لقاء «عاصف» بين عباس ومستشاري ترمب

كوشنر وغرينبلات طالبا بوقف رواتب المعتقلين

عباس مستقبلاً كوشنر في رام الله أمس (أ.ف.ب)
عباس مستقبلاً كوشنر في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

لقاء «عاصف» بين عباس ومستشاري ترمب

عباس مستقبلاً كوشنر في رام الله أمس (أ.ف.ب)
عباس مستقبلاً كوشنر في رام الله أمس (أ.ف.ب)

قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ومستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صهره، جاريد كوشنر ومبعوثه جيسون غرينبلات، «كان متوتراً ومشحوناً»، بسبب تركيز الأميركيين على قضيتي وقف رواتب «المعتقلين والقتلى» الفلسطينيين من منفذي العمليات ضد الإسرائيليين، ووقف التحريض، بدل مناقشة مبدأ حل الدولتين.
وبحسب المصدر، فعلى الرغم من أن عباس طرح وجهة نظره في القضايا الأكثر حساسية، الدولة والحدود والقدس واللاجئين، فإن المسؤولين الأميركيين فضلا الضغط عليه من أجل وقف الرواتب والتحريض، وأبلغاه بأنهما يتبنيان الراوية الإسرائيلية في هذا الصدد، وأن قيامه بالأمر هو دليل على رغبته في تحقيق السلام.
وأكد المصدر أن عباس عبر عن غضبه، ورفض الاستجابة لطلب قطع الرواتب، وأبدى استعداده فقط لتفعيل لجنة ثلاثية فلسطينية ـ أميركية ـ إسرائيلية لمراقبة «التحريض».
كما طلب عباس بدلا من التركيز على الرواتب التي اعتبرها «شأناً داخلياً ولها بعد اجتماعي»، التركيز على ضرورة وقف الاستيطان، من أجل إثبات النوايا الحسنة، لكنه لم يتلق وعودا.
ولم تفض الجلسة إلى أي اتفاق أو اختراق في أي من القضايا بما في ذلك وقت إطلاق مفاوضات، أو عقد لقاء ثلاثي بين عباس وترمب ورئيس وزراء إسرائيل، بل تركت قناعات لدى رام الله بتبني الأميركيين وجهات النظر الإسرائيلية، وبأنهم لا يمكن أن يقودوا الطرفين إلى اتفاق.
وقال مسؤول فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم طرف منحاز... على الرغم من ذلك، نحن سننتظر نتائج المفاوضات المتوقعة في واشنطن الشهر المقبل».
وأكد المسؤول أن وفدا خماسياً فلسطينياً سيحمل معه الموقف الفلسطيني في الملفات النهائية، وسيعرضها على وفد خماسي أميركي. وأضاف: «في نهاية المطاف، موقفنا واضح وهم يعرفونه جيداً، لكنهم يختارون معالجة الأمر بالطريقة الإسرائيلية».
ويفترض أن يذهب الوفد الفلسطيني إلى واشنطن ويحمل معه ملفات لها أهمية وأولوية، طلب الأميركيون إعدادها، كما طلبوا ذلك من الإسرائيليين أيضا.
ويدرس الأميركيون طرح وثيقة مبادئ من أجل إطلاق العملية السياسية. واختار البيت الأبيض والرئاسة الفلسطينية، بث شيء من الأمل حول المباحثات بخلاف الواقع الذي كان صعبا. لكن المتحدثين من الطرفين، لمحوا إلى وجود عقبات لم يسموها صراحة.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في بيان، «اللقاء بحث كافة القضايا بشكل واضح ومعمق، حيث تطرق إلى قضايا الوضع النهائي كافة، كقضية اللاجئين والأسرى». وأضاف، «إن الرئيس عباس، أكد خلال اللقاء، على مبدأ حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967».
وتابع أبو ردينة «الرئيس جدد التزامه بتحقيق السلام العادل والشامل، القائم على قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية».
ولم يتحدث أبو ردينة عن أي موقف أميركي.
وكان كوشنر جدد مرة ثانية، التزام الرئيس دونالد ترمب، العمل من أجل الوصول إلى «صفقة سلام جادة».
وقال البيت الأبيض في بيان له، إن الاجتماع، الذي حضره أيضا مبعوث ترمب للسلام جيسون غرينبلات، كان «مثمرا»، وبأن عباس وكوشنر «أعادا التأكيد على التزامهما بالدفع بهدف الرئيس ترمب في تحقيق سلام حقيقي ودائم» بين إسرائيل والفلسطينيين.
لكن في تلميح للتحديات، قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، إن الطرفين «أكدا على أن تحقيق السلام سيستغرق وقتا، وشددا على أهمية القيام بكل ما هو ممكن لخلق البيئة المواتية لصنع السلام».
وهذه ليست أول مرة يطرح فيها الأميركيون مسألتي الرواتب والتحريض، فقد طرحهما غرينبلات في كل لقاءاته مع عباس، وكذلك الرئيس الأميركي الذي التقى عباس في بيت لحم، وحول اللقاء إلى متوتر كذلك، بعد عرضه على عباس فيديوهات عن التحريض قائلا له إنك تخدعني.
وبحسب مصادر إسرائيلية، فقد سلم الإسرائيليون الأميركيين قائمة بأسرى متهمين بقتل إسرائيليين ويتلقون رواتب عالية من السلطة، ويعتقد أن الأميركيين سلموها للفلسطينيين.
وفي وقت سابق قال وزير الخارجية ريكس تيلرسون، إنهم يمارسون الضغط على عباس لإنهاء التحريض على العنف ضد إسرائيل، ووقف دفع الرواتب لعائلات الأسرى الأمنيين ومنفذي الهجمات.
لكن الفلسطينيين يرفضون تماما الطلب الإسرائيلي الأميركي.
وعد مسؤول ملف الأسرى في السلطة عيسى قراقع أن طلب التوقف عن دفع الرواتب وصفة لتفكيك السلطة.
وقال القيادي في حركة فتح نبيل شعث، وهو مستشار الرئيس عباس، إن السلطة ستستمر في دفع هذه الرواتب.
وأضاف في كلمة بالنيابة عن عباس في مؤتر هرتسيليا المنعقد في إسرائيل، «هذا واجب اجتماعي ولن تتراجع السلطة عنه». وتابع، «إن السلطة الفلسطينية اعترفت بإسرائيل كسائر الدول، إلا أن إسرائيل ترفض الاعتراف بدولة فلسطين».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.