جميل جلال مطوف الرؤساء والزعماء لأكثر من 6 عقود

لم يكن يعلم الشاب جميل جلال عندما دلف من أحد أبواب المسجد الحرام لينضم في اختبارات اختيار المطوفين من قبل مشايخ الحرم قبل نحو 60 عاماً، أن يصبح مطوف الرؤساء والزعماء في كل الدول الإسلامية، بل إن البعض منهم يشترط وجوده أثناء تأديتهم مناسك عمرتهم.
مشاهد وذكريات كثيرة عاصرها الشيخ جميل جلال طوال 6 عقود، خرج منها بتعلمه 9 لغات حية، اكتسبها من خلال احتكاكه المباشر بكثير من المعتمرين والحجاج طوال مسيرته في مهنة طوافة الحرم.
يقول الشيخ جميل جلال: «بدأت مهنة الطواف وأنا لم أتجاوز الرابعة عشرة من عمري، وكان أول رئيس أقوم بتطويفه هو الملك حسين ملك الأردن، وكنت في بداياتي عندما أكلف بتطويف رئيس أو زعيم إحدى الدول الإسلامية، كان يتولد لدي نوع من مشاعر الرهبة، ولكن ما إن دلفوا من أبواب الحرم وبدأت معهم مراسم الطواف حول الكعبة إلا وتنهمر دموعهم، عندما ينظرون إلى عظمة الكعبة وهيبتها، وقتها تنزاح مني مشاعر الرهبة منهم، لأنهم يصبحون أشخاصاً آخرين تكسوهم المشاعر الإيمانية والتقرب إلى الله».
ويروي الشيخ جميل جلال بعض المواقف والذكريات التي حدثت له مع الرؤساء والزعماء، يقول: «عندما قدم الرئيس الباكستاني ضياء الحق لأداء عمرته في عام 1391هـ، وبعد أن رافقته مطوّفاً طلب أن يزور الأماكن ذات العلاقة بظهور الإسلام، فرافقته إلى غار حراء الذي صعدناه مع مرافقين له ومرافقين من الخارجية والأمن لدينا، كان مجموعنا 87 شخصاً صعدنا غار حراء، حيث كان المصطفى سيّد البشر عليه الصلاة والسلام يتعبّد، التفت إلي ومن معنا من كل ذلك العدد 14 رجلاً فقط من صحبه، وقال لي: إذا جئتني إلى باكستان، فسأعيّنك جنرالاً عليهم)».
وموقف آخر طريف، «أذكر أن مسؤولاً من دولة أفريقية، وكان بديناً، وكنا في فصل الصيف، وعندما انتهينا من الطواف وبدأنا في السعي، فوجئت به عند الشوط الثاني يسألني: هل انتهينا من السعي؟ فقلت له: لا، باقٍ خمسة أشواط، وكان وقت صلاة التراويح قد اقترب، فطلب مني التوقف، وقال: كفاية، وإن شاء الله المرة المقبلة نكمل الأشواط الخمسة. حاولت أن أقنعه بضرورة إكمال الأشواط، وعرضت عليه إحضار عربة لتكملة الأشواط، لكن للأسف لم نجد عربة على مقاسه، وللأسف لم يكمل الأشواط، وقال إنه سوف يضحّي عنها».
ولمهنة مطوف ضيوف الدولة، شروط وواجبات لا بد أن تتوفر لدى المطوف لكي يكون مؤهلاً لمرافقة الضيوف أثناء الطواف والسعي، يقول الشيخ جميل: «ينبغي لمن يمتهن هذه المهنة أن يلم بالأمور الفقهية والشرعية واللغوية، وأن يكون مظهره يتناسب مع هذه المهنة، فهو سيمثل هذه البلاد لأداء هذه المهنة، فالموضوع لا يقتصر على التطويف والدعاء فقط، بل يمتد إلى الثقافة العامة، والسؤال من قبل الضيوف عن بعض الأماكن الفاضلة في الحرم، خصوصاً، ومكة المكرمة عموماً، فينبغي للمطوّف أن يتحلى بكثير من الأمور التي تجعل الضيف يعود بانطباع جيّد عمن يمتهن هذه المهنة. كما ينبغي أن يكون المطوّف ملمّاً باللهجات واللغات، وذلك لإيصال المعلومة لمن يرغبها في أحسن صورة».