقارنة بالمرسوم رقم 120 لسنة 2011 الذي أحدثت بموجبه «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد»، مشددا على أن مشروع القانون «ضيّق» في الصلاحيات الممنوحة للهيئة، ونزع منها صلاحية التقصي في شبهات وجرائم الفساد والاستماع إلى الشهود، وأوكل هذه الصلاحية إلى القضاء، ولم يعط الهيئة الدستورية «استقلالية مالية وإدارية فعلية ولا استقلالية في سلطة اتخاذ القرار»، عادّاً أن الحكومة تريد تمريره «بالقوة». كما حذر من تمرير مشروع قانون لمكافحة الإثراء غير الشرعي تُعده الحكومة حاليا، قائلا إنه سيؤدي إلى «تبييض الفساد».
من جهته، قال سمير الشفي، الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، إن الاتحاد «لا يقبل» بهيئة دستورية لمكافحة الفساد «مفرغة» الصلاحيات، داعيا إلى إعطائها «مقومات الاستقلالية الفعلية»، مشيرا إلى أن «منظمات المجتمع المدني تطلق نداء عاجلا وملحا (للحكومة) لإعادة النظر في مشروع القانون» حتى تكون الهيئة المرتقبة «ذات مصداقية داخليا وخارجيا»، وقال في هذا السياق إن «الحرب على الفساد يجب ألا تكون موسمية أو انتقائية أو ذات أهداف سياسية حينية».
على صعيد آخر، دعا مكتب «هيومان رايتس ووتش» في تونس إلى إلغاء الفصل «125» من القانون الجزائي التونسي، بحجة أنه «يهدد حقوق الإنسان بطرق شتى».
وفي هذا الشأن، قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب المنظمة الحقوقية في تونس، إنه لا يوجد في القانون التونسي تعريف لما يُمكن اعتباره «هضم حق موظف» الذي يشير إليه القانون التونسي، وهو ما يسمح للسلطات بتأويله بشكل فضفاض لتجريم التعبير السلمي المشروع، وأكدت على أن تطبيق هذا القانون بشكل تعسفي يمنع المواطنين من ممارسة حقهم في السعي إلى الإنصاف عندما يعتقدون أن الشرطة تسيء معاملتهم.
وأضافت القلالي أن التونسيين الذين يشتكون من سلوك رجال الأمن قد يواجهون تُهما كيديّة تتعلق بإهانة الشرطة، عادّة أن هذه التهمة تستخدم لتخويف المواطنين الذين يبلغون عن سلوك قوات الأمن، وأكدت على حاجة الديمقراطية الوليدة «إلى التشجيع على رفع دعاوى مُبررة ضدّ سلوك الشرطة في حال تجاوزت صلاحياتها أو تصرفت بطريقة تعسفية».



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.