اليمن: لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المزعومة

مسؤول حقوقي يشدد على إشراك المنظمات المحلية

اليمن: لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المزعومة
TT

اليمن: لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المزعومة

اليمن: لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات المزعومة

أكد مصدر حكومي رفيع أن الحكومة اليمنية منحت جميع الصلاحيات إلى أعضاء اللجنة المشتركة المكلفة بالتحقيق في مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق المحررة، روجت لها منظمات دولية خلال الأيام الماضية، مشدداً على أن النتائج ستكون شفافة ونزيهة. وأوضح المصدر أن رئاسة الوزراء أعطت اللجنة المكلفة بالتحقيق، الاستقلالية التامة للنظر في الادعاءات المزعومة، مضيفاً أن الجانب الحكومي لن يعمل على التأثير على عمل اللجنة بأي طريقة، سواء بالتصريح أو التشويه الإعلامي.
وكان رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، قد أصدر قراراً بتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحررة، أثارتها بعض المنظمات الدولية ووسائل إعلام غربية خلال الأيام القليلة الماضية. وقضى قرار رئيس الوزراء بتشكيل اللجنة برئاسة وزير العدل، القاضي جمال عمر، وعضوية وكيل وزارة حقوق الإنسان، والوكيل المساعد لوزارة الداخلية وممثلين عن جهازي الأمن، وأن تقدم تقريرها في غضون 15 يوماً. وحدد رئيس الوزراء، مهام اللجنة في «النظر في الادعاءات المتداولة حول الانتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق المحررة، وأن تقترح الردود الممكنة على تلك الادعاءات، ووضع آلية لمعالجة وحل أي إشكاليات مستقبلية بهذا الخصوص».
وجاء تشكيل اللجنة في ضوء تقارير لمنظمات ووسائل إعلام غربية، تحدثت عن وجود عدد من المعتقلات والسجون، في بعض المناطق المحررة، تمارس فيها انتهاكات لحقوق الإنسان بحق المعتقلين، وتحديداً في عدن وحضرموت.
ونفت الإمارات ما جرى الترويج له من ادعاءات عن علاقتها بتلك المعتقلات، مؤكدة أن الأمر لا يعدو أن يكون مزايدات سياسية تقف وراءها الميليشيات الانقلابية وأطراف متضررة من جهود التحالف العربي.
وتؤكد الحكومة الشرعية في اليمن دعمها لأي عمل يهدف لتعزيز حقوق الإنسان في البلاد، على عكس ما تقوم به القوى الانقلابية في البلاد؛ إذ استهدفت تلك الميليشيات التجنيد القسري للأطفال، وتمارس انتهاكات واسعة داخل السجون في المناطق التي تخضع لسيطرتها، فضلاً عن تحويل أي مساعدات تستهدف الشعب اليمني إلى المجهود الحربي. وتشدد الحكومة أيضاً على أن القوى الانقلابية تفرض على المساعدات الإنسانية رسوماً جمركية بصورة غير نظامية من أجل جمع الأموال للمجهود الحربي، وذلك بعد أن ضيقت الحكومة الشرعية أساليب التمويل التي كانت تنتهجها الميليشيات، ومنها السيطرة على البنك المركزي قبل قرار نقله من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
من جانب آخر، شدد رياض الدبعي مسؤول وحدة الرصد والتوثيق في التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، على أن قرار رئيس الوزراء اليمني بتشكيل لجنة التحقيق، يعتبر إيجابياً، مضيفاً: «الحكومة تقدم بمثل هذا القرار نموذجا لعملها المؤسس على كيان الدولة وليس تصرفات الميليشيات». ودعا الدبعي، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إلى إشراك جميع مؤسسات المجتمع المدني وكل المنظمات المحلية في عمل اللجنة والعمل على الاستماع لما تطالب به، وأن تنزل إلى الشارع وتسعى في حلّ أي مشكلة. وبيّن المسؤول الحقوقي أن التعاون مع المجتمع الدولي يسهم بشكل أساسي في توضيح أي معلومات يروج لها، مؤكداً ضرورة ألا يكون هناك تضارب بين عمل أي لجنة على حساب الأخرى. وشدد على ضرورة إشراك بعض الخبراء في مجال القانون وحقوق الإنسان في عمل اللجان، وتقدم عملاً يسهم في إظهار نتائج إيجابية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.