«داعش» يحشد قرب كركوك... وتساؤلات عن خطط «الحرس الثوري»

مصادر كردية: طهران تريد ذريعة لـ«الحشد» لمهاجمة المدينة لتعطيل استفتاء الاستقلال

امرأة تبكي بعد أن أنقذتها القوات العراقية مع أطفالها في الموصل القديمة أمس (رويترز)
امرأة تبكي بعد أن أنقذتها القوات العراقية مع أطفالها في الموصل القديمة أمس (رويترز)
TT

«داعش» يحشد قرب كركوك... وتساؤلات عن خطط «الحرس الثوري»

امرأة تبكي بعد أن أنقذتها القوات العراقية مع أطفالها في الموصل القديمة أمس (رويترز)
امرأة تبكي بعد أن أنقذتها القوات العراقية مع أطفالها في الموصل القديمة أمس (رويترز)

رغم اقتراب القوات العراقية من حسم معركة تحرير الموصل والقضاء على تنظيم داعش عسكرياً في العراق، فإن مناطق في محافظة كركوك وحوض حمرين وأطراف قضاء طوزخورماتو شهدت خلال الأيام الماضية تحركات مكثفة لمسلحي التنظيم الذين تضاعفت أعدادهم بشكل كبير رغم وجود قواعد عسكرية لـ«الحرس الثوري» الإيراني غير بعيدة عن هذه المناطق، مما يثير تساؤلات حول خطط إيران في المنطقة.
وذكرت مصادر أمنية كردية لـ«الشرق الأوسط»، مفضلة عدم الكشف عنها، أمس، أن «النظام الإيراني يريد بسيطرة مسلحي (داعش) على كركوك أن يعطل عملية الاستفتاء على استقلال كردستان»، التي من المقرر إجراؤها في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل وتريد القيادة الكردية إجراؤها في المناطق المتنازع عليها، بما فيها كركوك. وأضافت أن إيران «تريد إخضاع كركوك لسيطرة الحشد الشعبي بحجة تحريرها من (داعش)»، مبينة أن السفير الإيراني لدى العراق أحد قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري إيرج مسجدي هو الذي يُشرف على تنفيذ الخطة.
بدوره، قال حسين يزدان بنا، قائد قوات بيشمركة حزب الحرية الكردستاني التي تقاتل إلى جانب قوات بيشمركة إقليم كردستان مسلحي «داعش» في الجبهات الغربية لمحافظة كركوك، لـ«الشرق الأوسط» إن النظام الإيراني وعن طريق الحرس الثوري وسفيره لدى العراق إيرج مسجدي يشرف على تنفيذ خطة عن طريق مسلحي «داعش» في قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك والخاضع لسيطرة التنظيم، والخطة تتمثل في شن مسلحي التنظيم هجوماً واسعاً على كركوك واحتلالها أو احتلال منطقة استراتيجية قريبة منها، كي يعطوا الحجة للحشد الشعبي للتحرك ودفع أعداد كبيرة من مسلحيه إلى كركوك بحجة تحريرها وتوفير الحماية لها، وبالتالي تحقيق الهدف الإيراني في استقطاع كركوك من كردستان ومن المشاركة في الاستفتاء وتعطيل عملية الاستفتاء على استقلال الإقليم، مبيناً أن قضاء الحويجة وحوض حمرين وقضاء طوزخورماتو أي الجهات الغربية والجنوبية من محافظة كركوك تشهد ومنذ فترة تحركات واسعة لمسلحي «داعش»، الذين شنوا خلال الأسابيع الماضية كثيراً من الهجمات على مواقع قوات البيشمركة.
وينتشر الحشد الشعبي حالياً في حنوب محافظة كركوك، في أطراف قضاء طوزخورماتو، حيث يحتضن القضاء 7 قواعد عسكرية لفيلق القدس الإيراني، أنشئت خلال العامين الماضيين تحت غطاء الحشد الشعبي، ويتمركز فيها المئات من الجنود والضباط الإيرانيين الذين يشرفون على قيادة الحشد في المنطقة، وكذلك هم الوحيدون الذين يمكنهم استخدام الأسلحة الثقيلة والصواريخ الموجودة في هذه القواعد. وبحسب معلومات «الشرق الأوسط» شهدت المنطقة أخيراً قدوم أعداد كبيرة من مسلحي الحشد ومن الجنود الإيرانيين الجُدد إلى هذه القواعد المحاذية لمناطق «داعش».
وحسب يزدان بنا، فإن هذه المعسكرات «يشرف عليها مسجدي، ومحمد رضا شهلائي عضو قيادة فيلق القدس». وتساءل هذا القيادي في البيشمركة عن كيفية زيادة أعداد مسلحي التنظيم داخل الحويجة في وقت هم محاصرون فيه من كل الجهات، مضيفاً أن «النظام الإيراني وبمساعدة الميليشيات التابعة له في العراق نقل أعداداً كبيرة من مسلحي داعش إلى داخل الحويجة والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة التنظيم في حدود كركوك وطوزخورماتو».
وبحسب إحصائيات رسمية، كانت أعداد مسلحي التنظيم المحاصرين في قضاء الحويجة خلال الأشهر الماضية نحو ألف مسلح، لكن الأعداد ارتفعت الشهر الحالي وفجأة إلى نحو 3 آلاف مسلح غالبيتهم من العرب غير العراقيين والأجانب، أما في حوض حمرين فارتفعت أعدادهم إلى أكثر من 500 مسلح.
في غضون ذلك، بينت مصادر أمنية عراقية في قضاء طوزخورماتو أمس أن عدة شاحنات محملة بالأعتدة وصلت إلى القضاء وتوجهت فوراً إلى قواعد فيلق القدس في أطراف القضاء، مبينة أن الأوراق التي كانت بحوزة سائقي الشاحنات بينت أنها دخلت الأراضي العراقية عبر منفذ مهران الحدودي بين محافظة واسط العراقية وإيلام الإيرانية، في وقت أكد فيه يزدان بنا أن هذه الأعتدة التي وصلت إلى المنطقة هي جزء من الإمدادات التي تقدمها طهران إلى مسلحي «داعش» داخل الحويجة لتنفيذ خطة مهاجمة كركوك، مشيراً إلى أن التنظيم سينفذ هذا الهجوم قبل حلول 25 سبتمبر، لكنه أكد استعداد قوات البيشمركة لصد أي هجوم متوقع من قبل مسلحي التنظيم على كركوك.
وتعرضت كركوك خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أكثر من 17 هجوماً موسعاً من قبل مسلحي التنظيم، لكن قوات البيشمركة كانت لهم بالمرصاد وأردعتهم، وحررت كل المناطق التي احتلها «داعش» من مساحة المحافظة، ورغم استعداد البيشمركة لتحرير قضاء الحويجة والنواحي الأربعة التابعة لها، فإن بغداد أجلت معركة تحريرها إلى ما بعد حسم عملية تحرير الموصل.
بدوره، أكد قائد شرطة الأقضية والنواحي في كركوك، العميد سرحد قادر، وجود تحركات واسعة لمسلحي «داعش» في حدود المحافظة، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تحركات لمسلحي التنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في حدود كركوك، وزاد التنظيم من عدد قوته في هذه المناطق، وبحسب معلوماتنا، فإن القوات التي جاء بها التنظيم إلى الحويجة والنواحي الأربعة التابعة له (حوض الحويجة) قسم منها كان موجوداً في الموصل ونقله التنظيم إلى هذه المناطق، ووصلت أعدادهم إلى الآلاف من المسلحين»، مشيراً إلى أن «داعش» ما زال يسيطر على أكثر من 30 في المائة من مساحة كركوك التي تتمثل في قضاء الحويجة و4 نواحٍ تابعة له، إضافة إلى أكثر من 500 قرية، مشدداً على أن الحويجة تشكل خطراً على مدينة كركوك، وأنه من الأفضل تحريرها بأسرع وقت.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.