مواقف لبنانية تدعم الجيش ودوره بعد عملية عرسال

«الائتلاف السوري» المعارض يطالب بمحاسبة

مواقف لبنانية تدعم الجيش ودوره بعد عملية عرسال
TT

مواقف لبنانية تدعم الجيش ودوره بعد عملية عرسال

مواقف لبنانية تدعم الجيش ودوره بعد عملية عرسال

توالت المواقف الداعمة للجيش اللبناني إثر «العملية الأمنية الاستباقية» التي نفذها يوم أول من أمس في عرسال، حيث فجّر خمسة انتحاريين أنفسهم؛ ما أدى إلى مقتل طفلة سورية، وإصابة عدد من العسكريين، في وقت أدان «الائتلاف الوطني السوري» المعارض «حملة الاعتداءات الممنهجة التي وقعت الجمعة بحق مخيمات اللاجئين السوريين»، مطالبا بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحقهم.
وأكد وزير الدفاع الوطني، يعقوب الصراف «جهوزية الجيش الدائمة في مواجهة الإرهاب»، مشيرا إلى أن «عملية الجيش تؤكد ترجمة خطاب القسم لرئيس الجمهورية والبيان الوزاري». وقال: «من المستغرب أن يتوغل إرهابيون إلى المخيمات الموجودة على أرض لبنانية وتحت رعاية دولية وهيئات إنسانية»، مضيفا: «حقوق النازح تعنينا كثيرا ورعايته واجب علينا، ولكن سنقف بالمرصاد لأي عمل إرهابي أو أمني أو فتنوي يصدع وحدتنا الوطنية وعيشنا المشترك».
وأشار الصراف إلى أن عملية عرسال أكدت على ثوابت أساسية، أهمها «الاحتضان الرسمي والمدني والشعبي من مختلف الأفرقاء الداعمين للجيش؛ مما يعني أن الإرهاب لن يدخل بسهولة إلى أراضينا، وأن الجيش مستعد دائما لتقديم الدماء من دون أي حساب عندما يتعلق الأمر بأمن الوطن والمواطنين»، مضيفا: «عندما حذرنا لضرورة الانتباه إلى موضوع النازحين والمخيمات قامت علينا الدنيا ونعتونا باللاإنسانية، ونحن لا يزايد علينا أحد بمحبتنا وعاطفتنا تجاه شعبنا السوري، لكن أمننا وسيادتنا حقوق مقدسة».
من جهته، نوه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، بعملية الجيش في جرود عرسال، وقال: «في الوقت الذي تتصاعد فيه المصاعب والتحديات والمخاطر من كل حدب وصوب، برزت العملية الأمنية النوعية التي قام بها الجيش اللبناني في جرود عرسال، حيث أجهض مخططا إرهابيا كبيرا كان يستهدف استقرار لبنان وأمنه». ورأى، أنه «من الضروري توفير كل مستلزمات الدعم السياسي واللوجيستي للجيش اللبناني، وسائر الأجهزة الأمنية الرسمية، لكي تقوم بالمهام الصعبة الملقاة على عاتقها وتحافظ على الأمن وتعطي الطمأنينة للبنانيين».
كذلك، وصف رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، العملية بـ«البطولية»، ورأى أن قائد الجيش يشكل ضمانة وطنية وأخلاقية ومناقبية عسكرية كبيرة، مضيفا: «كلنا داعمون للجيش، وكلنا نعتبر أن ما يقوم به الجيش هو لحماية الداخل اللبناني بالتكامل والتنسيق مع المقاومة في هذا البلد لحفظ أمننا الداخلي ولحفظ لبنان من انعكاسات ما يحصل في المنطقة على الساحة اللبنانية».
في المقابل، أدان «الائتلاف» في بيان له حملة الاعتداءات بحق اللاجئين التي رافقت العملية الأمنية؛ وذلك استنادا إلى الصور التي تم التداول بها، والتي أظهرت تعرض الموقوفين للضرب وتخريب المخيمات. وقال: «إن تلك الاعتداءات أسفرت عن مقتل عدد من اللاجئين السوريين، واعتقال المئات، حيث جرى إذلالهم والتعامل معهم بصفتهم رهائن لدى الجيش اللبناني وميليشيا (حزب الله)». وحمّل «الائتلاف الوطني» السلطات اللبنانية مسؤولية سلامة اللاجئين السوريين في لبنان، وأكد ضرورة محاسبة ومعاقبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي تقع بحقهم، ومنها محاولات تهجيرهم عنوة إلى مناطق أخرى، أو دفعهم للعودة إلى مناطق سيطرة النظام والميليشيات الإرهابية التابعة له.
وطالب «السلطات اللبنانية بتوفير الحماية اللازمة للاجئين السوريين وفقاً للقانون الدولي الإنساني إلى حين عودتهم إلى وطنهم، والتوقف عن استخدام الإرهاب المُدان ذريعة لإلحاق الأذى بالمدنيين العزل، ووقف عمليات الاعتقال المذلة التي تتم دون أي اعتبارات إنسانية أو قانونية».
كما أكد «الائتلاف» في بيانه، أنه بصدد مخاطبة الجامعة العربية والأمم المتحدة من جديد بشأن الأوضاع الخطيرة للاجئين السوريين في لبنان، وتحديدا في منطقة عرسال. ولفت في بيانه إلى أن «وجهاء أهالي حمص والقصير اجتمعوا واتفقوا على مطالبة الأمم المتحدة بتأمين الحماية الدولية لهم، وتأمين مناطق آمنة لهم على الحدود لا تخضع لحكم نظام الأسد»، مؤكدين في الوقت عينه أنهم «يعيشون في عرسال تحت ظل العلم اللبناني، ويحترمون سيادة لبنان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم