على رغم الصيغة القانونية والدستورية التي تحكم العلاقة بين رئيس الوزراء حيدر العبادي وهيئة «الحشد الشعبي» التي ينص قانونها على خضوع وجودها وتحركاتها لقيادة رئيس الوزراء، إلا أن ذلك لم يمنع «مماحكات» علنية ومضمرة بين العبادي وبعض قادة «الحشد».
ففي مطلع الشهر الحالي، أعلن العبادي بلهجة حاسمة أنه لن يسمح لـ«الحشد الشعبي»، بعبور الحدود إلى سوريا، في سياق رده على تصريحات للقيادي في «الحشد» أبو مهدي المهندس.
وقبل ذلك بأسابيع، وجّه العبادي انتقادات شديدة إلى بعض المنخرطين في «الحشد»، حين قال إنهم «يخطفون الناس ويريدون المشاركة في الانتخابات». وجاء كلامه على خلفية صدامات بين عناصر من «عصائب أهل الحق» وسيطرة أمنية حكومية في بغداد.
ويرى مراقبون للشأن العراقي أن التوتر بين العبادي وبعض قادة «الحشد»، يستند في إحدى صوره إلى رغبة رئيس الوزراء، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، في السيطرة على مفاتيح العمل الأمني والخطط العسكرية، في ظل حرب تخوضها البلاد ضد تنظيم داعش، في مقابل إصرار بعض فصائل «الحشد» المدعومة إقليميا على لعب دور «أكبر» مما يسمح به العبادي.
وفي الأيام الماضية، ظهرت بوادر جديدة لتصدع في العلاقة بين الجانبين، إذ وجّه العبادي نقداً مباشراً إلى أداء فصائل «الحشد الشعبي» في معركة قضاء تلعفر، غرب الموصل، فرد عليه القيادي في «الحشد» رئيس «منظمة بدر» هادي العامري بانتقادات مماثلة.
وقال رئيس الوزراء خلال لقائه صحافيين يمثلون وسائل إعلام محلية الأسبوع الماضي، عشية جولته الإقليمية التي شملت السعودية وإيران والكويت: «قبل أربعة أشهر أعطيت الإذن للحشد بدخول قضاء تلعفر، لكنهم تلكأوا، ولا أدري ما السبب في عدم تحركهم لتحرير المدينة. لقد أعطوني تبريرات، لكنها غير مقنعة، لدي تبريري لكنني لا أفضل الكلام فيه».
ولا يعرف على وجه الدقة سبب توجيه العبادي النقد إلى فصائل «الحشد»، لكن ربما جاء كلام العبادي في سياق علاقة التوتر القائمة بينه وبين بعض قيادات «الحشد»، وقد يكون أراد عشية جولته الإقليمية التلويح بعدم التزام بعض الفصائل بأوامره، في رسالة مضمرة لإيران التي ترعى هذه الفصائل.
ورد القيادي في «الحشد الشعبي» هادي العامري على كلام العبادي قائلاً إن رئيس الوزراء «لا يدري لماذا لم ندخل مدينة تلعفر»، خلال مقابلة مع محطة تلفزيونية تابعه لـ«عصائب أهل الحق» أول من أمس. وشكا العامري من أن «الحشد يتوسل في أحيان كثيرة، ويرجو العبادي حتى يحصل على موافقته لتنفيذ أي عملية عسكرية».
وكشف عن أن فصائل «الحشد» غالباً ما تدخل في «جدل وخلاف وصراع» مع رئيس الوزراء. وأضاف: «هناك كيل بمكيالين، يُطلب منا تحرير البعاج وهي منطقة ذات غالبية سنية، ولا يسمح لنا بتحرير تلعفر وهي منطقة مشتركة بين السنة والشيعة». وعن الأسباب التي حالت دون دخول قوات الحشد قضاء تلعفر، قال: «قيل لنا اذهبوا وحرروا تلعفر، لكن ابقوا على حدود المدينة ولا تدخلوها لحين وصول قوات الجيش. ثم جرى اتصال بقيادة العمليات، فأبلغتنا بعدم وجود قوة كافية لدخول المدينة. نحن لا نستطيع الوقوف على مشارف المدينة، لأن ذلك يكلفنا مزيداً من الخسائر».
وحمّل العامري رئيس الوزراء مسؤولية «منع السيطرة على الحدود»، معتبراً أنه «لا أمل للعراق من دون السيطرة على الحدود، ويجب أن يوضع رئيس الوزراء أمام ضغط الجمهور ومجلس النواب».
وتشير مصادر قريبة من «الحشد الشعبي» إلى أن خلاف العبادي مع قيادات في الحشد ناجم عن تحرك كبير لفصائل في الأخير للسيطرة على الشريط الحدودي مع سوريا، عقب السيطرة على منفذ الوليد بين البلدين، وهو ما يعارضه العبادي والولايات المتحدة، إذ تشير تقارير إلى هدف إيران المتمثل بتأمين الطريق الرابطة بين طهران ودمشق عبر الأراضي العراقية، باستخدام حلفائها في «الحشد».
بوادر «تصدع» في علاقة العبادي وقادة في «الحشد»
انتقادات متبادلة على خلفية محاولة السيطرة على الحدود مع سوريا
بوادر «تصدع» في علاقة العبادي وقادة في «الحشد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة