«توتال» تغامر في إيران بأول عقد أوروبي للغاز

تقارير تشير إلى استمرار مخاوف الشركات الأجنبية

TT

«توتال» تغامر في إيران بأول عقد أوروبي للغاز

فيما يراه مراقبون مغامرة كبرى غير مضمونة العواقب، وقعت مجموعة توتال الفرنسية اتفاقا أمس مع إيران لتطوير حقل بارس الجنوبي للغاز بقيمة 4.8 مليار دولار، وهو ما يعد الاتفاق الأول من نوعه بين شركة أوروبية وإيران منذ أكثر من عقد، ويعد تحديا للإدارة الأميركية التي تتجه إلى تشديد العقوبات على طهران.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن إيران وقعت العقد أمس مع توتال الفرنسية و«سي إن بي سي» الصينية، وقال مصدر في وزارة النفط الإيرانية إن تكلفة أول استثمار غربي كبير في قطاع الطاقة منذ رفع العقوبات التي كانت مفروضة على طهران ستصل إلى خمسة مليارات دولار، وإن الإنتاج من المتوقع أن يبدأ خلال 40 شهرا.
ولدى توتال حصة نسبتها 50.1 في المائة في مشروع حقل بارس الجنوبي، بينما تملك «سي إن بي سي» 30 في المائة، وبتروبارس الإيرانية 19.9 في المائة. وقالت توتال إن الطاقة الإنتاجية للمشروع ستصل إلى ملياري قدم مكعبة يوميا، أو ما يعادل 400 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا، شاملا المكثفات. وإن الغاز المنتج سيجري ضخه في السوق المحلية الإيرانية بداية من عام 2021.
واتخذت توتال قرارها رغم تصعيد موقف واشنطن المعادي تجاه طهران، حيث تميل الإدارة الأميركية إلى تشديد العقوبات على إيران.
بذلك، تصبح الشركة الفرنسية المجموعة النفطية الغربية الأولى التي تعود إلى إيران منذ توقيع الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015 بين طهران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا). وأتاح الاتفاق رفعا جزئيا للعقوبات الدولية المفروضة على طهران منذ يناير (كانون الثاني) 2016، وتحاول حكومة الرئيس حسن روحاني اجتذاب الاستثمارات في قطاع الطاقة لتطوير عدة مشاريع في قطاعات النفط والغاز والبتروكيميئيات.
في يونيو (حزيران) الماضي، صوت مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية ساحقة على قانون جديد من أجل تشديد العقوبات على إيران بعد اتهامها بـ«دعم أعمال إرهابية في العالم». كما أعلن البيت الأبيض إعادة النظر في سياسته فيما يتعلق بالاتفاق النووي، ومن المفترض أن يتم الإعلان عنها في الأشهر المقبل.
وأدى الغموض المحيط بالسياسة الأميركية واحتمال تشديد العقوبات إلى تراجع في حماسة بعض الشركات الدولية مثل «بريتش بتروليوم» البريطانية، بينما اكتفت شركات مثل «شل» و«غازبروم» (روسيا) بتوقيع اتفاقات مرحلية.
وشددت شركة «بي إم آي» الاستشارية أمس الاثنين على أن «الشركات العاملة في إيران ستظل تواجه سلسلة من المشاكل البنيوية؛ خصوصا الفساد والبيروقراطية وخللا محتملا في الاستقرار»، بالإضافة إلى تردد البعض خصوصا على المستوى السياسي «بالسماح في مشاركة أجنبية في الاقتصاد».



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).