السوريون في تركيا يأملون بـ«عيد أخير» خارج بلادهم

طفلان يمتطيان الحصان في إدلب احتفالا بالعيد (أ.ف.ب)
طفلان يمتطيان الحصان في إدلب احتفالا بالعيد (أ.ف.ب)
TT

السوريون في تركيا يأملون بـ«عيد أخير» خارج بلادهم

طفلان يمتطيان الحصان في إدلب احتفالا بالعيد (أ.ف.ب)
طفلان يمتطيان الحصان في إدلب احتفالا بالعيد (أ.ف.ب)

حل عيد الفطر على السوريين اللاجئين إلى تركيا للعام السادس على التوالي، حاملاً الأمل نفسه بأن يكون هو عيدهم الأخير خارج بلادهم التي ألفوا العيد ببهجته ومذاقه الخاص فيها.
ومع طول أمد الأزمة السورية شهدت بلدان اللجوء، وعلى رأسها تركيا مولد آلاف الأطفال السوريين الذين تجاوز بعضهم سن السادسة من عمره من دون أن يرى بلاده ويحتفل بأي عيد في موطنه الأصلي ووفق عادات أهله.
وحتى مَن يعيشون في المدن خارج مخيمات اللجوء الذين شكلوا مجتمعات وأحياء شبه سورية في المدن التركية، وفي مقدمتها إسطنبول، فإنهم يتوقون إلى عادات العيد في بلادهم ولا تبهجهم فرحته ومن قبلها فرحة شهر رمضان في تركيا.
وقالت أم محمد، إحدى السوريات المقيمات في إسطنبول، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «جئنا من حلب منذ اندلاع الحرب في بلادنا. نحن عائلة تتكون من 8 أفراد ونعيش هنا. وأمي وأخي ذهبوا إلى مصر للعيش فيها بسبب ما نعانيه من صعوبات هنا بسبب تكاليف الحياة المرتفعة». وأضافت: «مر رمضان لم نشعر بما كنا نشعر به في بلدنا، فمظاهره هنا ليست كما اعتدنا عليه من فرحة وبهجة وحركة وحياة. وجاء العيد ولا نشعر به أيضاً كما كان في بلدنا. مرت علي أعياد متعاقبة لكن لا عيد منها شعرنا به كما كنا نشعر بين أهلنا».
وشهد عيد الفطر هذا العام إجراءات جديدة وتغيرات سمحت لآلاف السوريين بالعودة إلى بلادهم، ومنهم مَن سيبقى هناك ومنهم من سيعود مرة أخرى بعد لقاء الأهل في أيام العيد.
والجمعة الماضي، انتهت الفترة المخصصة لمغادرة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر معبري «جيلفا جوزو» و«أونجو بينار» التركيين («باب الهوى» و«باب السلامة» على الجانب السوري) لقضاء عطلة عيد الفطر، حيث عبر قرابة 200 ألف لاجئ منذ مطلع يونيو (حزيران) الحالي.
وأغلقت إدارتا «جيلفا جوزو» بولاية هطاي، و«أونجو بنار» في ولاية كليس (جنوب تركيا)، أبواب المعبرين بعد انتهاء المهلة التي حددتها الولايتين لعبور السوريين إلى بلادهم. وأشرفت إدارة «جيلفا جوزو» المقابل لمعبر باب الهوى في محافظة إدلب على خروج السوريين لقضاء عطلة العيد في بلادهم وعبر منه 120 ألفاً و720 شخصاً خلال الفترة من 1 إلى 23 يونيو.
وقال قاسم قاسمي، مدير معبر باب السلامة ببلدة إعزاز السورية، المقابل لمعبر «أونجو بينار» التركي في تصريح لوكالة أنباء الأناضول إن عددَ مَن دخلوا إلى سوريا في الفترة من 13 إلى 23 يونيو من المعبر، بلغ 68 ألفاً و238 شخصاً، بمن فيهم الأطفال.
وأوضح أن هذا الرقم أكبر مما كان ينتظرون، وأن نحو 10 في المائة من المغادرين أعربوا عن عدم نيتهم العودة إلى تركيا بعد قضاء العيد في سوريا.
إضافة إلى المغادرين، احتفل السوريون العائدون إلى مدينة جرابلس في محافظة حلب، التي حررتها عملية درع الفرات التي شارك فيها الجيش التركي وفصائل من «الجيش السوري الحر» قبل أشهر من يد تنظيم داعش الإرهابي بالعيد في ديارهم. ومنذ تحريرها، تشهد المدينة تطوراً سريعاً وتحسناً في ظروف الحياة اليومية من خلال الدعم التركي. ورصدت وسائل الإعلام التركية الحركة في أسواق جرابلس التي شهدت ازدحاما كبيرا قبل العيد، لم تشهده المدينة خلال الأعوام الماضية.
وقال عبد اللطيف أوغوت، صاحب أحد المحال التجارية في جرابلس إنه بعد عامين من اللجوء في تركيا، عاد إلى جرابلس بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، مضيفا أن أسواق المدينة شهدت ازدحاما كبيرا في الأسبوع الأخير من رمضان استعدادا لعيد الفطر، وأنه عاد للعمل في المحل الذي ورثته عن أبيه.
وكانت تركيا أطلقت عمليات إعادة تأهيل البنى التحتية في المناطق التي تم تحريرها في إطار عملية «درع الفرات» على محور جرابلس - أعزاز – الباب. وبحسب إدارة الطوارئ والكوارث الطبيعية التابعة لمجلس الوزراء التركي، تعول تركيا على استيعاب اللاجئين في المناطق الواقعة تحت سيطرة «الجيش الحر» حيث غادر مخيمات اللجوء في جنوب تركيا أكثر من 60 ألف شخص بعد انتهاء عملية درع الفرات في مارس (آذار) الماضي.
واتخذت تركيا تدابير لمنع تدفق موجات جديدة من اللاجئين السوريين وتعول على الانتهاء من اتفاق مناطق «خفض التصعيد» والبدء في تنفيذه لاستيعاب المزيد من اللاجئين.
ويكتظ 23 مخيما للاجئين السوريين في تركيا بأكثر من260 ألف شخص فضلا عن انتشار أكثر من مليونين ونصف المليون سوري في المدن التركية منهم نصف مليون في إسطنبول وحدها.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.