«أوبر» في رحلة إنقاذ سمعتها بعد التخلص من مؤسسها

بدأ أمس مجلس إدارة مجموعة «أوبر» Uber للنقل التشاركي، عملية البحث عن رئيس جديد لإدارة عمليات الشركة، وذلك بعد إجبار الرئيس التنفيذي السابق ومؤسس الشركة ترافيس كالانيك على الاستقالة. وعلى الفور بدأت الشركة حملة كبرى بعنوان «180 يوما» لتحسين الخدمات، فيما أكد مسؤول مصرفي في «دويتشه بنك» أن عملية الطرح العام لـ«أوبر» لم تتأثر بالتغييرات الإدارية.
ونشر كالانيك، الذي أسس الشركة في عام 2009 قبل فترة، رسالة أخبر فيها العاملين في «أوبر» أنه سيذهب في إجازة مفتوحة، من أجل استعادة التركيز لإدارة الشركة بقوّة بعد عودته. لكن مصادر متطابقة أكدت أمس أن الرئيس التنفيذي السابق قدّم استقالته، نظراً لضغوطات من مجلس الإدارة.
وأعلنت «أوبر» أمس أن كالانيك قد غادر منصبه نهائيا على خلفية عدة مسائل جدلية مرتبطة به، وجاء في بيان منفصل صادر عن مجلس إدارة الشركة: «لطالما قام ترافيس بتغليب مصلحة (أوبر) على كل الأمور الأخرى»، مع الإشارة إلى أنه «قرار جريء يدل على تفانيه في سبيل (أوبر) وحبه لها». وأوضح البيان أن كالانيك سيحافظ على منصبه في مجلس الإدارة.
وتواجه «أوبر» منذ عدة أشهر سلسلة من حالات الصرف والاستقالة على خلفية اتهامات بتحرش جنسي أو تمييز ضد النساء، فضلا عن شبهات حول سرقة تكنولوجيات. وكالانيك، مثله كمثل مساعده الأبرز إميل مايكل الذي استقال الاثنين الماضي، متهم بتشجيع ممارسات قاسية وغير مناسبة للشركة.
وفي غضون ذلك، قال ألسدير وارن، رئيس وحدة الاستثمار البنكي في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط لدى «دويتشه بنك»، أمس، إن احتمال تنفيذ الطرح العام الأولي لشركة «أوبر» لا يزال قوياً للغاية، رغم استقالة كالانيك والتغيرات الإدارية التي تشهدها الشركة. وخلال مقابلة مع «سي إن بي سي» أمس، قال وارن: «لست متأكدا من أن تغيير الرئيس التنفيذي أو إحداث تعديل إداري سيؤدي بالضرورة للتأثير على خطط الطرح العام الأولي». وأضاف أنه حينما ترغب الشركة في طرح أسهمها فسيكون هناك طلب قوي عليها، وستكون تلك خطوة كبيرة للسوق، متابعاً بأن هناك فرصة عظيمة لـ«أوبر» في الأسواق العامة، نظراً لما تعنيه لأعمال التكنولوجيا وبصمتها العالمية في هذا المجال.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، أعاد خمسة من كبار المساهمين في «أوبر»، من بينهم صندوق «بنشمارك» الجدل حول المخالفات والأزمات في «أوبر» إلى الواجهة الثلاثاء، مطالبين باستقالة كالانيك في رسالة موجهة إليه، تحت عنوان «دفع (أوبر) إلى الأمام».
وتضمنت الرسالة مطالبة أكبر الشركات المساهمة في «أوبر» باستقالة كالانيك نهائيا، كما ذكرت الصحيفة. ويأتي هذا التحرك بعد أشهر من الجدل حول ثقافة مكان العمل في الشركة.
وكان كالانيك قد أعلن الأسبوع الماضي أنه سيمنح نفسه إجازة مفتوحة، إلا أن بعض المستثمرين في «أوبر» طالبوا بترك منصبه بشكل دائم، وفقا للصحيفة.
وفي رد سريع، قال كالانيك، في بيان، إنه يُحب شركة «أوبر» أكثر من أي شيء في حياته، وإنه قبل طلبات المُستثمرين التنحي، وأخذ استراحة قصيرة من إدارة الشركة لإفساح المجال أمام التغيير، والتخلّص من المشكلات التي كانت تُعكّر صفو الشركة.
وبحسب ما تردد أمس، لم يتّفق مجلس الإدارة ضد الرئيس التنفيذي السابق، فهو ما زال يحظى بتأييد البعض، إلا أن المُستثمرين كانوا عاملاً أساسياً في اتّخاذ القرار، على الرغم من الرسالة التي أرسلها كالانيك للموظّفين، والتي أخبرهم فيها أنه سيعود «Travis 2.0»، إشارة منه للسعي وراء تغيير ذاته.
وتنهي مغادرة كالانيك فترة اضطراب شهدتها أكبر شركة لخدمات نقل الركاب في العالم، والتي قلبت قطاع سيارات الأجرة والقواعد التنظيمية للنقل رأسا على عقب، مع وجود كالانيك على رأسها. وواجه كالانيك، البالغ من العمر 40 عاما، تدقيقا متزايدا في الأسابيع الأخيرة بعد تحقيق بشأن الممارسات والثقافة السائدة في مكان العمل بالشركة، التي ساعدها على الانطلاق في عام 2009، وباتت الآن أكبر شركة مبتدئة في العالم من حيث القيمة.
وفي الوقت الذي كان يدافع فيه فريق الإدارة بشكل كبير عن الشركة، تغير كل شيء في فبراير (شباط). وذلك عندما نشرت مهندسة سابقة في «أوبر» تقريرا فضحت فيه الشركة، الأمر الذي أدى إلى الأزمة الحالية التي تعاني منها. وقد بينت في هذا التقرير كيف أن إدارة الموارد البشرية في «أوبر» لم تبذل أي محاولة لاتخاذ الإجراء المناسب، بعد أن أبلغت عن حادث التحرش الجنسي من طرف مديرها، وبعد ذلك علمت لاحقا أن كثيرا من النساء الأخريات لديهن تجارب مماثلة مع نفس الشخص.
من جهتها، بدأت «أوبر» حملة للتغيير وتحسين الخدمات، عندما أعلنت عن 180 يوما من التغيير، تقوم بموجبها كل 30 يوما بمشاركة خطوات جديدة لتحسين جودة الخدمة قدر المُستطاع، كما وفّرت للمرّة الأولى إمكانية تلقّي السائقين إكراميّات من الرُكّاب.
وعملاً بالتغييرات الجديدة، سوف يكون بمقدور الرُكاب ترك الإكراميّات للسائقين بعد سنوات من الرفض لهذا المبدأ. وذكرت الشركة أنه بدءاً من الأمس، يمكن للسائقين في هيوستين، ومينيابوليس، وسياتل، تقبل الإكراميات، على أن تكون تلك الميزة متوفرة لجميع السائقين بحلول نهاية يوليو (تموز) المقبل.
وكانت «أوبر» منذ سنوات تعارض فكرة إضافة إكرامية للسائقين عبر تطبيقها، وواجهت جدالاً كبيراً من السائقين الذين اعتبروا الأمر تعويضاً عن تدني الأجور. وتعتبر ميزة الإكراميات جزءاً من مجموعة إجراءات طرحتها «أوبر» لتحسين ظروف العمل للسائقين، والتي تشمل أيضاً الدفع للسائقين أثناء انتظارهم الركاب.
وعدلت الشركة أوقات الانتظار لتبدأ من دقيقتين، بحيث يبدأ السائق في الحصول على الأُجرة بعد دقيقتين من وصوله. كما سيحصل السائق على أُجرة كتعويض من الراكب إذا ما قام بإلغاء الطلب بعد دقيقتين.
وإضافة إلى ما سبق، سيحصل السائق على نقاط إضافية في جميع الطلبات التي يقوم بإتمامها، ويُمكن استبدال تلك النقاط بنقود حقيقية في أي وقت. كما أضافت الشركة مبلغ دولارين لتعرفة الركوب الخاصة بالمراهقين، مع توفير خيار جديد للتأمين على السائق.
وذكرت الشركة أنها مع بداية كل شهر خلال الأشهر الستة القادمة، ستقوم بمشاركة خطوات جديدة لتحسين جودة الخدمة. كما نوّهت إلى أن وصول تلك التحسينات سيكون تدريجيا، والهدف أن يشمل جميع المناطق.