ماراثون اللحظات الأخيرة من «المهلة» يحدد مصير الاقتصاد القطري

اقتصاديون: غداً يوم حاسم في تحديد اتجاه المسارات المتاحة

ماراثون اللحظات الأخيرة من «المهلة» يحدد مصير الاقتصاد القطري
TT

ماراثون اللحظات الأخيرة من «المهلة» يحدد مصير الاقتصاد القطري

ماراثون اللحظات الأخيرة من «المهلة» يحدد مصير الاقتصاد القطري

يراقب مهتمون ومحللون، ماراثون اللحظات الأخيرة من المهلة الممنوحة لقطر، بشأن قبولها تنفيذ مطالب الدول الـ4 التي قاطعتها منذ فترة، التي تنتهي اليوم، بعين الحذر، باعتبار أن اقتصادها وخاصة عملتها، آخذة في الترنّح بشكل متسارع، بسبب إطالة أمد المقاطعة وتوسعها أفقياً ورأسياً.
ولفت الاقتصاديون إلى أن المهلة الممنوحة لقطر، إن لم تنته بشكل إيجابي، فإن الاقتصاد سيكون أكبر المتأثرين، وسيفقد الريال القطري ما تبقى له من قوة سوقية، في حين من المتوقع أن يتبع ذلك إعادة النظر من جانب بعض المؤسسات الدولية في نقل استثماراتها إلى خارج الدوحة.
وقال الاقتصادي الدكتور جبريل الزين، الذي يعمل لدى مؤسسة مالية متعددة الجهات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «غداً الاثنين سيكون يوماً فاصلاً في تاريخ الاقتصاد القطري، فإما يكون يوما لإنهاء المقاطعة القطرية، وبالتالي بدء تنفس الاقتصاد وإنعاش الريال القطريين، وإما يكون يوما لمزيد من العقوبات وإطالة أمد المقاطعة، بشكل قد تكون نتائجه وخيمة على الاقتصاد القطري، الذي أصبح في حالة ترنّح واضحة».
ويعتقد الزين، أن غداً، مهم جدا في تاريخ الاقتصاد القطري، الذي ضيّقت عليه المقاطعة بشكل غير مسبوق، حيث أصبح هناك شلل واضح في الحركة التجارية والاستثمارية والتعاملات المالية والمصرفية، مشيرا إلى أنه في حالة عدم استجابة قطر لمطلوبات دول المقاطعة، سيدخل الاقتصاد القطري في نفق مظلم، وسيستمر في ترنحّه بشكل سلبي متسارع، في ظل توقعات دخول دول أخرى في خط المقاطعة والمطالبة بمزيد من العقوبات الاقتصادية.
ويرى الزين، أن غدا، سيكون يوما حذرا وقاتما لدى الاقتصاد القطري، بافتراض أن عدم الاستجابة القطرية، بنهاية هذه المهلة الممنوحة لها، سيجعل كثيرا من المؤسسات الدولية المالية والاقتصادية، تفكر بشكل أكثر جدية، في سبيل الهروب إلى الخارج بأقل الخسائر، حتى لا تتضرر مصالحها، بفعل انعكاسات عدم الاستجابة، التي ستؤثر بشكل واضح في قيمة الريال القطري السوقية، وزيادة البنوك الممانعة للتعامل معه، والحركة المصرفية والمالية بين البنوك القطرية والبنوك الخارجية.
من ناحيته، قال الدكتور عبد الرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية والمالية في جازان بالسعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد الاقتصاد القطري، بعافية، تمكّنه من تحمّل الانعكاسات السلبية للمقاطعة، لأنه لن يستطيع الصمود لفترة أكثر مما هو محدد له، ذلك لأن هذه المهلة التي منحت لقطر وستنتهي غدا الاثنين ستكون ذات أثر إيجابي، في حال استثمرتها الدوحة، وقبلت المطلوبات المعنية من قبل دول المقاطعة».
وأضاف باعشن: «تجربة المقاطعة، أثبتت أن الآثار السلبية للاقتصاد القطري، ستتفاقم بمرور الأيام، وستتوغل في جميع مفاصل العمل الاقتصادي والتجاري والاستثماري والمالي، في وقت أصبح يعاني فيه الريال القطري من الترنح بشكل واضح، وتنخفض قيمته السوقية، في ظل تزايد البنوك التي تمانع في التعامل مع الريال»، مشيرا إلى أن هناك 5 بنوك بريطانية على الأقل تتمنع من التعامل مع الريال القطري.
ولفت، إلى أن هناك فرصة أخيرة أمام الاقتصاد القطري، تبدأ بالاستجابة القطرية غدا الاثنين، للمطلوبات التي رصدت، تعنى بوقف دعم الإرهاب والجماعات ذات الصلة، وبقية الشروط الأخرى، منوهاً بأنه في حالة تلكوء قطر أو إضاعة هذه الفرصة، سيكون اقتصادها أمام موجة عارمة من الانعكاسات السلبية، التي ستضيّق فرص نمو تجارته واستثماراته، وانتعاش عملته القطرية.
من ناحيته، قال المحلل المالي عبد الرحمن العطا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «غدا الاثنين، سيكون يوما مشهوداً للاقتصاد والريال القطريين؛ ذلك لأن الفترة الماضية، انعكست المقاطعة القطرية من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بشكل سلبي للغاية، على مجمل النشاط الاقتصادي والمالي والمصرفي القطري، حيث كثير من المشروعات توقفت بسبب إيقاف الإمداد المتعلق بمدخلاتها من الصادر الخارجي بشكل مباشر».
وأوضح العطا، أن الاقتصاد القطري، ترنح كثيرا بفعل هذه المقاطعة، بسبب إطالة أمد المقاطعة، وتوسع دائرة المقاطعة أفقياً ورأسياً، حيث لجأت بعض البنوك في الخارج إلى مقاطعة التعامل مع الريال القطري، ما تسبب بشكل واضح على قيمة الريال القطري السوقية، في ظل تخّوف بعض المؤسسات الدولية المالية من التعامل مالياً مع قطر، مشيرا إلى محاولات هروب كثير من رؤوس الأموال الأجنبية والودائع لبعض الجهات الدولية إلى الخارج، لتفادي المزيد من الضغوط على اقتصادياتها مستقبلاً.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.