معركة القنيطرة... هجمات متبادلة في مدينة البعث

المعارضة: الهدف تحرير مواقع عسكرية من قبضة النظام و«حزب الله»

فصائل معارضة في معركة مع قوات النظام والميليشيات الموالية له بمدينة البعث قرب القنيطرة أول من أمس (أ.ف.ب)
فصائل معارضة في معركة مع قوات النظام والميليشيات الموالية له بمدينة البعث قرب القنيطرة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

معركة القنيطرة... هجمات متبادلة في مدينة البعث

فصائل معارضة في معركة مع قوات النظام والميليشيات الموالية له بمدينة البعث قرب القنيطرة أول من أمس (أ.ف.ب)
فصائل معارضة في معركة مع قوات النظام والميليشيات الموالية له بمدينة البعث قرب القنيطرة أول من أمس (أ.ف.ب)

تواصلت المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلّحة في ريفي القنيطرة الأوسط والشمالي، خصوصاً في أطراف مدينة البعث، حيث ينفّذ الطرفان هجمات متبادلة، في الوقت الذي قصفت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي مواقع لقوات النظام في ريف القنيطرة، رداً على سقوط قذائف في الجولان المحتل، في حين تعرّضت جبهات القتال في مدينة درعا وريفها لغارات جوية شنتها طائرات النظام، واستهدفت المواقع التي تسيطر عليها المعارضة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «الاشتباكات تجددت بين فصائل المعارضة من جهة وبين قوات النظام والمسلحين الموالين له من جهة ثانية، إثر هجوم مضاد نفذه الأخير على بلدة رويحينة بريف القنيطرة، بغية استعادة مواقع ونقاط سيطرت عليها الفصائل في الهجوم الذي بدأته يوم السبت الماضي». وأوضح «المرصد» أن «المعارك التي ترافقت مع قصف صاروخي، مكنت قوات النظام من تحقيق بعض التقدم في المنطقة»، مؤكداً أن «معارك أخرى دارت بين الطرفين في محيط مدينة البعث، وبلدة أرنبة، إثر هجوم نفذته الفصائل وتمكنت خلاله من السيطرة على عدد من مواقع النظام، ليعاود الأخير هجومه ويستعيد بعضها». ووثّق المرصد مقتل 30 عنصراً من الطرفين خلال الساعات الماضية.
وأوضح العقيد يوسف المرعي، قائد «الفرقة 46 مشاة» في الجبهة الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة القنيطرة التي تحمل اسم (معركة الطريق إلى دمشق)، تسير وفق الاستراتيجية العسكرية المرسومة لها». وأكد أن المعركة «تهدف إلى تخفيف الضغط الذي تمارسه قوات النظام وميليشياته على أكثر من جبهة في مدينة درعا، وتحرير مواقع عسكرية من قبضة النظام و(حزب الله) في ريف القنيطرة الشمالي». وقال المرعي إن «الثوار حققوا تقدماً مهماً في ريف القنيطرة، ونجحت الخطة في تخفيف الضغط عن محاور درعا»، مشيراً إلى أن «فصائل الثورة تمكنت من تحرير مواقع ونقاط مهمّة، لكنّ النظام لا يتوقف عن شنّ الهجمات يومياً، محاولا استرجاع المواقع التي خسرها».
ولا تزال مدينة درعا هدفاً للغارات الجوية، حيث قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة، ظهر أمس، مناطق في درعا البلد في مدينة درعا، فيما قصفت الطائرات الحربية قرية الجسري بمنطقة اللجاة بريف درعا الشمالي الشرقي، وبلدة أم المياذن ومنطقة الري على الطريق الواصل بين بلدتي المزيريب واليادودة، وامتد القصف إلى منطقة جمرك نصيب قرب الحدود الأردنية - السورية.
ورغم الخسائر التي تخلّفها الغارات الجوية، فإن العقيد يوسف المرعي أوضح أن «نتائج معركة درعا تصبّ في مصلحة الثوار». وقال: «منذ 25 يوماً استخدم النظام والميليشيات الموالية له، أقصى قدراتهم العسكرية والقتالية، ورغم الدعم الجوي الروسي بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، فإنهم لم يتمكنوا من اختراق أي جبهة، أو استعادة نقطة واحدة من النقاط التي خسروها في معركة (الموت ولا المذلة)». وقال إن «الحملة الشرسة التي استخدم فيها النظام وحلفاؤه كل أنواع الأسلحة، بما فيها البراميل المتفجرة وقنابل النابالم الحارقة وصواريخ (الفيل) على مدينة درعا وريفها، ليست إلا محاولة للتغطية على فشلهم، وعلى الخسائر التي لحقت بهم».
بدورها، نشرت غرفة عمليات «البنيان المرصوص» العاملة في مدينة درعا، إحصائية تظهر الخسائر التي تكبدها النظام وميليشياته، والغنائم والأسلحة التي استولت عليها بعد الهجمات التي شنتها على حيي المنشية وسجنة بدرعا البلد ضمن معركة «الموت ولا المذلة».
وأكدت الغرفة في بيان أن العناصر المنضوين تحت رايتها «تمكنوا خلال المعارك التي جرت في حيي سجنة والمنشية، من تدمير 30 نفقاً لقوات النظام، وطائرتي استطلاع ومنصتين لإطلاق الصواريخ وآليات عسكرية». وأشارت إلى أنها «تمكنت من أسر 9 من عناصر النظام والميليشيات الطائفية، وقتل إيرانيين اثنين، و29 قياديا وعنصراً من (حزب الله)، و70 ضابطاً برتبة ملازم، و10 برتبة نقيب، و4 برتبة رائد، و4 برتبة مقدم، و6 برتبة عقيد، و3 برتبة عميد». وقالت إن «225 عنصراً من جيش النظام ومرتزقته، قتلوا خلال الاشتباكات التي جرت ضمن معركة (الموت ولا المذلة)».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.