البرلمان المصري يتجه لإقرار قانون لتكريم ضحايا الإرهاب في ذكرى «30 يونيو»

يمكّن أبناءهم من الالتحاق بالكليات العسكرية والوظائف ويضم مزايا اجتماعية

البرلمان المصري يتجه لإقرار قانون لتكريم ضحايا الإرهاب في ذكرى «30 يونيو»
TT

البرلمان المصري يتجه لإقرار قانون لتكريم ضحايا الإرهاب في ذكرى «30 يونيو»

البرلمان المصري يتجه لإقرار قانون لتكريم ضحايا الإرهاب في ذكرى «30 يونيو»

يتجه مجلس النواب المصري (البرلمان) خلال الفترة المقبلة إلى إصدار قانون لتكريم ضحايا العمليات الإرهابية لأول مرة، وذلك تزامنا مع الذكرى الرابعة لثورة «30 يونيو» التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية عام 2013. وقال مصدر بالمجلس إن «القانون الجديد سوف يتضمن منح أوسمة وأنواط لأبطال مواجهة الإرهاب، وتكريم الرموز الوطنية العسكرية والشرطية والمدنية وكل من قاوم الإرهاب وضحى في سبيل بلاده، فضلا عن تكفل الحكومة المصرية بالمصروفات الدراسية لتعليم أبناء ضحايا الإرهاب في جميع المراحل التعليمية بدءا من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية، وحق الأبناء في الالتحاق بالكليات العسكرية والوظائف العامة».
وقتل المئات من عناصر الجيش والشرطة والمدنيين خلال السنوات الماضية منذ عزل جماعة الإخوان الإرهابية عن السلطة في عام 2013، وخلفت هذه الأحداث مئات الأسر والأطفال بلا عائل أو داعم لها.
وقال مراقبون إن «المجتمع المصري تعرض ولا يزال لموجة عاتية من العنف والإرهاب، والتي تخلف الكثير من الضحايا الذين يتم إزهاق أرواحهم فاقدين الحق في الحياة، وهو أسمى حقوق الإنسان على الإطلاق، والذي كفلته الأديان السماوية والدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان... فضلا عن إلحاق تلك العمليات الإرهابية الآثمة الضرر الجسيم بأهل الضحية، فقد يكون ذلك الشخص الذي اغتاله الإرهاب هو الساعد الأيمن الذي تعتمد عليه الأسرة في مواجهة أعباء ومتطلبات الحياة».
وأضاف المصدر، أن «مشروع القانون يأتي لتخفيف الأعباء على أسر ضحايا الإرهاب وتكريما لهم على ما قدمه ذووهم من تضحيات من أجل الوطن»، لافتا إلى أن «هذا القانون جاء عقب مقترحات وقوانين أخرى تقدم بها بعض النواب لضحايا ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو».
ولا يوجد إحصاء رسمي لعدد ضحايا الإرهاب، سواء من رجال الشرطة أو الجيش أو المدنين منذ رحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة في عام 2011، لكن مصادر غير رسمية أكدت أن ضحايا الشرطة المصرية وحدها منذ عام 2011 حتى مطلع 2016 بلغ 790 قتيلا سقطوا غدرا على أيادي الجماعات الإرهابية معظمهم في شبه جزيرة سيناء، وعدد غير قليل منهم تم استهدافهم في القاهرة الكبرى ومحافظات الوجه البحري.
ويعد عام 2013 عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى الأكثر دموية في تاريخ الشرطة؛ إذ تعرض ضباطها وأفرادها لعمليات إرهابية نوعية قدمت الشرطة في مواجهتها 254 قتيلا.
وأضاف المصدر، أن «مشروع القانون الجديد يتضمن بجانب إعفاء أبناء الضحايا من المصروفات الدراسية في التعليم، تمييزهم في التنقل بوسائل المواصلات العامة في البلاد، مثل (مترو أنفاق القاهرة، وحافلات النقل العام، والقطارات)، وأيضا في تولي المناصب العامة التي تعلن عنها الحكومة، وفي الحصول على المسكن الاجتماعي، والالتحاق بالكليات العسكرية».
ويحلم دائما أبناء ضحايا الإرهاب في الالتحاق بالكليات العسكرية لاستكمال مشوار آبائهم والتضحية بأنفسهم في سبيل الوطن ومحاربة التطرف والإرهاب... ودائما ما يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أسر شهداء الشرطة والجيش، ويؤكد أبناء الشهداء على هذا المطلب، وأن حلمهم الالتحاق بالكليات العسكرية.
ويكمل المصدر البرلماني بقوله: إن «القانون يتضمن إطلاق أسماء الضحايا على الشوارع والمنشآت تخليدا لذكراهم، واستخراج بطاقات علاجية للوالدين والأبناء لتقديم خدمات الرعاية الصحية لهم بالمجان وفقا لضوابط محددة في مستشفيات القوات المسلحة والشرطة».
وأحيانا تطلق الحكومة المصرية بعض أسماء الشهداء على المدارس والأحياء التي كانوا يقطنون فيها تخليدا وتكريما لهم؛ لكن القانون الجديد سوف يسمح بأن يطلق أسماء جميع الشهداء وليس البعض.
نواب في البرلمان المصري أكدوا أن «إقرار قانون عام لصالح أسر الشهداء ومصابي الجيش والشرطة، وتهيئة حياة كريمة لهم، من أولويات عملهم، مشيرين إلى وجود قوانين حالية تمنح هؤلاء معاشات استثنائية؛ لكن البرلمان يهدف إلى تعظيم هذه المزايا، وبخاصة أن رجال القوات المسلحة والشرطة يقدمون خدمات جليلة للوطن، ويبذلون أرواحهم ودماءهم فداء للشعب المصري».
المصدر نفسه قال: إن «القانون يشمل أيضا منح أبناء الضحايا وبخاصة المدنيون أولوية في المنح الدراسية والبعثات، بشرط استيفائهم جميع الشروط المتطلبة للالتحاق بها، ومنح الضحايا أوسمة وأنواطا، وإقرار كلمة (زوجة الشهيد) في بطاقات الرقم القومي لزوجات الشهداء، بجانب رفع قيمة المبلغ المالي المستحق لأسرة الشهيد أو المصاب إلى مائة ضعف الحد الأدنى للأجور بعدما كانت خمسين ضعفا، على أن تستحق خلال 30 يوما من تحقق الاستشهاد أو الإصابة».
لافتا إلى أن «القانون الجديد وضع تعريفا للشهيد بأنه (كل مواطن مصري ضحى بحياته أو فقدها جراء الأعمال الإرهابية المسلحة أو التصفيات الجسدية التي تقترفها التنظيمات الإرهابية)... أما المصاب فهو (كل من أصيب إصابة تقعده عن الكسب والعمل نتيجة الجرائم الإرهابية المسلحة)».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم