ثلاثة أسباب وراء «انعطافة» ماكرون إزاء الأسد... بينها «مغازلة» بوتين

وزير الخارجية الفرنسي يؤكد الاستعداد لطرح «مبادرة سورية»

ثلاثة أسباب وراء «انعطافة» ماكرون إزاء الأسد... بينها «مغازلة» بوتين
TT

ثلاثة أسباب وراء «انعطافة» ماكرون إزاء الأسد... بينها «مغازلة» بوتين

ثلاثة أسباب وراء «انعطافة» ماكرون إزاء الأسد... بينها «مغازلة» بوتين

قالت مصادر دبلوماسية في باريس: إن هناك ثلاثة عوامل تفسر «المواقف الجديدة» للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الأزمة في سوريا أولها رغبة الإليزيه في الخروج من «خانة التهميش» والعودة طرفا فاعلا في وقت لا يزال فيه الموقف الأميركي «متذبذبا».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تشخيص ماكرون هو أن فرنسا موجودة «خارج اللعبة بفعل مواقفها المتشددة وانحيازها التام إلى جانب المعارضة»، وبالتالي فإنها ترى أنه يتعين عليها التحرك واعتماد «سياسة واقعية» لأنه «لا معنى للاستمرار في المطالبة برحيل بشار الأسد إذا كنا فاقدين القدرة على التأثير».
العامل الثاني في نظر الرئيس الفرنسي، هو اعتباره أن موسكو يمكن أن تكون «المدخل» الذي سيمكن باريس من أن يكون لها دور. ويبدو واضحا أن المواقف التي أعلن عنها ماكرون في حديثه لصحف أوروبية أول من أمس تقرب باريس من «القراءة» الروسية في ثلاث نقاط على الأقل: أولوية محاربة الإرهاب وشرعية الرئيس الأسد والمحافظة على بنى الدولة السورية لتلافي الوصول إلى الدولة الفاشلة.
أما العامل الثالث، بحسب المصادر، رغبة باريس في إطلاق مبادرة سياسية ــ دبلوماسية أشار إليها ماكرون في المقابلة المذكورة وأكدها وزير الخارجية جان إيف لودريان في رده أمس على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عقب لقائه بنظيره الألماني سيغمار غابرييل.
وكانت مصادر دبلوماسية فرنسية قالت: إن باريس «تعد لمبادرة دبلوماسية» التي تعمل على بلورتها. ومن جانبه، قال وزير خارجية ألمانيا إن باريس وبرلين «تعملان معا» حول سوريا.
وتعي باريس التي تعمل حاليا على بلورة بنود هذه المبادرة أن حظوظ نجاحها ستكون معدومة إذا واجهت معارضة روسية. والحال أن المواقف الروسية معروفة وثابتة. بالتالي فإن باريس تجد نفسها «مضطرة» إلى القيام بـ«انعطافة حادة» سياسيا ودبلوماسيا؛ الأمر الذي يثير بطبيعة الحال قلق المعارضة السورية التي كانت تجد في باريس «نصيرها الثابت» غربياً.
في رده على «الشرق الأوسط»، استعاد لودريان الذي شغل منصب وزير الدفاع لخمس سنوات في عهد الرئيس السابق فرنسوا هولاند: «المبادئ الأربعة» التي اختطها ماكرون، أي محاربة الإرهاب، ردع استخدام السلاح الكيماوي ووصول المساعدات الإنسانية والعمل من أجل حل سياسي. وأضاف لودريان الذي زار موسكو الثلاثاء الماضي واجتمع مطولا مع نظيره لافروف ومع وزير الدفاع شويغو أن باريس «جاهزة للتحرك مع الآخرين ومن غير مواقف مسبقة».
وشدد لودريان على استعداد فرنسا للعمل. وزاد عليه غابرييل أن الطرفين «متمسكان بسوريا ديمقراطية وموحدة وبعيدة عن التقسيم». وقالت المصادر الفرنسية: إن باريس «تحظى بدعم تام من شركائها الأوروبيين» وإن جهودها تنصب في الوقت الحاضر على «البحث في كيفية توفير ضغوط من أجل إطلاق دينامية سياسية دولية تستغل هوامش التحرك المتاحة».
في هذا السياق، أكدت المصادر أن هناك «رغبة روسية» في إغلاق الملف السوري «ونحن نشجعهم على ذلك». في المقابل، تعتبر أن مواقف طهران «ما زالت متشددة» وأن «تليينها» سيكون من مهام موسكو.
خلاصة القول، إن باريس تريد اليوم أن «تقلب صفحة» سياساتها السابقة، علما بأن إعلان ماكرون أن الأولوية للإرهاب وأنه لا يعتبر تنحي الأسد شرطا مسبقا للحل في سوريا ليس ثوريا، بل هو استمرار للتحولات التي بدأت في عهد هولاند وتحديدا منذ هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
وفي مقابلة مع صحيفة «لو بروغريه دو ليون» في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2015. قال لوران فابويس وزير الخارجية الأسبق وأحد أكثر المتشددين إزاء الأسد، إن «الحفاظ على سوريا موحدة تتطلب عملية انتقال سياسي، لكن هذا لا يعني أن على الأسد، أن يرحل قبل أن تحصل هذه العملية».
وبحسب المصادر الدبلوماسية الفرنسية، فإن الأسرة الدولية «تخلت منذ زمن طويل عن المطالبة برحيل الأسد». من هنا، فإن كلام ماكرون يشكل «امتدادا» للتحولات الدبلوماسية السابقة. لكن القطيعة الأهم تكمن في إعادة الاعتبار للأسد والنظر إليه بصفته «رئيسا شرعيا». والحال أن باريس ومعها الكثير من العواصم الإقليمية والدولية اعتبرته منذ زمن طويل «فاقد الشرعية» بسبب الجرائم التي اتهمته بارتكابها وليس أقلها استخدام السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة والتهجير والتدمير. وفي هذه النقطة، تبنى ماكرون موقف الرئيس بوتين الثابت الذي برر سياسات بلاده بـ«دعم رئيس شرعي والحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها غلى جانب محاربة الإرهاب»، وهي الأولويات التي توقف عندها الرئيس الفرنسي.
وتابعت المصادر الدبلوماسية، إن عبارة «الواقعية السياسية» هي التي تنطبق على التحولات الفرنسية. بذلك تكون باريس تخلت عن «المقاربة الأخلاقية» التي ميزت مواقفها في السنوات الست الأخيرة لكن من دون أن تعطي النتائج المتوخاة.
ومنذ ما قبل انتخابه رئيسا، فهم ماكرون أن الاستمرار على النهج السابق لا فائدة ترجى من ورائه طالما أن فرنسا ستبقى معزولة وغير قادرة في أي حال على التأثير على مجريات الأحداث. لذلك؛ فإن الخروج من العزلة، كما تراه الحكومة الجديدة، يمر عبر جعل المواقف المضمرة بالنسبة للأسد علنية ورسمية وهي بشكل ما رسالة للطرف الروسي وعرض خدمات. والأرجح أن يبدأ التقارب الفرنسي ــ الروسي في ملف محاربة الإرهاب وبداية عن طريق تبادل المعلومات الاستخباراتية والتخطيط المشترك بانتظار أن تنضج الأفكار الفرنسية وتجهز باريس لطرح مبادرتها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.