تركيا تواصل قصف ريف حلب... وتعزيزات كردية إلى عفرين

وزيرا الدفاع التركي والأميركي بحثا تسليح الأكراد في بروكسل

نازحون سوريون ينتظرون عند نقطة تفتيش كردية بين أعزاز وعفرين شمال حلب قرب الحدود التركية (إ ف ب)
نازحون سوريون ينتظرون عند نقطة تفتيش كردية بين أعزاز وعفرين شمال حلب قرب الحدود التركية (إ ف ب)
TT

تركيا تواصل قصف ريف حلب... وتعزيزات كردية إلى عفرين

نازحون سوريون ينتظرون عند نقطة تفتيش كردية بين أعزاز وعفرين شمال حلب قرب الحدود التركية (إ ف ب)
نازحون سوريون ينتظرون عند نقطة تفتيش كردية بين أعزاز وعفرين شمال حلب قرب الحدود التركية (إ ف ب)

في وقت شهدت فيها الحدود التركية السورية تصعيداً بين القوات التركية والميليشيات الكردية بشمال سوريا جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الحديث عن إمكانية القيام بعملية جديدة على غرار درع الفرات، لكن الهدف هذه المرة سيكون ضم منبج والرقة إلى مناطق سيطرة فصائل الجيش السوري الحر الموالية لتركيا.
وسبق للرئيس التركي أن أكد مراراً خلال المعارك التي دارت في إطار عملية درع الفرات التي امتدت من أغسطس (آب) العام الماضي إلى مارس (آذار) 2017 على محور جرابلس أعزاز، ودخلت حتى مدينة الباب، أن عملية «درع الفرات» ستتجه إلى منبج والرقة، قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ أواخر مارس.
وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها إردوغان عن عملية في الرقة، التي انطلقت عملية لتحريرها من تنظيم داعش الإرهابي بواسطة التحالف الدولي بالتنسيق مع تحالف قوات سوريا الديمقراطية، الذي يغلب على تشكيله وحدات حماية الشعب الكردية، بعد أن رفضت واشنطن طلبات متكررة من أنقرة للقيام بالعملية معا واستبعاد الميليشيات الكردية.
وأكد إردوغان في مقابلة مع صحيفة «إزفيستيا» الروسية استعداد بلاده لعمل عسكري جديد في شمال سوريا، وإلحاق الرقة ومنبج بمنطقة مسؤوليتها ضمانا لأمن الحدود التركية إذا اقتضت الضرورة قائلاً: «نحن على استعداد تام للعمل العسكري لدى شعورنا بأدنى خطر قد يهدد بلادنا».
واعتبر إردوغان أن سوريا تشهد في الوقت الراهن عمليات سلبية... قائلاً: «إذا تمخض عن هذه العمليات أي خطر يهدد أمن حدودنا، سوف نرد، كما فعلنا خلال عملية درع الفرات».
وجدد إردوغان أسفه تجاه ما سماه: «تواطؤ شركاء استراتيجيين لأنقرة مع (الإرهابيين) من تنظيمي (حزب العمال الكردستاني)، وجناحه العسكري المتمثل في (وحدات حماية الشعب) الكردية الناشطة شمال سوريا (في إشارة إلى دعم أميركا وحدات حماية الشعب الكردية بالأسلحة في إطار الحرب على داعش)».
في غضون ذلك، أعلن الجيش التركي أمس قصف أهداف تابعة للميليشيات الكردية في مدينة عفرين، التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.
وقال الجيش إنه وجه ضربات محددة لمواقع الميليشيات الكردية بواسطة المدفعية الثقيلة المنتشرة على الحدود، وذلك بموجب قواعد الاشتباك رداً على إطلاق نار استهدف القوات التركية انطلاقاً من هذه المناطق، وأن القوات التركية ردت وفق القانون الدولي وستواصل ردها على أي عمليات إطلاق نار مماثلة.
وفي بيان آخر، أعلن الجيش التركي تدمير أهداف لوحدات حماية الشعب الكردية، بعد إطلاق النار على قوات تدعمها تركيا في شمال سوريا، لافتاً إلى أن وحدات حماية الشعب الكردية أطلقت نيران الأسلحة الآلية على وحدات للجيش السوري الحر في منطقة مرعناز جنوبي بلدة أعزاز بشمال سوريا.
وردت القوات التركية بإطلاق نيران المدفعية خلال ليل الثلاثاء، ودمرت أهدافاً لوحدات حماية الشعب الكردية، وتم تحييد بعض مقاتليها بحسب البيان.
وبحث وزير الدفاع التركي فكري إيشيك مع نظيره الأميركي جيمس ماتيس على هامش اجتماعات وزراء دفاع الدول الأعضاء بالناتو في بروكسل، أمس، التطورات في سوريا، لا سيما فيما يتعلق بالتعاون الأميركي مع الميليشيات الكردية والضمانات التي قدمتها واشنطن بشأن سحب أسلحة وحدات حماية الشعب الكردية بعد انتهاء عملية الرقة.
وكان ماتيس استبق لقاءه نظيره التركي بتصريحات، أول من أمس، لمح فيها إلى احتمال مواصلة تسليح الميليشيات الكردية حتى بعد تحرير الرقة.
في السياق نفسه، وصف مايكل دوران المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي، تزويد واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية بالأسلحة، بأنه خطوة خاطئة، قائلاً إنه يشاطر الحكومة التركية مخاوفها في هذا الصدد.
وقال دوران خلال مشاركته أمس في ندوة حول «الحرب السورية والأمن الإقليمي»، في واشنطن، إنه لا يرى استراتيجية واضحة للولايات المتحدة في المنطقة، وإن الاتجاه الذي تسلكه الإدارة الأميركية الحالية ما زال يعبر عن نوع من التخبط.
واعتبر دوران، وهو خبير في معهد هدسون للدراسات الاستراتيجية، أن إقامة تواصل جيد مع تركيا ضروري جدّاً بالنسبة لترمب، إذا أراد وضع استراتيجيات محددة ضد النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة.
ويستمر التوتر بين الجيش التركي وفصائل المعارضة المدعومة من قبل أنقرة من جهة، و«وحدات حماية الشعب الكردية» و«قوات سوريا الديمقراطية» من جهة أخرى، في ريف حلب شمال سوريا، مع استمرار الاشتباكات والتحشيد العسكري المتبادل.
وفيما نقلت وكالة «آرا نيوز»، أمس الأربعاء، عن مصادر عسكرية كردية أن وحدات الحماية والفصائل المتحالفة معها ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» استقدمت تعزيزات كبيرة إلى ريف عفرين، مكونة من أعداد كبيرة من المقاتلين والدبابات والأسلحة الثقيلة، أكد الناطق العسكري باسم «الجبهة الشامية» أبو رياض بالمقابل، وصول مزيد من التعزيزات التركية إلى منطقة عمل فصائل «درع الفرات»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التحضيرات للمعركة لا تزال مقتصرة على الطرف التركي. وقال: «نحن كجزء من غرفة عمليات درع الفرات لم نُبلّغ بأي تفاصيل من تركيا بخصوص هذه العملية، وإن كنا على تنسيق دائم معها».
واستبعد أبو رياض تماماً أن تكون أنقرة تستعد لشن المعركة بالتعاون مع فصيل أو مجموعة محددة لم تعلن عنها بعد، لافتاً إلى أن ذلك غير ممكن، خاصة وأننا كـ«جبهة شامية» نرابض على كل الجبهات مع «قسد». وأضاف: «أما هدف العملية العسكرية المرتقبة فهو كسر شوكة (وحدات الحماية) التي تتحكم بمصير المنطقة هناك، وإعادة نحو 250 ألف مهجر ونازح إلى قراهم ومناطقهم التي احتلتها (قسد)، وفتح طريق بيم إدلب والريف الشمالي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم