غارات على حدود الأردن... واستمرار قصف حي جوبر

قوات النظام السوري تصعد عملياتها في مناطق عدة

يمرون قرب مكان تعرض لغارة في ريف درعا (رويترز)
يمرون قرب مكان تعرض لغارة في ريف درعا (رويترز)
TT

غارات على حدود الأردن... واستمرار قصف حي جوبر

يمرون قرب مكان تعرض لغارة في ريف درعا (رويترز)
يمرون قرب مكان تعرض لغارة في ريف درعا (رويترز)

أعلن الجيش الأردني، أمس، أن 3 صواريخ أطلقها سلاح الجو التابع للنظام السوري على فصائل المعارضة المسلحة سقطت على مركز حدودي أردني متاخم للحدود السورية، في وقت واصلت فيه قوات النظام قصف حي جوبر شرق دمشق.
ونقل البيان عن مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية قوله إنه «في نحو الساعة 14:20 من بعد ظهر السبت وخلال عملية استهداف سلاح الجو السوري لفصائل المعارضة المسلحة داخل الأراضي السورية وبالقرب من الحدود الأردنية، تعرض مركز حدود جابر الجمركي لسقوط صاروخين من داخل الأراضي السورية، سقطا بالقرب من مبنى الدفاع المدني، فيما سقط صاروخ ثالث بالقرب من طريق جابر الرمثا».
وأوضح البيان: «لم ينتج عن ذلك أي إصابات أو أضرار مادية سوى نشوب حريق في الأعشاب الجافة ضمن المنطقة»، مشيراً إلى أن «الفرق المعنية تتعامل مع الحدث حسب اختصاصاتها».
وغالباً ما تسقط قذائف على المناطق الحدودية شمال المملكة بسبب الاشتباكات التي تدور بين فترة وأخرى في الجانب السوري.
وفي 29 سبتمبر (أيلول) 2013 سلمت وزارة الخارجية الأردنية مذكرة احتجاج للسفارة السورية في عمان بسبب سقوط قذيفة على مسجد في مدينة الرمثا أدى إلى وقوع أضرار مادية.
ويقول الأردن الذي تمتد حدوده لأكثر من 370 كلم مع سوريا إنه يستضيف أكثر من 600 ألف لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع السوري بداية 2011، بينهم نحو 80 ألفاً في مخيم الزعتري قرب حدوده الشمالية مع سوريا.
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «الطائرات الحربية شنت غارتين على مناطق في الأشعري قرب بلدة المزيريب، بريف درعا الغربي، وغارات أخرى على مناطق أخرى في بلدة صيدا ومنطقة غرز بريف درعا الشرقي، إضافة لغارة أخرى على أطراف مدينة نوى، مما أدى لأضرار مادية، بينما قصفت الفصائل المقاتلة بالصواريخ مناطق سيطرة قوات النظام في مدينة درعا، وأنباء عن خسائر بشرية جراء الاستهدافات».
على صعيد متصل، قال «المرصد» إن الطائرات الحربية «استهدفت منطقة معبر نصيب الحدودي مع الأردن والحدود السورية - الأردنية، ترافق مع قصف قوات النظام على منطقة المعبر».
وصعّد النظام السوري عملياته العسكرية ضدّ حي جوبر الواقع في العاصمة دمشق، عبر غارات جوية مكثّفة، وهجمات على مختلف محاور القتال محاولاً التقدّم عبرها. وانسحب هذا التصعيد على المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل «الجيش السوري الحرّ» في الغوطة الشرقية والقنيطرة ودرعا، وكذلك في ريفي حماة وحلب.
في التفاصيل، كانت درعا هدفاً لغارات نفذها الطيران الحربي الروسي، استهدفت المناطق والأحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في مدينة درعا وريفها، وفق تعبير أبو قصي القائد العسكري في غرفة عمليات «البنيان المرصوص»، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أيضاً أن عملية «تبادل لجثامين شهداء» مع قوات النظام و«حزب الله» في مدينة درعا يوم أمس (الأول)، رافضاً الكشف عن الجهة التي لعبت دور الوسيط في هذه الصفقة «لأن العملية تتولاها أيادٍ أمينة، وبكتمان شديد».
وأعلن «المرصد»، أن «فصائل المعارضة تسلمت جثامين بعض قتلاها الذين قضوا خلال (معركة الموت ولا المذلة) في حي المنشية بدرعا البلد، وقامت بتسليم جثث عدد من قتلى قوات النظام وحلفائه». وقال إن «عملية التبادل حصلت خلال الـ24 ساعة الماضية في درعا، حيث جرى تبادل جثامين 11 مقاتلاً من الفصائل التي تشارك في معارك مدينة درعا، مقابل تسليم جثث 9 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، ومن ضمنهم عميد في قوات النظام و4 من عناصر حزب الله اللبناني الذي دخل في معارك مدينة درعا».
ونشر ناشطون «أسماء الشهداء الذين تم تسلمهم»، مؤكدين أن «هذا التبادل جاء كمرحلة أولى، ومن المنتظر أن تتم المرحلة الثانية التي سيتسلّم بموجبها الثوار، جثامين الشهداء الذين قضوا في معركة الكتيبة المهجورة بريف درعا».
وأفادت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، بأن «الطيران الحربي استهدف منذ ساعات الصباح الأولى (أمس)، جبهة المتحلق الجنوبي في حي جوبر بأكثر من 10 غارات، وسط اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات النظام على المحور نفسه، في محاولة من الأخير لتحقيق خرق وتقدم في المنطقة». وقالت إن «معارك عنيفة جداً، تدور على جبهات عين ترما، حيث تمكن الثوار من تدمير دبابة (تي 72) وقتل طاقمها، بالإضافة لقتل وجرح كثير من المهاجمين».
وعلى محاور بلدة حوش نصري وأوتوستراد دمشق حمص الدولي، دارت معارك عنيفة، تمكن فيها مقاتلو المعارضة من إفشال محاولة تقدم لقوات النظام وأجبروها على التراجع بعد تكبدها خسائر في الأرواح، وفق «شبكة شام»، التي أشارت إلى أن «مدينة زملكا تعرضت لـ3 غارات جوية، و4 غارات استهدفت عين ترما، تزامناً مع قصف مدفعي وصاروخي استهدف مدينة دوما، خلف عدد من الجرحى بين المدنيين».
أما على الجبهة الجنوبية، فلا تزال محاور القتال في ريف القنيطرة مشتعلة، وأعلن صهيب الرحيل، المسؤول في المكتب الإعلامي لـ«ألوية الفرقان» لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام وميليشيات (حزب الله) و(قوات الدفاع الوطني)، استقدموا خلال الساعات الأخيرة تعزيزات إضافية إلى منطقة خان أرنبة ومدينة البعث، استعداداً لهجوم جديد، ومحاولة استعادة النقاط التي خسروها في المعارك التي خاضوها خلال هذا الأسبوع، في مواجهة الفصائل المنضوية تحت اسم غرفة عمليات جيش محمد». وأكد الرحيل أن «المعارك لم تتوقف بعد على طول خط النار في جبهات القنيطرة»، مشيراً إلى أن «ألوية الفرقان تصدت ليل أمس (الأول) لمحاولة تقدم جديدة للنظام وميليشياته، وحاصرت مجموعة من جنود (اللواء 90) والفرقة السابعة التابعين للنظام، وقتلت وجرحت عدداً منهم».
تصعيد النظام، لم يقتصر على دمشق والغوطة والجبهة الجنوبية، إنما امتد ليشمل مناطق سيطرة المعارضة في ريف حماة، حيث قصفت الطائرات الحربية، بلدتي تبارة الديبة والبرغوثية في ريف حماة الشرقي. وقال محمد رشيد الناطق باسم «جيش النصر» في ريف حماة لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات النظام المتمركزة في دير محردة وحلفايا وطيبة الأمام وصوران بريف حماة الشمالي، قصفت بلدتي كفرزيتا واللطامنة، وأغلب المناطق المحررة في ريف حماة الشمالي وريف إدلب بالمدفعية الثقيلة والصواريخ». وأكد رشيد، أن «مقاتلي جيش النصر استهدفوا مدينة سلحب، التي تعدّ الخزان البشري الأكبر في حماة للميليشيات الطائفية، براجمات صواريخ غراد».
وامتد قصف النظام إلى ريف حلب الشمالي، مستهدفاً تل مصيبين، بينما أعلنت الفصائل أنها استهدفت بصاروخ موجه، موقعاً للنظام في محيط بلدة رتيان بريف حلب الشرقي، أدى إلى خسائر بشرية وإعطاب جرافة عسكرية.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.