لاجئو مخيم الركبان بين نيران المعارك والكارثة الإنسانية

الاشتباكات قطعت طرق نقل الغذاء... ومخاوف من تقدم «الحشد الشعبي»

فقر ونقص مياه ومخاوف في مخيم الركبان قرب الحدود السورية - الاردنية
فقر ونقص مياه ومخاوف في مخيم الركبان قرب الحدود السورية - الاردنية
TT

لاجئو مخيم الركبان بين نيران المعارك والكارثة الإنسانية

فقر ونقص مياه ومخاوف في مخيم الركبان قرب الحدود السورية - الاردنية
فقر ونقص مياه ومخاوف في مخيم الركبان قرب الحدود السورية - الاردنية

تتضاعف معاناة اللاجئين في مخيم الركبان عند الحدود الأردنية - السورية مع اشتداد المعارك في البادية، إذ وبعدما كانت عمان قد أقفلت حدودها منذ نحو سنة بعد الأحداث الأمنية والتفجيرات التي استهدفت المنطقة، جاءت هذه الاشتباكات لتقفل ما تبقى من طرق إمداد من الجهة السورية وتضع اللاجئين الذين يقدر عددهم بنحو 80 ألفاً أمام مصير مجهول.
يصف الناشطون وأبناء المخيم الوضع في داخله بـ«المأساوي»، محذرين من كارثة إنسانية إذا لم يتم تدارك الوضع وإيجاد الحلول بعدما باتت ربطة الخبز عملة نادرة لا تصل إلى كل العائلات، ووصل ثمنها إلى 500 ليرة سوريا (نحو دولار أميركي).
يقول عمر البنية، المتحدث باسم مجلس عشائر تدمر والبادية لـ«الشرق الأوسط»: «العائلات في المخيم باتت تعيش في خوف مستمر على مصيرها ومصير أبنائها، إذا تفاقم الوضع وتقدم الحشد الشعبي أو قوات النظام إلى منطقتهم، وذلك بعدما بات المخيم في منطقة شبه محاصرة من كل الجهات، إذ وبعدما أقفلت الحدود الأردنية أمامه، باتت الاشتباكات تعيق إمكانية إيصال المساعدات الغذائية التي ارتفع أسعارها بشكل جنوني».
ويبعد معبر التنف الحدودي نحو 15 كلم عن المخيم، حيث تدور المعارك بين «جيش أسود الشرقية» و«مغاوير الثورة»، التابعين للجيش السوري الحر من جهة وقوات النظام والميليشيات العراقية من جهة أخرى. وأدت هذه المعارك إلى محاصرة المخيم بالإضافة إلى إقفال طرقات الإمداد التي كان يعتمد عليها التجار لنقل المواد الغذائية من مناطق كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش، الذي كان يسمح لأشخاص معينين بتولي مهمة نقل هذه المواد من منطقته، بحسب ما يقول أبو محمد الحمصي، الناشط في منطقة البادية لـ«الشرق الأوسط».
من جهته، يقول لاجئ في المخيم تحدث للصحيفة، إن «المعارك الدائرة بين الفصائل والنظام من جهة ومع الحشد الشعبي من جهة العراق انعكست على حياة العائلات التي هربت من الحرب في مناطقها لتأتي وتواجه هذا المصير»، مضيفاً أن «المساعدات لا تصل إلا نادراً إلى المخيم، حيث يموت الأطفال جوعاً من المرض نتيجة غياب المراكز الطبية وعدم السماح للمرضى بالدخول إلى الأردن». وأتى انقطاع مياه الشرب المستمر منذ أكثر من أسبوع ليضاعف معاناة اللاجئين بعدما كان قد سجّل وفاة أكثر من 25 طفلاً نتيجة غياب الخدمات الطبية وعدم وجود أي مستوصف أو مستشفى يتولى معالجة المرضى، موضحاً: «متعهد شبكة المياه يقول إن الشبكة تعطلت، وهي بحاجة إلى ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع لإصلاحها، الأمر الذي يضع العائلات أمام واقع البحث عن المياه واستخدام ما توفر منها حتى تلك غير الصالحة للشرب، الأمر الذي أدى إلى ظهور أمراض في صفوف اللاجئين لا سيما الأطفال منهم»، بينما أكد أبو محمد تسجيل حالات تسمّم بين الأطفال نتيجة شربهم من المياه الملوَّثَة.
وفيما يلفت البنية إلى أنه وأمام المعارك التي طغت على المشهد في المنطقة، أصبح اللاجئون منسيين، وصرخاتهم التي يطلقها الناشطون في المخيم لم تلقَ صدى لدى المعنيين، يشير إلى أنه «إضافة إلى المصير المجهول الذي ينتظره اللاجئون تكمن المشكلة الأساسية في أن هؤلاء غير مسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين، على اعتبار أن المخيم غير شرعي، ويسيطر عليه فصيل عسكري يحاول الضغط على اللاجئين وفرض القيود عليهم».
وكان مخيم الركبان قد أنشئ عام 2015، بعد محاولة آلاف السوريين الهروب إلى الأردن الذي أعلن عدم قدرته على استيعاب كل اللاجئين، وتحوّلت هذه البقعة الحدودية إلى مخيم غير شرعي، فيما يقول الناشطون إنه، ومنذ إقفال الحدود، العام الماضي، بعد التفجير الذي طال الحدود الأردنية، توقف إيصال المساعدات بشكل شبه نهائي إلى المخيم، ولم يتم إرسالها إلا ثلاث مرات خلال عام، بحسب البنية.
ويشير إلى أن المعارك التي تشتد في الرقة والبادية أدت إلى وصول أعداد كبيرة من العائلات الهاربة من الحرب في منطقتها إلى المخيم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».