المد والجزر... أسرار لا تنتهي

كتاب جديد يبسط علاقة مستويات المياه والأجرام السماوية

المد والجزر... أسرار لا تنتهي
TT

المد والجزر... أسرار لا تنتهي

المد والجزر... أسرار لا تنتهي

كثير من الظواهر الطبيعية معروفة كثيرا لدى الإنسان لدرجة أن القليل فقط من البشر هم الذين يفكرون بشأن حقيقة ما يحدث أثناء هذه الظواهر.
من بين هذه الظواهر الطقس اليومي وكذلك أيضاً المد والجزر أو نمو الحيوانات والنباتات.
من المعتاد لدى الناس الذين يسكنون بالقرب من السواحل، وهم ملايين كثيرة على مستوى العالم، أن يرتفع مستوى سطح البحر وينحسر بوتيرة منتظمة.
يعالج الفيزيائي البريطاني هوج ألدرسي ويليامس هذه الظاهرة في كتابه «المد، الحياة البرية للمد والجزر».
تُظهر مقارنة لغوية بسيطة مدى تمركز الجزر والمد في الفكر البشري، حيث إن الأصل اللغوي لتعبير «المد والجزر» في اللغتين الإنجليزية والألمانية على سبيل المثال يشير إلى ارتباط هذه الظاهرة بالزمن واشتقاق وصفها من نفس المادة اللغوية للزمن، وذلك بسبب الاعتماد عليها يوما ما في قياس الزمن لأنها تحدث بوتيرة طبيعية محددة.
ولكن، ماذا يحدث في الحقيقة عندما يرتفع منسوب البحر وعندما يتراجع؟ ولماذا يحدث ذلك أصلا؟ هذه قضايا يعالجها ألدرسي ويليامز من زاويتين عن قرب، فهو من ناحية يرصد بدقة المنطقة الساحلية أثناء تبدل المد والجزر، ومن ناحية أخرى، فإن المؤلف يبين كيف اضطر البشر للانشغال على مدى قرون بالمد والجزر وبدأوا تدريجياً في البحث عن كيفية حدوث تغير في مستوى سطح البحر حيث حاول سكان السواحل منذ قرون معرفة خلفيات ظاهرة المد والجزر.
وحلل المؤلف وثائق تاريخية تثبت كيف دفعت هذه القضية العلمية البحث العلمي الفيزيائي للأمام ولكن دون أن تُعرف أهم تفاصيل القوانين الفيزيائية التي تقف وراء الظاهرة.
ولم تتضح العلاقة بين مستويات المياه والأجرام السماوية إلا عندما وضع إسحق نيوتن الحقائق الأساسية بشأن الجاذبية في نسق منطقي، عندها فقط اتضحت إمكانية حساب الأوقات الدقيقة للمد والجزر.
كان جلوس المؤلف عند الشاطئ جزءا من مشروعه بهدف رصد وتيرة كاملة للمد والجزر.
سرعان ما تبين للمؤلف أثناء هذه الملاحظة أنه لا يرى ببساطة تغيرا في منسوب المياه «حيث تقع بعض المناطق ذات التنوع الأكبر في الأحياء داخل مناطق المد والجذر، وبذلك يملأ الماء الفائض والماء المنحسر رفوف القارات مرتين يوميا بشكل فعال لا يستطيعه أي سوبر ماركت» حسبما رأى المؤلف الذي أوضح أن الطبقة التي يخلفها الماء المنحسر هي بيئة حيوية هامة جدا.
تتضح أهمية المد والجزر للطبيعة عند إلقاء نظرة على بعض المناطق الساحلية التي يحدث فيها المد والجزر بشكل أكثر تطرفا مما يحدث في بحر الشمال «فلم أر مجرد موجة بل بذل جهد من قبل الطبيعة بأكملها» حسبما كتب المؤلف.
أسفر تناول الجوانب المختلفة للمد والجزر عن كتاب لا يعالج هذه الظاهرة فقط بل يعالج البحر نفسه الذي له أهمية بالغة للبشرية.



خطر احتراري يهدّد الحياة البحرية في «منطقة الشفق»

منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
TT

خطر احتراري يهدّد الحياة البحرية في «منطقة الشفق»

منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)

يُحذر العلماء من أن تغير المناخ يمكن أن يقلل بشكل كبير من الحياة في أعمق أجزاء محيطاتنا التي تصل إليها أشعة الشمس، حسب (بي بي سي).
ووفقا لبحث جديد نُشر في مجلة «نيتشر كوميونيكشنز». فإن الاحترار العالمي يمكن أن يحد من الحياة فيما يسمى بمنطقة الشفق بنسبة تصل إلى 40 في المائة بنهاية القرن.
وتقع منطقة الشفق بين 200 متر (656 قدماً) و1000 متر (3281 قدماً) تحت سطح الماء.
وجد الباحثون أن «منطقة الشفق» تندمج مع الحياة، ولكنها كانت موطناً لعدد أقل من الكائنات الحية خلال فترات أكثر دفئاً من تاريخ الأرض.
وفي بحث قادته جامعة إكستر، نظر العلماء في فترتين دافئتين في ماضي الأرض، قبل نحو 50 و15 مليون سنة مضت، وفحصوا السجلات من الأصداف المجهرية المحفوظة.
ووجدوا عدداً أقل بكثير من الكائنات الحية التي عاشت في هذه المناطق خلال هذه الفترات، لأن البكتيريا حللت الطعام بسرعة أكبر، مما يعني أن أقل من ذلك وصل إلى منطقة الشفق من على السطح.
وتقول الدكتورة كاثرين كريشتون من جامعة إكستر، التي كانت مؤلفة رئيسية للدراسة: «التنوع الثري لحياة منطقة الشفق قد تطور في السنوات القليلة الماضية، عندما كانت مياه المحيط قد بردت بما يكفي لتعمل مثل الثلاجة، والحفاظ على الغذاء لفترة أطول، وتحسين الظروف التي تسمح للحياة بالازدهار».
وتعد منطقة الشفق، المعروفة أيضاً باسم المنطقة الجائرة، موطناً حيوياً للحياة البحرية. ويعد التخليق الضوئي أكثر خفوتاً من أن يحدث إلا أنه موطن لعدد من الأسماك أكبر من بقية المحيط مجتمعة، فضلاً عن مجموعة واسعة من الحياة بما في ذلك الميكروبات، والعوالق، والهلام، حسب مؤسسة «وودز هول أوشيانوغرافيك».
وهي تخدم أيضاً وظيفة بيئية رئيسية مثل بالوعة الكربون، أي سحب غازات تسخين الكواكب من غلافنا الجوي.
ويحاكي العلماء ما يمكن أن يحدث في منطقة الشفق الآن، وما يمكن أن يحدث في المستقبل بسبب الاحتباس الحراري. وقالوا إن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن تغيرات معتبرة قد تكون جارية بالفعل.
وتقول الدكتورة كريشتون: «تعدُّ دراستنا خطوة أولى لاكتشاف مدى تأثر هذا الموطن المحيطي بالاحترار المناخي». وتضيف: «ما لم نقلل بسرعة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، قد يؤدي ذلك إلى اختفاء أو انقراض الكثير من صور الحياة في منطقة الشفق في غضون 150 عاماً، مع آثار تمتد لآلاف السنين بعد ذلك».