ملفات شائكة أمام القمة الأفريقية المقبلة... واجتماع وزراء الخارجية الجمعة

تبحث قضايا الإرهاب والهجرة والنزاعات في ليبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وإصلاح الاتحاد

زورق يقل مهاجرين أفارقة قبالة السواحل الليبية (أ.ف.ب)
زورق يقل مهاجرين أفارقة قبالة السواحل الليبية (أ.ف.ب)
TT

ملفات شائكة أمام القمة الأفريقية المقبلة... واجتماع وزراء الخارجية الجمعة

زورق يقل مهاجرين أفارقة قبالة السواحل الليبية (أ.ف.ب)
زورق يقل مهاجرين أفارقة قبالة السواحل الليبية (أ.ف.ب)

تتسارع التحضيرات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لإطلاق أعمال القمة الأفريقية العادية التاسعة والعشرين في الفترة بين الثالث والرابع من يوليو (تموز) المقبل بمشاركة 54 رئيسا أفريقيا، تحت عنوان «تسخير العائد الديموغرافي من خلال الاستثمار في الشباب».
وانطلقت اجتماعات المندوبين الدائمين للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي منذ الثلاثاء الماضي، فيما تنعقد اجتماعات المجلس الوزاري للاتحاد يومي الجمعة والسبت على مستوى وزراء الخارجية. ووفقاً لجدول أعمال القمة فإن اجتماعات المندوبين الدائمين تناقش مذكرة تفاهمية لإعلان عام 2018 السنة الأفريقية لمكافحة الفساد. ويتوقع أن تبحث القمة التحديات التي تواجه البلدان الأفريقية والتي تتطلب توحيد الجهود، لا سيما حالات تصاعد النزاعات والصراعات في عدد من البلدان الأفريقية مثل ليبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، فضلاً عن تمدد الإرهاب في حوض بحيرة تشاد والساحل الأفريقي الذي تمثله جماعة «بوكو حرام». ووفقاً لتقارير صحافية يسعى القادة الأفارقة للوصول لحلول تشاورية تتعلق بالصراعات والنزاعات والهجرة وإصلاح وإعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي، وتقوية التعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين. ومن المنتظر أن يجمع الأعضاء على فكرة استبعاد الحلول العسكرية للنزاعات في ليبيا وجنوب السودان، واتخاذ الحوار حلا للأزمات التي تواجه هذه البلدان.
ويقود الرئيس السوداني عمر البشير وفد بلاده إلى القمة، فيما يترأس وزير الخارجية إبراهيم غندور الوفد الوزاري الممهد لاجتماعات قمة الرؤساء. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية قريب الله الخضر في تصريحات، إن الجهود التحضيرية كشفت عن اكتمال ملفات مشاركة السودان في القمة، وإن الوفد الفني على مستوى المندوبين الدائمين، الذي يضم بعثة البلاد في أديس أبابا وإدارة الاتحاد الأفريقي والمنظمات شبه الإقليمية وممثلي بعض الوزارات، دخلوا الاجتماعات التحضيرية منذ أول من أمس 27 يونيو (حزيران)، وتستمر حتى التاسع والعشرين منه، للتمهيد لاجتماعات المجلس التنفيذي الوزاري في الثلاثين من الشهر. وأكد السفير الخضر ثقة السودان في استمرار الدعم الأفريقي القوي ومناصرة القادة الأفارقة للقضايا التي تهم السودان كافة، لا سيما بعد الذي أحرزه خلال الفترة الماضية في مجال تحقيق الأمن والاستقرار وتطبيع الأوضاع في دارفور والدور الإيجابي المتزايد على الصعيدين الإقليمي والدولي وإنجاز الوفاق الوطني بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية على الساحة المحلية، وذلك استناداً على الدعم الأفريقي له.
من جهتها، توجهت وزيرة الضمان والتنمية الاجتماعية السودانية مشاعر الدولب أمس، إلى أديس أبابا على رأس الوفد السوداني المشارك في «الاجتماعات رفيعة المستوى للمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة»، التي تنعقد في الفترة من 29 - 30 الحالي على هامش القمة. ووفقاً للمشرفة على الإدارة العامة للمرأة بالوزارة سعاد عبد العال، فإن الاجتماعات ستدفع باستراتيجيات ملموسة وتوصيات واضحة وخريطة طريق للاتحاد الأفريقي تركز على تمكين البنات والفتيات، فضلاً عن تسخير العائدات للاستثمار في الشباب وتمكين المرأة، باعتبار الاجتماعات آلية بارزة لصون حقوق المرأة الأفريقية وتمكينها.
من جهة أخرى، أعلن مجلس أحزاب الوحدة الوطنية -الأحزاب المشاركة في الحكومة - تكوين لجنة مكونة من قوى سياسية وشخصيات وطنية لتنشيط مبادرته للتفاعل الوطني بين المكونات السياسية، للجلوس مع الممانعين والرافضين لمشروع الحوار الوطني، وذلك لتوحيد الرؤى وتفعيل العمل الجماعي لبناء السلام، وتوظيف القواسم الوطنية المشتركة دون إقصاء. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن الأمين العام للمجلس عبود جابر أمس، أنه يتوقع انضمام قوى سياسية ممانعة للحوار الوطني، وأن توقع هذه القوى على الوثيقة الوطنية قريباً، لا سيما أن الجميع تأكدوا من تنزيل مخرجات الحوار لأرض الواقع. ودعا جابر رئيس حزب الأمة الصادق المهدي لتفعيل دوره الوطني المشهود، والمضي قدماً مع القوى السياسية ورئيس الجمهورية في تسريع إنزال مخرجات الحوار والمشاركة الجماعية، وتعزيز البداية الجادة لحكومة الوفاق الوطني للمحافظة على البلاد، قاطعاً بأن ما أحرزه الحوار الوطني تواصلٌ سينهي التقاطعات السياسية بين الأحزاب والقوى السياسية الرافضة للمشاركة في الحوار.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.