حلف الناتو يستعد لإرسال خبراء إلى طرابلس لدعم حكومة السراج أمنياً واستخباراتياً

حلف الناتو يستعد لإرسال خبراء إلى طرابلس لدعم حكومة السراج أمنياً واستخباراتياً
TT

حلف الناتو يستعد لإرسال خبراء إلى طرابلس لدعم حكومة السراج أمنياً واستخباراتياً

حلف الناتو يستعد لإرسال خبراء إلى طرابلس لدعم حكومة السراج أمنياً واستخباراتياً

عقد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج محادثات في بروكسل أمس، مع الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، تناولت سبل دعم حكومته المعترف بها من الأمم المتحدة، في وقت نفى فيه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أي علاقة له بتغييرات أجراها السراج في المؤسسة العسكرية الليبية.
وشدد العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، على عدم وجود أي تنسيق سياسي أو عسكري مع السراج. وأضاف: «كل ما كان لدينا سلمناه للسراج في اجتماع أبوظبي (لكنه) تخاذل ولم يلتزم به، ونحن في حل من كل ما ورد في ذلك الاجتماع».
وأكد ألا علاقة لقيادة الجيش بالترقيات التي أعلنها السراج مؤخرا، معتبرا أنها «باطلة» لعدم استنادها إلى الإعلان الدستوري ولا حصولها على موافقة القائد الأعلى للجيش الليبي المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان المعترف به دوليا في شرق البلاد.
من جانبه، دعا المشير حفتر رجال الأعمال الليبيين من أصحاب رؤوس الأموال إلى تحمّل «مسؤولياتهم الوطنية» والإسراع بإيداع أموالهم في المصارف التجارية للمساهمة في تخفيف أزمة السيولة ورفع المعاناة عن المواطنين. وقال مكتب الإعلام التابع لحفتر إنه أصدر تعليماته إلى الحاكم العسكري ووزير الداخلية المكلف بضرورة اتخاذ «الإجراءات الفورية والعاجلة» لفتح أبواب المصارف للمواطنين وتمكينهم من سحب مخصصاتهم المالية بحسب سقف السحب المالي المسموح به.
وحدد حفتر مواعيد دوام استثنائية للمصارف التجارية خلال هذه الأزمة حتى ليلة عيد الفطر المبارك، كما شكّل غرفة أمنية مصغرة برئاسة الحاكم العسكري وعضوية كل من وزير الداخلية المكلف ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، بالإضافة إلى مدير إدارة الشرطة العسكرية، لتولي تنفيذ هذه التعليمات بكل دقة.
وقال حفتر إن من يرفض هذه التعليمات أو يعمل على عرقلتها أو يتراخى في تنفيذها سيكون عرضه للمساءلة القانونية.
في المقابل، بحث السراج مع أمين حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبيرغ في مقر الحلف في بروكسل، تطورات الموقف السياسي والأمني في ليبيا. وأعلن ستولتنبيرغ أن فرق خبراء ستبدأ في أسرع وقت ممكن في مساعدة حكومة السراج على تدريب وتطوير جيشها الذي استنزفته سنوات من الصراع ومواجهة تهديد من متشددين إسلاميين وانقسامات بين الفصائل الليبية. وقال للصحافيين بعد الاجتماع إنه فيما يسعى الغرب ومصر لإرساء الاستقرار في ليبيا وافق الحلف على مساعدة الحكومة المتمركزة في طرابلس في التعامل مع ملفات مثل «كيفية تحديث وزارة الدفاع وبناء هيئة أركان وأيضا تطوير أجهزة المخابرات ووضع كل ذلك تحت السيطرة السياسية».
وأكد بيان للسراج وزعه مكتبه هذه التصريحات، مشيرا إلى أن «الحلف أبدى الاستعداد لتقديم (المساعدة) في قطاعي الدفاع والأمن والمساهمة في إعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد». وأضاف البيان أن مسؤول الناتو جدد دعم الحلف لحكومة السراج، مؤكدا ألا حل عسكريا للأزمة الليبية.
وأكد السراج، من جهته، أهمية التنسيق والتعاون بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا وحلف الناتو بما يساهم في رفع قدرات الجانب الليبي الذي يواجه «تحديات الإرهاب والهجرة غير الشرعية».
والتقى السراج مع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني، ورئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات، والممثلة السامية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل على هامش مؤتمر رفيع المستوى لقادة الاتحاد الأوروبي في شأن الهجرة. وجددت موغيريني دعمها للمجلس الرئاسي لحكومة السراج باعتباره «الجهة التنفيذية الشرعية الوحيدة في ليبيا»، وفق نص بيان أصدره السراج.
وأوضح البيان أنه تم الاتفاق على أهمية التركيز على تأمين وحماية حدود ليبيا الجنوبية مع الاستمرار في دعم خفر السواحل الليبية.
وألقى السراج كلمة في افتتاح مؤتمر الاتحاد الأوروبي في شأن الهجرة في بروكسل، يوم الأربعاء، قال فيها إن ليبيا دولة عبور للمهاجرين غير الشرعيين، وإن المشكلة تؤرق الليبيين مثلما تؤرق الدول الأوروبية. وطالب دول الاتحاد الأوروبي بدعم طلب قدمته حكومته منذ أسبوعين إلى لجنة العقوبات في الأمم المتحدة لرفع حظر السلاح عن خفر السواحل والأجهزة الأمنية، لتتمكن من أداء دورها، مشيرا إلى أن «ليبيا لن تكون مكانا لبناء معسكرات إيواء للمهاجرين تحت أي اسم كان»، ومؤكدا رفضه توطين المهاجرين في ليبيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم