أجندة خارجية تستهدف أمن المسجد الحرام... والسلطات الأمنية تتصدى لها

استنكرت شعوب العالم الإسلامي، بشدة، عمل التنظيمات الإرهابية التي كانت تخطط لزعزعة الأمن في البلاد الإسلامية، بل وصل بها المطاف إلى استهداف المقدسات الإسلامية وقبلة المسلمين في مكة المكرمة، وذلك بعد أن تصدت السلطات الأمنية في السعودية لمخطط إرهابي يدار من الخارج، لاستهداف الحرم المكي في مكة المكرمة، وذلك بعد محاصرة إرهابي كلّف بعملية انتحارية تستهدف أمن المسجد الحرام والمصلين والمعتمرين.
استهدفت التنظيمات الإرهابية بلاد المسلمين، وأجازوا قتل المدنيين من المسلمين، وكذلك دور العبادة من المساجد، ووصل بهم المطاف إلى محاولة استهداف الحرم النبوي في المدينة المنورة، وانتهى بهم المطاف إلى محاولة استهداف الحرم المكي في مكة المكرمة، عبر عناصر إرهابية تنتمي إلى تنظيمات تكفيرية، «القاعدة» و«داعش»، وتدار من عناصر استخباراتية خارجية، تستهدف بلاد المسلمين وكذلك السعودية.
على الرغم من استخدام العناصر الإرهابية الطرق الملتوية في الوصول إلى مخططاتهم، والتخفي عبر الزي النسائي، كون أن السعودية لديها عادات اجتماعية في احترام المرأة وتقديرها، فإنهم قاموا بتوصيل المتفجرات والأسلحة وكذلك نقل الأحزمة الناسفة إلى الإرهابيين المكلفين بتنفيذ العمل الانتحاري من قيادات أخذت من الإسلام شمّاعة لتنفيذ مخططاتهم.
وفي داخل المنطقة المركزية للمسجد الحرام في مكة المكرمة، وعلى بضعة كيلومترات، كان الإرهابي المكلّف بالعملية الإرهابية يوجد داخل أحد المنازل في حي أجياد، حيث وصل إلى هناك مع آخرين قاموا بمساعدته ونقله إلى العاصمة المقدسة، بناء على مطالب قيادات «داعش» الإرهابية التي تتخذ من الأراضي السورية مقرا لها، وكان المنفذون ينتظرون ساعة التنفيذ التي تأتيهم من الخارج، لتنفيذ عمليتهم الإرهابية، إلا أن القدرة القوية للسلطات الأمنية السعودية، وكذلك المواطنون والمقيمون، أبطلوا تلك المخططات، وتصدوا لها في عملية استباقية، كما جرت عليه العادة من قبل الأجهزة الأمنية.
بدأت العمليات الإرهابية صباح أول من أمس، في عمليتين متزامنتين، إحداهما في محافظة جدة، والأخرى في حي العسيلة في العاصمة المقدسة، وتم القبض على بعض المتورطين المنتمين إلى تنظيم داعش الإرهابي، من دون أي مقاومة مع رجال الأمن، وقبض على عناصر إرهابية بينهم امرأة، حيث كشفت المعلومات الأولية عن وجود عنصر انتحاري بالقرب من المسجد الحرام، داخل أحد المنازل المكونة من ثلاثة طوابق.
توجهت الجهات الأمنية إلى هناك، آخذين بعين الاعتبار أن المنطقة يوجد بها عدد كبير من السكان والمدنيين، وكذلك قاصدو المسجد الحرام، حيث تمركزت الفرق الأمنية بعد إبعاد المدنيين، ومحاصرة المنزل، وبدأوا بعد ذلك بالتحاور مع الانتحاري بالمبادرة بتسليم نفسه، إلا أنه رفض ذلك، بل بادر بإطلاق النار بكثافة على رجال الأمن، ما اقتضى المعاملة معه بالمثل، لتحييد خطره على العامة.
وبحسب مصدر أمني سعودي لـ«الشرق الأوسط»، قال إن الانتحاري هو الشخص الوحيد من بين المواقع الثلاثة التي جرت مداهمتها، الذي بادر بإطلاق النار، ولم يكن يقصد رجال الأمن فقط، بل كان يقصد الأجهزة الأمنية والمصلين القاصدين المسجد الحرام، وكذلك المدنيون المسلمون من مختلف الجنسيات، كون أن العاصمة المقدسة لا يدخلها إلا المسلمون فقط.
وأضاف أن «المواقع في جدة وحي العسيلة، هي من قادت الأجهزة الأمنية للتعرف على مكان الانتحاري، المكلف بتنفيذ العملية الانتحارية التي تستهدف أمن المسجد الحرام».
وبعد محاصرة الانتحاري وتحييد خطره من إطلاق النار، لم يجد له وسيلة إلا بتفجير نفسه عبر الحزام الناسف الذي كان يرتديه، وهو الشرط الوحيد الذي يفرض على المنفذين للعمليات الإرهابية، بارتداء الحزام الناسف، لتنفيذ عمليته، أو تفجير نفسه حينما يكشف أمره، حيث انهار المنزل الذي يوجد فيه، الأمر الذي أصاب عددا من المقيمين ورجال الأمن بإصابات، غادر أكثرهم المستشفى بعد تلقي العلاج.
وبحسب رواية عدد من أصحاب المنازل المجاورة، فإن المنزل الذي يوجد به الانتحاري المكلف بتنفيذ عمليته الإرهابية، ومساعدوه، استأجروه قبل بضعة أسابيع، ولم يكن لهم أي اختلاط أو معرفة بجيرانهم، ولم يلاحظوا عليهم خروجهم أو دخولهم إلى المنزل، كون أن المنطقة المركزية يعبر من خلالها آلاف المسلمين القاصدين للمسجد الحرام، وكذلك بعض أصحاب المحلات التجارية، الذين يجدون فرصتهم بالتجارة، خلال وجود المعتمرين، من كل أنحاء العالم في العاصمة المقدسة، إلا أنهم تفاجأوا باستدراجهم من قبل رجال الأمن، وتأمين خروجهم من الحي السكني، قبل بدء العملية الأمنية، حفاظا على سلامتهم من كل شر.
وقال المصدر، في اتصال هاتفي، إن الجهات الأمنية رفعت بعض الأدلة من المنزل الذي انهار بسبب التفجير، وكذلك جثة الانتحاري، تمهيدا للتعرف على هويته عبر الحمض النووي «DNA»، وذلك لإعلانه في بيان تفصيلي للتثبت من هوية الشخص، وإبلاغ ذويه، وإعلان ذلك أمام العالمين الإسلامي والغربي.
وذكر المصدر، أن الجهات الأمنية تعقبت كثيرا من الخلايا الإرهابية، سواء كانت من قبل تنظيمي القاعدة أو داعش، إذ بدأت «القاعدة» في 2003 التمركز في المنطقة المركزية بالعاصمة المقدسة في حي الخالدية، وكذلك «داعش» في أحياء النعمان والشرائع، حيث إن العمليات الأخيرة التي كشف عنها في مكة المكرمة، كانت عبر تنظيم داعش الإرهابي، ويقوم بها عدد من العناصر المغرر بهم، لتنفيذ أدوار أجندة دول ترعاهم، من جهة، وتقوم بزعزعة أمن السعودية من جهة أخرى.
وأكد المصدر، أن أمن الحرمين الشريفين وقاصديه من المعتمرين والحجاج هو الهدف الأول للسعودية، حيث تولي السلطات الأمنية بإشراف من خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، ووزير الداخلية، أولويات في الحفاظ على وجود المسلمين من المصلين والمعتمرين والحجاج، من كل بقاع العالم الإسلامي، وكذلك الغربي، من أجل تسهيل أداء فريضتهم وزيارة الحرمين، بكل يسر وسهولة.
يذكر أن اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، قال أول من أمس، إن الجهات الأمنية تمكنت من إحباط عمل إرهابي وشيك كان يستهدف أمن المسجد الحرام ومرتاديه من المعتمرين والمصلين من قبل مجموعة إرهابية تمركزت في ثلاثة مواقع.
وقال اللواء التركي، إن أحد المواقع في محافظة جدة والآخرَين بالعاصمة المقدسة، الأول بحي العسيلة، والثاني بحي أجياد المصافي الواقع داخل محيط المنطقة المركزية للمسجد الحرام، عبارة عن منزل مكون من ثلاثة أدوار كان يوجد بداخله الانتحاري المكلف بالتنفيذ، والذي بادر فور مباشرة رجال الأمن في محاصرته بإطلاق النار تجاههم، مما اقتضى الرد عليه بالمثل لتحييد خطره بعد رفضه التجاوب مع دعواتهم له بتسليم نفسه.
وأشار المتحدث الأمني في وزارة الداخلية إلى أن العملية الأمنية أسفرت عن القبض على خمسة من عناصر الخلية بينهم امرأة، وذلك بعد مداهمة مواقعهم المشار إليها آنفا، ومصلحة التحقيق تقتضي عدم الإفصاح عن أسمائهم.