تشاد تهدد بسحب قواتها من عمليات مكافحة الإرهاب

انتحاريون يقتلون 9 في تفجيرات بمدينة مايدوجوري النيجيرية

إدريس ديبي اتنو
إدريس ديبي اتنو
TT

تشاد تهدد بسحب قواتها من عمليات مكافحة الإرهاب

إدريس ديبي اتنو
إدريس ديبي اتنو

أعلن الرئيس التشادي إدريس ديبي اتنو، أول من أمس، أن تشاد «ستضطر إلى الانسحاب» من العمليات العسكرية في أفريقيا «في حال لم تتخذ خطوات» لمساعدة البلاد مالياً وسط أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة.
وقال الرئيس لصحيفة «لو موند»: «لم نتلق دعماً مالياً أو اقتصادياً. في حال لم تتخذ تدابير وإذا استمر الوضع على حاله، فستضطر تشاد إلى الانسحاب» من العمليات الخارجية في القارة الأفريقية.
وقال ديبي في مقابلة تلفزيونية: «تشاد بلد صغير ليست لديه موارد مالية وعانى مشكلات ضخمة في تاريخه المعاصر. من واجب الذين يملكون موارد أكبر أن يساعدوه». وقال: «بخلاف العمل المخابراتي من وقت لآخر والتدريب.. منذ تدخلنا في مالي والكاميرون ونيجيريا والنيجر لم نتلقَ مساعدة اقتصادية».
وأنفقت تشاد من مواردها أكثر من 300 مليار فرنك أفريقي (512 مليون دولار) في القتال ضد الإرهاب دون أي مساعدة خارجية. وبسؤاله عن وجود جدول زمني للانسحاب المحتمل، قال: «أعتقد بنهاية 2017 أو مطلع 2018 إذا استمر هذا الوضع، تشاد لن تستطيع تحمل إبقاء عدد كبير من جنودها خارج أراضيها. يتعين عودة بعض جنودنا تدريجياً إلى البلد، وفي مالي تشكل تشاد ثالث أهم كتيبة في بعثة الأمم المتحدة في هذا البلد مع 1390 رجلاً. ويشارك 2000 جندي تشادي في القوة متعددة الجنسيات المختلطة التي تم إنشاؤها في 2015 مع النيجر ونيجيريا وتشاد والكاميرون لمحاربة جماعة بوكو حرام الإسلامية النيجيرية». وأضاف: «لا يمكننا أن نكون في كل مكان في النيجر والكاميرون ومالي. هذا مكلف جداً». وعن تشكيل القوة المشتركة لدول الساحل الخمس، أعرب ديبي عن تردد بلاده في المشاركة، لأنه «لا يستطيع نشر 1400 رجل في مالي وألفي عنصر في مجموعة دول الساحل الخمس».
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم هيئة أركان الجيش التشادي في نجامينا أمس لوكالة الصحافة الفرنسية مقتل 8 من عناصره في نهاية الأسبوع الماضي خلال معارك عنيفة ضد متشددين من حركة «بوكو حرام» على 5 جزر نيجيرية في بحيرة تشاد.
وصرح الكولونيل عازم: «هاجمت قواتنا عناصر من بوكو حرام على 5 جزر من الجانب النيجيري يومي 24 و25 يونيو (حزيران) وطردوهم منها»، مضيفاً: «لقد سُجل 8 قتلى و18 جريحاً في صفوف قوات الدفاع التشادي»، بينما قتل 162 متطرفاً نيجيرياً في العملية.
وقالت الشرطة النيجيرية أمس إن انتحاريين قتلوا تسعة أشخاص وأصابوا 13 في تفجيرات استهدفت مدينة مايدوجوري في شمال شرقي البلاد.
وقالت شرطة ولاية بورنو إن انتحاريا قتل حارس أمن بعد دخوله جامعة مايدوجوري قرب وسط المدينة عند الساعة 10:20 ليلا بالتوقيت المحلي. وقتلت أربع انتحاريات ثمانية أشخاص بعد ساعة تقريبا عند مشارف المدينة في منطقة زاناري بعد تفجير عبواتهن الناسفة في مبان سكنية. وفجر أمس قتلت انتحاريتان فقط لدى تفجير نفسيهما في جامعة مايدوجوري عند الساعة 4:20 بالتوقيت المحلي.
وقال داميان شوكو مفوض الشرطة بولاية بورنو «في الإجمال قتل 16 شخصا بينهم الانتحاريون في التفجيرات وأصيب 13 آخرون».
وقالت وكالة أمن الدولة النيجيرية أمس إنها أحبطت مخططات لتفجير عبوات ناسفة في أربع مدن في شمال البلاد، هي مايدوجوري وكانو وسوكوتو وكادونا خلال احتفالات عيد الفطر، ولم تعلن أي مجموعة مسؤوليتها عن التفجيرات الأخيرة في مايدوجوري لكن استخدام التفجيرات الانتحارية، وخصوصا النساء لتنفيذها، هي إحدى وسائل جماعة بوكو حرام.



«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».