ملف تمويل الإرهاب يفرض نفسه بقوة على قمة العشرين

تقلّب التدفقات والاستقرار المالي والأمن الإلكتروني على أجندة الأعمال

ملف تمويل الإرهاب يفرض نفسه بقوة على قمة العشرين
TT

ملف تمويل الإرهاب يفرض نفسه بقوة على قمة العشرين

ملف تمويل الإرهاب يفرض نفسه بقوة على قمة العشرين

تقوية الهيكل المالي العالمي، ومعالجة تقلبات تدفقات رأس المال، والأمن الإلكتروني، أهم تحديات قمة العشرين التي تستضيفها ألمانيا في هامبورغ يومي 7 و8 يوليو (تموز) الحالي، في ظل ارتفاع الدين العالمي إلى 217 تريليون دولار، مما يشكل خطرا كبيرا على الاستقرار المالي العالمي، وينبئ بإمكانية حدوث أزمة مالية جديدة، مع توقعات بأن تدعم المشاركة السعودية ملفات مكافحة تمويل الإرهاب.
وقال الاقتصادي فضل البوعينين، لـ«الشرق الأوسط»: «تكتسب مشاركة المملكة في قمة العشرين أهمية خاصة لما تتمتع به من قوة تأثير اقتصادية ومالية وسياسية. إضافة إلى قدراتها الاستثنائية في التأثير على الاقتصادات العالمية، ونسبة نموها من خلال أسواق النفط التي تمتلك مفاتيح التأثير فيها والقدرة على تحقيق أمن الطاقة».
وأضاف: «وفقا لملفات القمة، فإن الجانب المالي ما زال الأكثر بروزا رغم الإصلاحات المستمرة للنظام المالي العالمي. إلا أن أزمة الديون الأوروبية، وتبعات إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإمكانية تعاظم مشكلة دول أوروبية أخرى إلى جانب اليونان، ما زالت قائمة، وكذلك الديون السيادية الأميركية، التي تنذر بمخاطر مستقبلية لأسباب مرتبطة بحجمها، الذي تجاوز نسبته 104 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».
وتابع: «ارتفاع الدين العالمي بشكل كبير ليصل إلى 217 تريليون دولار يشكل خطرا كبيرا على الاستقرار المالي العالمي، وينبئ بإمكانية حدوث أزمة مالية عالمية ما لم تتم معالجة المشكلات المالية العالمية، كما أن تقوية الهيكل المالي العالمي، ومعالجة التقلبات في تدفقات رأس المال، ستكونان من الملفات المهمة المطروحة في القمة، والتي يعول عليها في إجراء إصلاحات هيكلية داعمة للنظام المالي العالمي، إضافة إلى تشريعات القطاع المالي ذات العلاقة بمجلس الاستقرار المالي؛ والمالية الرقمية، والأمن الإلكتروني».
ويعتقد البوعينين أن الاقتصاد العالمي ما زال يعاني من بطء في نموه وشكوك حول قدرة الدول الكبرى على تجاوز أزمة انخفاض النمو، خصوصا الصين التي تدور حول أرقامها المعلنة الشكوك، بجانب التحديات السياسية والأمنية في العالم، التي تزيد الأمر تعقيدا، الأمر الذي يجعل ملف «استراتيجية النمو» للدول من أهم الملفات المنظورة، مع أهمية دعم النمو العالمي وفق استراتيجية محددة يتفق عليها الأعضاء.
وقال البوعينين: «هناك ملف الحمائية الذي يشكل مواجهة بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأميركي ترمب الذي يدعم تطبيقها في الولايات المتحدة لحماية المنتجات الأميركية. ورغم التصريحات الدبلوماسية للمستشارة الألمانية، فإن موضوع الحمائية قد يشكل مواجهة غير متوقعة في القمة»، مشيرا إلى أن الملفات السياسية ستكون حاضرة وبقوة من خلال اللقاءات الثنائية والاجتماعات الشاملة التي ستختلط فيها بعض الملفات الاقتصادية بالجوانب السياسية.
من جهته، قال الباحث الاقتصادي، الدكتور الصادق إدريس، لـ«الشرق الأوسط»: «قمة العشرين ستواجه بمشكلات جيوسياسية، معقدة ومركبة، تأثر فيها اقتصاد الدول بالنزاعات، والحرب على الإرهاب، مما يعني أن مكافحة تمويل الإرهاب، ستكون من الملفات المهمة التي ستدخل في حزمة ملفات قمة العشرين، خصوصا أنه أصبح ملفا مهما ومقلقا جيوسياسيا».
واتفق إدريس مع البوعين على أن ملف تمويل الإرهاب، سيكون الموضوع الأكثر خطورة وحساسية على طاولة القمة، في ظل الأزمات المرتبطة به على المستوى الدولي، مما قد يتسبب في تعاظم المخاطر المالية والاقتصادية، مع عدم إغفال ملفات التحويلات المالية وحوكمة أنظمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بوصفه أحد المحاور التي يفترض أن تنجز وتفعل بشكل أكبر لحماية القطاعات المالية وردع التنظيمات الإرهابية وحماية المجتمع الدولي من الكوارث الأمنية التي تقود لكوارث مالية واقتصادية.
من ناحيته، اتفق الباحث الاقتصادي سعد الله حسّان مع البوعينين على أن هناك عددا من التحديات التي تواجه قمة العشرين وتجعلها في موقف لا يقل عن تحديات الأزمة المالية العالمية في ذروتها، في ظل اختلاق وتعقيد العوامل الجيوسياسية، مشيرا إلى أن تقوية الهيكل المالي العالمي، ومعالجة تقلبات تدفقات رأس المال، ستكونان من أهم تحديات قمة العشرين، بجانب سبل مكافحة وتجفيف منابع تمويل الإرهاب.
وأوضح حسّان، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن ملف محاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، سيكون حاضرا بقوة في هذه القمة ويمثل عبئا جديدا مع أهمية تعزيز الرقابة على كيفية التعامل مع أي دولة أو جهة متهمة بدعم الإرهاب وتمويله ولها علاقات مباشرة مع الجماعات ذات الصلة، فضلا عن الدعوة لإجراء إصلاحات هيكلية داعمة للنظام المالي واستقراره على المستوى الدولي.



انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

واصل القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكماشه خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل في ثمانية أشهر وسط ضغوط التكلفة الزائدة، نتيجة تراجع الجنيه.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيس لشركة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، في مصر إلى 48.1 نقطة في ديسمبر من 49.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مسجلاً بذلك انكماشاً للشهر الرابع على التوالي. وتشير القراءة الأقل من 50 نقطة إلى تراجع النشاط.

ويرجع هذا الانخفاض إلى ضعف الطلب من جانب العملاء وزيادة الضغوط التضخمية، التي تفاقمت بسبب ضعف الجنيه المصري مقابل الدولار.

وقال ديفيد أوين كبير الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»: «أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات في مصر أن التعافي المتوقع للقطاع الخاص غير النفطي من غير المرجح أن يخلو من العثرات في عام 2025».

وأضاف أن الشركات واجهت ارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب، مما أدى إلى أسرع تراجع في ظروف التشغيل منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وانخفضت مستويات التوظيف للشهر الثاني على التوالي، وإن كان الانخفاض طفيفاً. وأسهم ارتفاع تكاليف الرواتب، المرتبط بتحديات تكلفة المعيشة، في انخفاض أعداد الوظائف.

وتسارعت وتيرة التضخم في تكاليف المدخلات، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد وارتفاع قيمة الدولار. ورغم هذا، كانت الشركات أقل ميلاً إلى رفع أسعارها، فعمدت إلى تقليص هوامش الربح للحفاظ على الطلبيات.

وكانت الشركات غير النفطية أكثر تفاؤلاً بشأن النشاط المستقبلي، على أمل تحسن الظروف المحلية والجيوسياسية في عام 2025.

وارتفع مؤشر الإنتاج المستقبلي الفرعي إلى 53.8 من 50.5 في نوفمبر. ومع ذلك، فقد تخفف المخاوف بشأن تقلبات أسعار الصرف، وعدم استقرار الأسعار الطلب في الأمد القريب.

على صعيد مواز، قال وزير المالية المصري أحمد كوجك، إن مصر ستحصل على شريحة تبلغ 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي هذا الشهر ضمن برنامج قرض قيمته ثمانية مليارات دولار من المؤسسة المالية الدولية.

وأعلن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف الشريحة البالغة 1.2 مليار دولار.

وأضاف في مقابلة مع قناة «أون تي في» الفضائية المصرية مساء الأحد: «إن شاء الله مجلس الإدارة (مجلس إدارة صندوق النقد الدولي) يجتمع في يناير (كانون الثاني)، وإن شاء الله سنتحصل على هذا المبلغ»، مضيفاً أن مصر لم تطلب زيادة القرض الذي تبلغ قيمته ثمانية مليارات دولار.

ووافقت مصر، التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم، ونقص العملة الأجنبية، في مارس (آذار) على برنامج صندوق النقد الدولي الموسع. وتسبب الانخفاض الحاد في عائدات قناة السويس بسبب التوتر الإقليمي على مدار العام الماضي في تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وقال كوجك أيضاً إن مصر تستهدف جمع نحو ثلاثة مليارات دولار خلال الفترة المتبقية من السنة المالية الحالية التي تستمر حتى نهاية يونيو (حزيران) من خلال «إصدارات متنوعة» للمستثمرين، لكنه لم يقدم مزيداً من التفاصيل. وكان هذا رداً على سؤال حول ما إذا كانت مصر تخطط للعودة لسوق السندات الدولية هذا العام.