الرئيس المصري: «30 يونيو» بداية رفض حكم «الإخوان»... ومواجهة القوى الداعمة للإرهاب

رفع أسعار المحروقات يخيّم على ذكرى الثورة واحتفالات محدودة وسط تشديدات أمنية بمحيط السجون

الرئيس المصري يلقي كلمته في ذكرى ثورة يونيو أمس («الشرق الأوسط})
الرئيس المصري يلقي كلمته في ذكرى ثورة يونيو أمس («الشرق الأوسط})
TT

الرئيس المصري: «30 يونيو» بداية رفض حكم «الإخوان»... ومواجهة القوى الداعمة للإرهاب

الرئيس المصري يلقي كلمته في ذكرى ثورة يونيو أمس («الشرق الأوسط})
الرئيس المصري يلقي كلمته في ذكرى ثورة يونيو أمس («الشرق الأوسط})

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته أمس بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين: إن «30 يونيو» كانت بداية رفض الحكم الفاشي الديني، وكانت تصحيحا للمسار وإثبات على استحالة العبث بحياة الشعوب ومقدراتها... كما كانت بداية لاستعادة مصر دورها الإقليمي النشط، ومواجهتها للدول التي تسعى في المنطقة خرابا عن طريق تمويل ورعاية الإرهاب وجماعاته.
مؤكدا، أن الثورة كانت أيضا بداية لقيام مصر بمساندة الدول الشقيقة في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية. في حين هيمنت على مصر أجواء الغضب والقلق عقب إجراءات اقتصادية اتخذتها الحكومة برفع أسعار المحروقات.
وأحيا المصريون أمس الذكرى الرابعة لمظاهرات «30 يونيو» في احتفالات محدودة للغاية، حين خرج الملايين قبيل أربع سنوات احتجاجا على حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان؛ للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، حتى تم عزله عن الحكم في 3 يوليو (تموز) 2013، بمساندة الجيش، الذي كان يقوده السيسي آنذاك.
ونظم العشرات من أهالي الإسكندرية وقفة عقب صلاة الجمعة أمس بميدان القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل، وحملوا صورا للرئيس السيسي وأعلام مصر، بالإضافة إلى صور للسيسي مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كتبوا عليها «مصر لن تركع».
وشهدت القاهرة والمحافظات المصرية عروضا جوية وبحرية للقوات المسلحة احتفالا بذكرى الثورة، وفتحت المتاحف والمزارات العسكرية أبوابها بالمجان للجمهور، وعزفت عناصر الموسيقى العسكرية أمام المواطنين موسيقى الأناشيد والمقطوعات الوطنية بالقاهرة الكبرى، بميدان عابدين وأمام قلعة محمد علي وبانوراما حرب أكتوبر (تشرين الأول)، والنصب التذكاري للجندي المجهول، ومختلف الميادين الكبرى بالمحافظات كافة، وسط تأهب أمني؛ خوفا من أعمال عنف من قبل عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، وبخاصة في محيط المنشآت الحكومية والسجون.
وقال السيسي في كلمته للمصريين أمس بثها التلفزيون الرسمي في البلاد، بعد أربع سنوات بات صوت مصر مسموعا، ورؤيتها لإعادة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط موضعا للتقدير ومحلا للتنفيذ، وظهرت النوايا التي كانت مستترة من بعض الأشقاء (لم يسمهم السيسي) وغير الأشقاء على حقيقتها، مضيفا: «في مثل هذه الأيام انتفض المصريون بأعداد غير مسبوقة ليسطروا ملحمة وطنية فريدة عمادها الحفاظ على الوطن أرضه وهويته واستقلاله وحريته من قوى تصورت أنها نجحت في السيطرة على مقدرات هذا الشعب.
وتوقف السيسي في كلمته عند ثلاثة مسارات، الأول رفض الحكم الفاشي الديني، ورفض الاستئثار بالسلطة، ومواجهة ما يترتب على هذا الرفض من إرهاب وعنف، حيث أعلنت الثورة منذ البداية أن شعب مصر لا يقبل ولن يقبل سطوة أي جماعة أو فئة، وأن الدين لله والوطن للجميع، فرفضت مصر الرضوخ للإرهاب، سواء المادي أو المعنوي، وأمر الشعب قواته المسلحة وشرطته بمواجهة الإرهاب والقضاء عليه.
مضيفا: «أما المسار الثاني الذي فرضته الثورة، فكان مواجهة القوى الخارجية الداعمة للإرهاب ولجماعات التطرف (والتي لم يسمها)، فكانت الثورة بداية لاستعادة مصر لدورها الإقليمي النشط، ومواجهتها للدول التي تسعى في المنطقة خرابا عن طريق تمويل ورعاية الإرهاب وجماعاته».
وأعلنت عدد من الدول في مقدمتها المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر لتمويل الجماعات الإرهابية.
وحيا السيسي المصريين على تحملهم القرارات الصعبة التي تم اتخاذها للإصلاح الاقتصادي في البلاد، عقب أن تحدث عن المسار الثالث، وهو مسار التنمية بشقيها السياسي والاقتصادي.
وكانت الحكومة المصرية قد رفعت أول من أمس أسعار وقود وسائل المواصلات بنسب تتراوح بين 5.6 و55 في المائة. وهذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. كما ارتفع سعر أسطوانة غاز الطهي (البوتاجاز) 100 في المائة إلى 30 جنيها من 15 جنيها. ويرى مراقبون، أن «هذه الإجراءات رفعت درجة الغضب والاحتقان في الشارع خوفا من ارتفاع جديد لجميع أسعار السلع الاستهلاكية»، في وقت تشدد الحكومة من إجراءاتها لضبط ومراقبة الأسواق لمنع زيادة الأسعار، فضلا عن مراقبة حركة المواصلات ومواقف السيارات الأجرة التي تشهد مشاجرات ومشاحنات لليوم الثاني على التوالي بسبب تعريفة الركوب.
في السياق ذاته، رفعت وزارة الداخلية درجات الاستعداد أمس في تأمين الأهداف الحيوية بالدولة، وعززت الأجهزة الأمنية من تواجدها بمحيط السجون والمواقع الشرطية والمنشآت الحيوية، من خلال الدفع بتشكيلات أمنية وقوات الأمن المركزي والعمليات الخاصة ووحدات التدخل السريع.
وقال مصدر أمني إن «الأجهزة الأمنية استعانت بضباط قسم المفرقعات والأجهزة الحديثة للكشف عن الأجسام الغريبة والكلاب البوليسية لتمشيط محيط المناطق الحيوية، وتم إعلان حالة الاستنفار الأمني في الشوارع والميادين العامة على مستوى محافظات مصر».
مضيفا: «جاء ذلك في وقت نجحت أجهزة الأمن في توجيه ضربات استباقية خاصة في المناطق الملتهبة، مثل سيناء باستهداف العناصر المتطرفة قبل ارتكابها أي أعمال تخريبية تستهدف أمن واستقرار البلاد، فضلا عن الحملات الأمنية لاستهداف المساكن المؤجرة التي يستخدمها الإرهابيون أوكارا لإدارة أعمالهم الإرهابية، ومعامل لتصنيع المواد المتفجرة في بعض الأحياء الشعبية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.