لا شيء قادرا على قهر سخونة الصيف مثل المساحات الخضراء، هذا ما توصل إليه سعوديون أطلقوا هذا الأسبوع حملة إلكترونية واسعة الانتشار باسم «الحملة الوطنية للتشجير»، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تستهدف رفع الوعي بأهمية استزراع الأشجار، على اعتبار أن لها دورا كبيرا في تخفيض درجات الحرارة وحفظ الطاقة المستهلكة في التبريد بنحو 25 في المائة.
ويرى الدكتور عبد الرحمن الصقير، أستاذ في جامعة القصيم ورئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء في السعودية، أن «الحراك البيئي بشكل عام والحملات والنداءات المطالبة باحترام الأشجار وزيادة الرقعة الخضراء مؤشرات إيجابية تنم عن وعي بيئي مجتمعي متنامٍ، ومن شأنها أن تلفت الانتباه إلى أهمية الأشجار للبيئة والإنسان ودورها الجمالي والصحي وحتى الاقتصادي».
ويتابع الصقير: «قد تحفز هذه الحملات على المبادرة والابتكار في مجال التشجير داخل المدن وخارجها سواء من الجهات ذات العلاقة أو حتى من الجمعيات والمنظمات التطوعية، كما تؤكد ضرورة الاهتمام بالأشجار والمحافظة عليها، وهي في النهاية تعزز الإيجابية في المجتمع».
وبسؤاله عن دور التشجير في تخفيف سخونة الصيف، يقول: «للتشجير داخل المدن سواء في الأحياء أو الشوارع الرئيسية أو الحدائق والمتنزهات أهمية بيئية وصحية واقتصادية كبيرة، فالأشجار الكبيرة تقلل الأثر الضار للملوثات، وهي توفر الملاذ والغذاء لكثير من الكائنات الحية وتخفف حدة الرياح الساخنة المحملة بالأتربة وتخفض درجة الحرارة بمعدل يصل إلى 5 درجات مئوية».
ويؤكد الصقير أن هذا من شأنه أن يخفض استهلاك الطاقة في التبريد بنسبة قد تتجاوز 25 في المائة، مضيفا: «هذا له مردود اقتصادي وبيئي كبير. هذه المميزات وغيرها للأشجار تتحقق عندما يتم التشجير وفق الأسس الفنية الصحيحة مثل اختيار الأنواع ذات القيمة البيئية العالية وحسن التعامل مع الأشجار وتركها تكبر لتصل لحجمها الطبيعي».
ويصف رئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء، التصحر بأنه «ظاهرة عالمية تعاني منه كثير من الدول خصوصا تلك الواقعة بالقرب من الصحاري الحقيقية»، موضحا: «يسبب التصحر خسائر تزيد على 43 مليار دولار سنويا على مستوى العالم، ويؤدي إلى تدهور المراعي والأراضي الزراعية والثروة الحيوانية، كما يسبب الفقر والمجاعات والهجرات والقلاقل».
وعن وضع السعودية مع التصحر، يقول: «تعاني المملكة وبشدة من ظاهرة التصحر، ومن أهم أسبابها قطع الأشجار والرعي المشاع غير المنظم للحيوانات وبعض أنشطة التعدين وغيرها، ومن مظاهر التصحر تناقص الغطاء النباتي الطبيعي وازدياد العواصف الترابية وتدهور التربة واختلال التنوع الحيوي، وهذا يتطلب إجراءات صارمة وخططا مدروسة لوقف هذه الظاهرة، وذلك بمعالجة الأسباب المؤدية إليها، وبإطلاق مشاريع تشجير ملائمة لتعويض ملايين الأشجار التي دمرت خلال العقود الماضية».
ووفقا لدليل زراعة النباتات الملائمة لمشاريع التشجير في مناطق البيئة المختلفة، الذي أعدته وزارة الشؤون البلدية والقروية، فإن النباتات تعمل بمختلف أنواعها وأشكالها على تعديل المناخ وتلطيفه وتحسين التربة وزيادة خصوبتها ومقاومة التلوث الجوي وحدوث العواصف الغبارية وكسر شدة الرياح وتقليل الضوضاء، بالإضافة إلى الناحية الجمالية والتنسيقية والاقتصادية.
ويوضح الدليل أن من أهم العوامل التي تؤدي إلى نجاح عمليات التشجير هو اختيار الأنواع النباتية المناسبة لتحمل الظروف المناخية في مناطق المملكة البيئية المختلفة، مع الإشارة إلى كون المنطقة البيئية هي نطاق من الأرض تتميز عن غيرها من النطاقات الأخرى بمجموعة من العوامل المناخية والأرضية والطبوغرافية والإحيائية. والسعودية تتألف من 8 مناطق بيئية، بحسب الدليل، تتباين في عواملها إلى حد ما، خصوصا في العوامل المناخية والإحيائية، حيث تتميز كل منطقة من المناطق بنمو مجموعة من النباتات الخاصة بها.
جدير بالذكر أن التشجير لا يقتصر دوره على تحسين المناخ فقط، بل له دور فعال في تقليل تلوث الهواء، وذلك بحسب دراسة حديثة أعدتها منظمة الحفاظ على الطبيعة، ومقرها الولايات المتحدة، والتي كشفت أن معدل تخفيض جسيمات التلوث بالقرب من شجرة يتراوح بين 7 و24 في المائة، علما بأن هذه الجسيمات هي جسيمات ميكروسكوبية، تعلق في رئات الأشخاص الذين يتنفسون الهواء الملوث. وأكدت الدراسة أن أشجار المدن تجلب كثيرا من الفوائد للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية.
السعودية: دعوات لتلطيف الحرارة المرتفعة بـ«التشجير»
رئيس «آفاق خضراء» قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يخفض الحرارة بـ5 درجات مئوية
السعودية: دعوات لتلطيف الحرارة المرتفعة بـ«التشجير»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة