قوات «سوريا الديمقراطية» تباغت «داعش» بهجوم مضاد في الرقة

عنصر في قوات سوريا الديمقراطية بضاحية الرومانية على أطراف الرقة الغربية (أ.ف.ب)
عنصر في قوات سوريا الديمقراطية بضاحية الرومانية على أطراف الرقة الغربية (أ.ف.ب)
TT

قوات «سوريا الديمقراطية» تباغت «داعش» بهجوم مضاد في الرقة

عنصر في قوات سوريا الديمقراطية بضاحية الرومانية على أطراف الرقة الغربية (أ.ف.ب)
عنصر في قوات سوريا الديمقراطية بضاحية الرومانية على أطراف الرقة الغربية (أ.ف.ب)

شنت قوات سوريا الديمقراطية هجوما مضادا ضد تنظيم داعش لاستعادة حي مهم خسرته في شرق مدينة الرقة أمام المتطرفين، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم (السبت).
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد لوكالة الصحافة الفرنسية: «استعادت قوات سوريا الديمقراطية نحو 30 في المائة من حي الصناعة بعدما شنت مساء الجمعة هجوما مضادا لاستعادته».
وأضاف: «لا تزال الاشتباكات وغارات التحالف الدولي (بقيادة واشنطن) مستمرة في الصناعة وجبهات أخرى في المدينة»، معقل تنظيم داعش الأبرز في سوريا.
وخسر التنظيم المتطرف أساساً حي الصناعة في 12 يونيو (حزيران) أي بعد ستة أيام على دخول قوات سوريا الديمقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) مدينة الرقة بدعم من التحالف الدولي.
ويحظى الحي بأهمية «استراتيجية» لكونه على تماس مع المدينة القديمة التي يتحصن فيها المتطرفون. إلا أن المتطرفون استعادوا السيطرة عليه الجمعة غداة شنهم هجوماً معاكساً على مواقع «قوات النخبة السورية» وهم مقاتلون عرب تدعمهم واشنطن يقاتلون بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية.
وقال مصدر في «قوات النخبة» لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الهجوم كان الأعنف لداعش» الذي استخدم السيارات المفخخة والانتحاريين والطائرات المسيرة لإلقاء القنابل.
وحاصر المتطرفون خلال الهجوم، وفق المصدر «50 عنصرا من قوات النخبة قبل أن ينجح القصف الجوي المكثف لطائرات التحالف بفك الحصار عنهم».
وأتت سيطرة التنظيم المتطرف على حي الصناعة غداة قطع قوات سوريا الديمقراطية آخر منفذ له من الرقة بعد سيطرتها على كل القرى الواقعة جنوب نهر الفرات.
وتخوض هذه القوات منذ السادس من يونيو معارك شرسة داخل الرقة بدعم من التحالف الدولي بعد أشهر على بدئها حملة عسكرية واسعة تمكنت خلالها من طرد التنظيم من مناطق واسعة في محيطها.
ومع خسارتها حي الصناعة، باتت تسيطر الآن على ثلاثة أحياء بالكامل هي المشلب من جهة الشرق والرومانية والسباهية من جهة الغرب. كما تسيطر على أجزاء من أحياء أخرى بينها حطين والقادسية (غرب) والبريد (شمال غرب) وبتاني (شرق).
وتسعى قوات سوريا الديمقراطية إلى عزل وسط المدينة والتضييق على عناصر تنظيم داعش فيها.
وتعد أحياء وسط المدينة الأكثر كثافة سكانية، ما يعقد العمليات العسكرية لا سيما وأن التنظيم المتطرف يعمد إلى استخدام المدنيين كـ«دروع بشرية»، بحسب شهادات أشخاص فروا من مناطق سيطرته.
وأعربت الأمم المتحدة الأربعاء الماضي عن قلقها إزاء مصير 100 ألف مدني محاصرين في مدينة الرقة.
وسجل ارتفاع في حصيلة الضحايا المدنيين جراء غارات التحالف الدولي في الرقة لتبلغ 193 قتيلا على الأقل، بينهم 33 طفلا، منذ بدء الهجوم على المدينة، وفق المرصد السوري الذي وثق أيضاً مقتل «ما لا يقل عن 219 عنصرا من تنظيم داعش» جراء الغارات والمعارك في المدينة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم