«داعش» يستخدم طائرات «الدرون» المسلحة... فكيف يمكن مواجهتها؟

استخدام تنظيم داعش الطائرات المسيّرة المخصصة للاستخدامات المدنية والمجهزة لحمل القنابل في معركة مدينة الموصل العراقية، ما شكّل أحدث التهديدات التي واجهت قيادة العمليات الخاصة الأميركية في العراق منذ عام 2016 وحتى الآن، وفقا للقائد العسكري الأميركي ريموند توماس.
وتستفيد جماعات مختلفة حول العالم من السهولة المتزايدة للوصول إلى تكنولوجيا الطائرات المسيرة لتزويدها بالأسلحة والقنابل. ولا يصعب تصوّر استخدام هذه الطائرات المسلحة في شن هجمات إرهابية على أهداف في الغرب، حيث كان الإرهابي المسؤول عن تفجير مانشستر في مايو (أيار) الماضي قد استخدم مكوّنات ابتاعها من الأسواق المحلية، وتلقى التدريب على استخدامها في موطنه الأصلي ليبيا. ولمكافحة هذه المخاطر الجديدة، تدرس الحكومة الأميركية سن تشريعات قانونية تسمح بقرصنة أو تدمير الطائرات المسيّرة المخصصة للأغراض الإرهابية على الأراضي الأميركية. فهل تشكّل الطائرات المسيّرة الحاملة للقنابل التهديد الإرهابي الجديد؟ وهل التدابير المضادة الحالية فاعلة في مواجهتها؟ أم ينبغي على الدول الأخرى السير على الخطى الأميركية في مواجهة هذه المخاطر؟
وطرحت مجلة «نيو ساينتست» هذه الأسئلة وقالت: إن استخدام الطائرات المسيّرة في شن الهجمات الإرهابية، من الناحية النظرية، ينبغي أن يكون مثل شن العمليات الإرهابية باستخدام الدبابات المتاحة مدنياً!... أي أن هذا الأمر يُعتبر بعيداً كل البعد عن متناول الجماعات الإرهابية، نظرياً. ولكن، في حين أن الولايات المتحدة (إلى جانب حليفتها إسرائيل) كانت تسيطر، قبل خمس سنوات فقط، سيطرة شبه كاملة على مجال الطائرات المسيّرة المخصصة للأغراض العسكرية، فإنه يمكن الآن لأي شخص في أي مكان حول العالم أن يبني أو يبتاع الطائرات المسيّرة ويخصصها لأغراض الإرهاب، بحسب ما يقول أولريك فرانكي من جامعة أكسفورد البريطانية. ولقد تزايدت وتيرة استخدام هذه الطائرات مع تزايد الشركات الناشئة العاملة في التسليح، ولا سيما في مختلف مناطق الصراع حول العالم.
وفي مقدمة هذه الشركات، هناك شركة «ماتريكس» الأوكرانية للطائرات «الدرون» المسلحة، التي تعمل على صناعة أول طائرة مسيّرة قادرة على إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات من الجو. ويبلغ طول أجنحة هذه الطائرة متراً واحداً تقريباً، وهي ليست في مستوى انسيابية وسلاسة الطائرة المسيّرة العسكرية الأميركية. ولكن المظاهر غالباً ما تكون خادعة: فهي ستكون قادرة على تدمير المركبات المدرعة في ساحات القتال. وإثر تمويل سخي من أحد رجال الأعمال الأوكرانيين غير المعروفين، والذي يستثمر أمواله في هذا المشروع الرائد، فإن الشركة الأوكرانية ستختبر النموذج الأولي من الطائرة الجديدة في غضون أربعة شهور على الأكثر. ويأمل المدير التنفيذي للشركة يوري كاسيانوف، الصحافي السابق، في تصدير الطائرة الجديدة إلى الحكومات حول العالم مقابل 100 ألف دولار للطائرة الواحدة. وهذا السعر رخيص للغاية مقارنة بأسعار الطائرة الغربية المسيّرة المخصصة للأغراض العسكرية، التي تراوح أسعارها بين 6 و14 مليون دولار للطائرة الواحدة، بحسب «نيو ساينتست».
ويعتبر الأمر ممكناً بالنسبة إلى هذه الطائرة الأوكرانية بسبب الانخفاض الكبير في تكاليف إنتاج الطائرات «الدرون» المدنية والأيدي العاملة الرخيصة للغاية في أوكرانيا. لكن إن نجحت الشركة الأوكرانية في مساعيها فسيسهل الأمر كذلك على شركات أخرى من دول أخرى. وطائرة كهذه إن وقعت في أيدي الإرهابيين ستتيح لهم القدرة على التسلل نحو القوات المعارضة وتوجيه الهجمات القاتلة من السماء ضد المركبات المدرعة، والدبابات، والمباني، وقوات المشاة.
ولسوف يشكّل ذلك خطوة مهمة وخطيرة بعد العبوات الناسفة الطائرة التي استخدمها تنظيم داعش في العراق. وفي الوقت الذي بدأ فيه الجيش العراقي حملته المستمرة لاستعادة مدينة الموصل في العام الماضي، واجهت القوات العراقية هجمات بأسلحة غير معتادة، مثل طائرات «الدرون» التي تحمل القنابل الهابطة على الجنود من الجو. ويقول فيلي بيكا كيفيماكي، المحلل العسكري الفنلندي: «لم تكن القوات العراقية تتوقع شن الهجمات عليها بواسطة القنابل الصغيرة المحملة على متن الطائرات المسيرة الصغيرة والتي تتساقط عليهم من السماء على نحو مفاجئ».