«داعش» محاصر في «المستطيل الأخير» غرب الموصل

قوات البيشمركة تصد هجوماً للتنظيم جنوب شرقي كركوك

طفل عراقي فقد عائلته خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)
طفل عراقي فقد عائلته خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» محاصر في «المستطيل الأخير» غرب الموصل

طفل عراقي فقد عائلته خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)
طفل عراقي فقد عائلته خلال المعارك في وسط الموصل أمس (أ.ف.ب)

تمكنت القوات العراقية من تحرير مناطق جديدة في الموصل القديمة، واقتربت من استعادة السيطرة على ضفة نهر دجلة، آخر معاقل تنظيم داعش، الذي بات محاصراً في مستطيل يتمثل ببضعة شوارع غرب المدينة، فيما صدت قوات البيشمركة الكردية، أمس، هجوماً موسعاً شنه مسلحو التنظيم على مواقعها في منطقة الزركة، جنوب شرقي محافظة كركوك.
وتواصلت المعارك بين القوات العراقية و«داعش»، أمس، في منطقة صغيرة جداً قدرتها مصادر أمنية بـ«بضعة شوارع»، لا تزال تحت سيطرة التنظيم غرب الموصل. وتحاصر قوات الأمن مسلحي التنظيم في منطقة مستطيلة لا تتجاوز طولها 500 متر وعرضها 200 متر، بحسب القادة الأمنيين.
وأوضح قائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان، أمس، أن قواته حررت منطقة باب السراي بالكامل، و«المرآب ذو الطوابق» وجامع الخزام، وساحة النقل الأيمن، وتواصل الاندفاع باتجاه شارع خالد بن الوليد ومنطقة النجيفي، ضمن المحور الجنوبي للمدينة القديمة. وتتقدم قوات الشرطة الاتحادية نحو منطقة الميدان والكوازين ومن ثم القليعات الواقعة على ضفة نهر دجلة.
ومن الجهة الأخرى، تندفع قوات مكافحة الإرهاب باتجاه مناطق الطواب وباب الشط والشهوان الواقعة هي الأخرى على ضفة النهر، لتحرير الأزقة الضيقة الواحد تلو الآخر من مسلحي «داعش» الذين تقل أعدادهم يوماً بعد يوم، إذ تواصل القوات استهدافهم بالمدفعية وقذائف الهاون والغارات الجوية والقنص.
ومع استمرار الاشتباكات في آخر مناطق الموصل القديمة، تسعى القوات الأمنية إلى فتح أكبر عدد من الممرات لخروج المدنيين المحاصرين الذين ما زال عدد منهم تحت أنقاض الأبنية المدمرة. وقال الضابط في قوات مكافحة الإرهاب جاسم النجفي لـ«الشرق الأوسط»: «يخرج يومياً من المدينة القديمة وبمساعدة القوات الأمنية مئات المدنيين الذين تشكل النساء والأطفال، غالبيتهم أوضاعهم سيئة جداً ويعانون من سوء التغذية؛ لذا نوفر لهم الطعام والدواء، ومن ثم ننقلهم إلى المخيمات».
وقتلت انتحارية، أمس، نازحين اثنين، وجرحت 9 أشخاص، بينهم اثنان من جهاز مكافحة الإرهاب، حين فجرت نفسها وسط مدنيين فارين من مناطق القتال في منطقة سوق الشعارين وسط الموصل القديمة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن آمر الفوج الأول في جهاز مكافحة الإرهاب المقدم مهند التميمي قوله إن الانتحارية «تونسية الجنسية، تسللت مع النازحين الفارين من هذه المناطق، وادعت أنها مصابة وتطلب المساعدة، لكنها فجرت نفسها في تجمع الأهالي حولها».
وتزامناً مع معارك الموصل، هاجم «داعش» جنوب شرقي كركوك، أمس. وقال قائد اللواء الخامس في قوات الدفاع والطوارئ في إقليم كردستان، اللواء سعيد علي محمد، لـ«الشرق الأوسط»: «كانت لدينا معلومات مسبقة دقيقة عن تكثيف إرهابيي (داعش) لعملياتهم في محور طوزخورماتو ومنطقة حليوة والزركة وصولاً إلى سد الزركة، وهذه المنطقة منطقة واسعة، وقد دخلت قوات البيشمركة إلى عمقها بمسافة تتراوح ما بين 30 و40 كيلومتراً مربعاً لمواجهة التنظيم».
وأضاف محمد الذي تتمركز قواته في طوزخورماتو: «قبل أن يهاجموا مواقعنا تصدينا لهم وألحقنا بهم أضراراً كبيرة، فبحسب معلوماتنا الاستخباراتية، قُتل منهم أكثر من عشرة مسلحين، وأصيب أكثر من 15 آخرين، ولاذ من تبقى منهم بالفرار، تاركين خلفهم كميات من الأسلحة والعتاد». ولفت إلى أن الاشتباكات جرت «على مسافة قريبة واستخدمت فيها القنابل اليدوية والرشاشات والأسلحة الخفيفة والمتوسطة الأخرى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.