الأسد يزور قلب حماة بعد قصف ريفها بصواريخ روسية

الأسد يزور قلب حماة بعد قصف ريفها بصواريخ روسية
TT

الأسد يزور قلب حماة بعد قصف ريفها بصواريخ روسية

الأسد يزور قلب حماة بعد قصف ريفها بصواريخ روسية

أدى الرئيس بشار الأسد، أمس، صلاة عيد الفطر في مدينة حماة في أبعد مسافة يقطعها داخل سوريا، ذلك بعد يومين من قصف الجيش الروسي ريف المدينة بصواريخ أطلقت من البحر المتوسط، في وقت انتقد معارضون هذه الزيارة لجامع النوري «في رسالة لا يخطئ السوريون معانيها بعد ست سنوات من الحرب على المعارضين؛ لأن الجامع الأثر الوحيد الباقي من حماة القديمة التي شهدت تدميرا شبه كامل من النظام في الثمانينات من القرن الماضي».
وبث التلفزيون الرسمي لقطات للأسد وهو يصلي في مسجد كبير في حماة خلف الإمام مع مجموعة من علماء الدين بجانب حشد كبير من المصلين.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن نجم الدين العلي، مدير أوقاف حماة، أن زيارة الأسد «في قلب حماة هي إشارة وبشارة بأن السوريين على بعد خطوات من الانتصار وعودة الأمان والسلام إلى ربوع سوريا».
وتحولت الحرب لصالح الأسد منذ عام 2015 عندما أرسلت روسيا مقاتلاتها لمساعدة جيشه وحلفائه من الميليشيات المدعومين من إيران على دفع مقاتلي المعارضة إلى التراجع وانتزاع السيطرة على أراض كانت في أيديهم.
ومنذ بداية الحرب في 2011، قُتل مئات الآلاف من الأشخاص في حين اضطر نحو 13 مليونا إلى مغادرة منازلهم بينهم ستة ملايين تركوا البلاد؛ ما تسبب في أزمة لاجئين عالمية واجتذب أطرافا إقليمية ودولية إلى الصراع.
ويسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق واسعة من البلاد بما يشمل محيط محافظة إدلب قرب حماة وشنوا هجوما جديدا على القنيطرة في جنوب غربي البلاد السبت. كما تسيطر المعارضة المسلحة على الغوطة الشرقية قرب دمشق وأجزاء من مناطق صحراوية في الجنوب الشرقي وجيب كبير جنوبي حماة حول مدينة الرستن. ويقع ريف حماة ضمن مناطق «خفض التصعيد» بموجب اتفاق آستانة. وشن الجيش الروسي قبل يومين غارات على ريف حماة، وقصف ريف المدينة بصواريخ أطلقت من البحر المتوسط.
ولم يقم الأسد بزيارة علنية لحماة التي تبعد نحو 185 كيلومترا عن دمشق منذ بدء الحرب. وفي العام الماضي أدى الأسد صلاة العيد في حمص التي تقع على مسافة أقرب إلى دمشق من حماة بنحو 40 كيلومترا.
وفي بداية الأزمة، زار الأسد الرقة قبل أن تسيطر عليها المعارضة وتتحول لاحقا إلى المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في البلاد، وهي تشهد حاليا هجوما من تحالف مدعوم من الولايات المتحدة لطرد المتشددين منها.
وفي مارس (آذار)، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون: إن السوريين هم من سيقررون مصير الأسد في تغيير لموقف أميركي استمر سنوات بالإصرار على رحيله للسماح بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة. لكن توصل إدارة الرئيس دونالد ترمب رأى أن الأسد مسؤول عن قصف خان شيخون شمال حماة بالكيماوي، دفعها الى التحدث عن ضرورة رحيل «عائلة الأسد» عن الحكم.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الشهر إنه لا يرى في رحيل الأسد شرطا لإنهاء القتال، وإن الأولوية هي لوقف انهيار الدولة السورية.
وبحسب معارضين سوريين، فإن جامع النوري الأثري «يعتبر شاهدا على المجازر الدموية عام 1982 التي شهدها حي بستان السعادة الذي يطل عليه غربا. كما شهد أيضا تدمير حي الكيلانية الذي يطل عليه من جهتي الشرق والشمال». وقال أحدهم: «الجامع النوري يقع محلة الناعورة بمكان قديم اسمه دير قزما على الضفة الغربية لنهر العاصي، حيث بنى الملك المظفر قصره المعروف بقصر السعادة قرب هذا الموقع. والجامع بناه السلطان نور الدين محمود الزنكي عام 1163، وهو أهم آبدة معمارية من العهد الزنكي، كان له باب شاهق من الجهة الغربية لكنه هدم، وآخر من الجهة الشمالية ما زال قائماً».
وبحسب معارضين، يكتسب اختيار الأسد مكان الملك المظفر في مدينة حماة «دلالات ومعاني كثيرة؛ كونها المدينة التي عصت النظام وشقت عصا الطاعة في وقت مبكر من حكم الأسد. إذ نالت مبكرا نصيبها من التدمير والمجازر ومن ثم التهميش والإهمال، لكن اللافت ومنذ اندلاع الثورة السورية ضد النظام عام 2011، أبدى النظام حرصه على تجنب تدمير حماة مرة أخرى، مع أنها شهدت أكبر مظاهرات سلمية ضده، واكتفى بالاعتقالات والاغتيالات لقمع المعارضة وتشتيتها من دون اللجوء إلى القصف الجوي والمدفعي الذي طبقه على كل المناطق والمدن الثائرة».
وقالت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» إن الخدمات في المدينة شهدت تحسنا ملحوظا خلال شهر رمضان، ولا سيما برنامج تقنين الكهرباء، حيث تراجعت وانتظمت ضمن برنامج واضح ثلاث ساعات انقطاع وثلاث ساعات وصل، وذلك بعد أكثر من سنتين على فوضى التقنين وتواصل انقطاعها لنحو عشر ساعات ووصلها لساعة أو أقل من ساعة. كما لاحظ السكان في الأيام العشر الأخيرة من رمضان تكثف نشاط المحافظ والمسؤولين في الشارع وقيامهم بجولات استطلاعية على الأسواق، وجاء ذلك بعد زيارة لرئيس حكومة النظام إلى محافظة حماة وحض رجال الأعمال على القيام بمشروعات استثمارية لدفع الاقتصاد المعطل. كما تأتي الزيارة بعد أشهر على محاولة فصائل المعارضة السورية التقدم باتجاه المدينة بهدف السيطرة عليها. وباتت الفصائل حينها على بعد بضع كيلومترات من المدينة، قبل أن تتمكن قوات النظام والميليشيات المرادفة من إجبارها على التراجع وسط مساندة من الطيران الروسي.
وكان النظام أعاد وضع تمثال لحافظ الأسد في وسط حماة بعدما أزيل لسنوات بعد بداية الثورة السورية. وشهدت حماة في 2011 أكبر مظاهرة سلمية ضمت مئات آلاف المتظاهرين السلميين.



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.