إسرائيل تُحصي جراحها الاقتصادية: 67 مليار دولار ضريبة الحرب بعد 200 يوم

الموازنة تواجه 7 مليارات عجزاً... والدين في طريقه لبلوغ 67% من الناتج المحلي

فلسطينيون يبحثون عن أشياء يمكن إنقاذها بين أنقاض مبنى سكني دمرته الغارات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون يبحثون عن أشياء يمكن إنقاذها بين أنقاض مبنى سكني دمرته الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT

إسرائيل تُحصي جراحها الاقتصادية: 67 مليار دولار ضريبة الحرب بعد 200 يوم

فلسطينيون يبحثون عن أشياء يمكن إنقاذها بين أنقاض مبنى سكني دمرته الغارات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون يبحثون عن أشياء يمكن إنقاذها بين أنقاض مبنى سكني دمرته الغارات الإسرائيلية (رويترز)

تلقي الحرب الجارية بين إسرائيل و«حماس» بثقلها على كاهل الاقتصاد الإسرائيلي ليدفع بذلك فاتورة باهظةً هي الأغلى في تاريخ الحروب التي خاضتها إسرائيل؛ إذ يشهد اقتصادها انهياراً واضحاً نتيجة التكاليف المرتفعة والخسائر المالية المباشرة وغير المباشرة. وبعد 200 يوم من الحرب، أصبحت الخسائر الاقتصادية دليلاً واضحاً على حجم المعاناة الفادحة، وهو أمر تعكسه البيانات والأرقام الرسمية التي تنذر بالمزيد من التطورات السلبية المحتملة. ووفقاً لـ«بنك إسرائيل»، فإن فاتورة خسائر تل أبيب في الحرب على قطاع غزة بلغت 67 مليار دولار على أقل تقدير حتى الآن.

انكماش اقتصادي وديون هائلة

شهد الاقتصاد الإسرائيلي انكماشاً كبيراً خلال الربع الأخير من العام الماضي، بنسبة 21 في المائة على أساس سنوي؛ إذ ألقت الحرب بظلالها على عملية إعداد موازنة السنة الحالية، مما اضطر الحكومة إلى اتخاذ قرارات صعبة تمثلت في تعزيز الإنفاق العسكري على حساب قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والاستثمار. كما رفع الواقع المالي الضاغط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 60 في المائة عام 2022، إلى 62.1 في المائة العام الماضي، وسط توقعات بأن يرتفع في 2024 إلى 67 في المائة.

وفي عام 2023، حقق الاقتصاد نمواً إجمالياً بنسبة 2 في المائة مقارنة بعام 2022، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، وهو انخفاض ملحوظ عن النمو المسجل في العام السابق والذي بلغ 6.5 في المائة.

ومنذ بداية عام 2024، سجلت الموازنة الإسرائيلية عجزاً تراكمياً بقيمة 26 مليار شيكل؛ أي ما يعادل نحو 7 مليارات دولار. وبحسب صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، وصل العجز الشهري للموازنة في مارس (آذار) إلى 15 مليار شيكل؛ أي نحو 4 مليارات دولار، وهو ما يعادل 6.2 في المائة من الناتج المحلي.

وفي موازاة ذلك، ارتفع الإنفاق الحكومي بنسبة هائلة بلغت 88 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى التي أعقبت اندلاع الحرب، مقارنة بالربع السابق. وعلى النقيض من ذلك، انخفض إنفاق المستهلكين بشكل حاد بنسبة 27 في المائة في الوقت الذي تراجع فيه إجمالي دخل الإسرائيليين 20 في المائة، في حين شهدت كل من الواردات والصادرات تراجعاً كبيراً بنسبة 42 في المائة و18 في المائة على التوالي.

ووفقاً لوزارة المالية، جمعت إسرائيل ديوناً بقيمة هائلة بلغت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) في 2023، منها 81 مليار شيكل تمّ اقتراضها منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول).

وفي الشهر الماضي، جمعت إسرائيل مبلغاً قياسياً قدره 8 مليارات دولار في أول بيع لسندات دولية لها منذ هجمات 7 أكتوبر، مع ارتفاع الطلب حتى بعد أن أعطت وكالة «موديز» لإسرائيل أول خفض على الإطلاق لتصنيفها الائتماني السيادي في فبراير (شباط).

وكانت الحكومة جمعت في عام 2023 نحو 116 مليار شيكل، أو 72 في المائة من الإجمالي، محلياً، منها 25 في المائة تم اقتراضها من الخارج والباقي في شكل ديون محلية غير قابلة للتداول.

وقالت الوزارة إن الدين العام الإسرائيلي نما بنسبة 8.7 في المائة في العام الماضي ليصل إلى 1.13 تريليون شيكل، مدعوماً جزئياً بارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.

ضربات موجعة للسياحة

تتعرض السياحة في إسرائيل لضربات موجعة تنذر بتراجع ملحوظ في إيراداتها، وذلك بعد سلسلة من الإلغاءات التي طالت مختلف الأنشطة والفعاليات السياحية. فبعد توقف الخدمات الفندقية وتراجع أعداد الزوار بشكلٍ ملحوظ، أُعلن أخيراً عن إلغاء الموسم السياحي في «جبل حرمون»، المعروف باسم «جبل الشيخ» أيضاً، والذي يُعد أشهر وجهة للتزلج على الثلوج في إسرائيل.

وأكدت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن إغلاق «جبل حرمون»، الذي استقطب 400 ألف زائر خلال موسم شتاء 2022-2023، يُشكل ضربة قاسية وقاصمة لقطاع السياحة الإسرائيلي الذي كان يعاني أصلاً من تبعات الصراع الأخير في المنطقة. فقد كانت فعاليات «جبل حرمون» تجذب سنوياً أعداداً كبيرة من السياح، محليين وأجانب، مما كان يُدر أرباحاً طائلة على الخزينة الإسرائيلية.

كما أكدت تصريحات الرئيس التنفيذي لمنطقة جبل حرمون للتزلج، رفائيل نافي، على أن إغلاق الجبل لم يُؤثر فقط على موظفيه البالغ عددهم 300 شخص، بل طال تأثيره أيضاً مختلف القطاعات الاقتصادية في المنطقة.

وشهد قطاع السياحة نمواً طوال عام 2023؛ إذ استقبلت إسرائيل ما يقرب من 3.01 مليون سائح، مما أدى إلى ضخ 4.85 مليار دولار، لكن القطاع السياحي واجه انهياراً كبيراً نتيجة أحداث السابع من أكتوبر الماضي، ليدخل بعد ذلك عام 2024 بالكثير من التحديات والشكوك حول مستقبله.

وبحسب مركز الإحصاء الإسرائيلي، زار 180 ألف سائح إسرائيل خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 81.5 في المائة على أساس سنوي مقارنة بعام 2022، عندما بلغ عدد السياح في الربع الأخير 930 ألف سائح.

التصنيف الائتماني في خطر

وفي خطوة مفاجئة، خفضت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني طويل الأجل لإسرائيل من «أيه أيه -» إلى «أيه +»، وذلك بعد تصاعد حدة التوتر مع إيران في الآونة الأخيرة. كما توقعت أن يرتفع عجز الموازنة الحكومية الإسرائيلية 8 في المائة في 2024 مقارنة بـ6.7 في المائة في 2023.

وكان من المقرر أن تُصدر «ستاندرد آند بورز» تصنيفها الدوري لإسرائيل الشهر المقبل، إلا أن التطورات الأخيرة على الساحة الجيوسياسية، وتحديداً تصاعد حدة التوتر مع إيران، دفعتها إلى اتخاذ هكذا خطوة. ويُبنى التصنيف الائتماني الحالي لإسرائيل على افتراض عدم توسع الصراع في المنطقة. وإذا حدث مثل هذا التصعيد، فمن المرجح أن تقدم «ستاندرد آند بورز» على خفض تصنيف إسرائيل مرة أخرى.

كما خفضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل للمرة الأولى من «أيه 1» إلى «أيه 2» في أوائل فبراير 2024. ويُعزى هذا التخفيض إلى المخاوف المتزايدة بشأن الحرب المستمرة في غزة وتأثيرها السلبي المحتمل على اقتصاد إسرائيل على المدى الطويل. وتوقعت ارتفاع أعباء الدين في إسرائيل عن توقعات ما قبل الحرب، وأن يصل الإنفاق الدفاعي إلى ضعف مستوى عام 2022 تقريباً بحلول نهاية هذا العام.

وأشارت «موديز» إلى أنها فعلت ذلك بعد تقييم لها يبين أن «النزاع العسكري المستمر مع (حماس) وتداعياته وعواقبه الأوسع نطاقاً يزيد المخاطر السياسية لإسرائيل، ويضعف أيضاً مؤسساتها التنفيذية والتشريعيّة وقوّتها المالية في المستقبل المنظور».

أما وكالة «فيتش»، فتوقعت أن يبلغ عجز الموازنة العامة الإسرائيلية لعام 2024 نحو 8.6 في المائة، وأن يصل إجمالي العجز إلى 33 مليار دولار. كما توقعت أن يبلغ العجز لعام 2025 نحو 3.9 في المائة بدلاً من 2.8 في المائة، في حين أنه سوف تبلغ نسبة العجز لإجمالي الناتج المحلي في 2024 مستوى 65.7 في المائة. كما رجحت ارتفاع الإنفاق الإسرائيلي العام 12.5 في المائة في 2023 بسبب الحرب.

تحديات ما قبل الحرب

لم يكن التباطؤ الاقتصادي مفاجئاً في إسرائيل؛ فقد كان الاقتصاد يواجه العديد من التحديات منذ بداية العام؛ إذ أدت الإصلاحات القضائية التي اقترحتها الحكومة اليمينية المتطرفة للحد من سلطة المحكمة العليا إلى اضطرابات سياسية واحتجاجات وتباطؤ الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا الفائقة وإضعاف الشيكل. كما ساهم ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم والتوقعات بحدوث ركود اقتصادي عالمي في تفاقم مشاكل الاقتصاد.

وقبل الحرب، كان اقتصاد البلاد في تراجع مستمر. وشهدت الحكومة انخفاض إيراداتها بنسبة 8 في المائة في سبتمبر (أيلول)، بعد فترة أولية صعبة استمرت ثمانية أشهر من السنة المالية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً عن إسرائيل توقع فيه تباطؤ النمو الاقتصادي إلى نحو 2.5 في المائة في عام 2023. وأشار التقرير إلى عدة عوامل لهذا التباطؤ، بما في ذلك ارتفاع التضخم (5 في المائة في عام 2022) والإصلاحات القانونية المثيرة للجدل التي أجرتها الحكومة.

هل التعافي ممكن؟

من المرجح أن يكون لأي حرب تأثير سلبي على مالية إسرائيل؛ إذ تنفق الحكومة أكثر من 4 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الجيش، وتتلقى 3.8 مليار دولار مساعدة سنوية من الولايات المتحدة لشراء الأسلحة.

يُذكر أنه في عام 1973 كادت تكلفة الأسلحة وتعبئة 200 ألف جندي احتياطي لحرب السادس من أكتوبر أن تؤدي إلى إفلاس إسرائيل.

من جهته، قدر المصرف المركزي أن سنة واحدة من انتفاضة 2002 كلفت 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع استمرار الحرب، فإن المخاطر المحتملة المرتبطة بها سوف تتصاعد بشكل متزايد. وفي الوقت الحالي، هناك اتجاه تصاعدي في تكاليف الاقتراض، في حين أن القاعدة الضريبية آخذة في الانخفاض. علاوة على ذلك، فإن محركات النمو الرئيسية للاقتصاد الإسرائيلي، وخاصة الاستهلاك الخاص والاستثمار، وصلت إلى طريق مسدودة.

وتشهد الإيرادات الضريبية للدولة اتجاهاً تنازلياً مثيراً للقلق يصاحبه ارتفاع كبير في العجز قد يصل إلى ضعف المعدل المتوقع في البداية وهو 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن مؤشر ثقة المستهلك، وهو مؤشر يهدف إلى تقييم المستوى العام للتفاؤل لدى عامة الناس، كشف عن تراجع ملحوظ.

وعليه، من المتوقع أن يكون للحرب المستمرة تأثير كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، مما يؤدي إلى تباطؤ في النمو خلال العامين الماليين الحالي والمقبل. وسيترافق ذلك مع زيادة كبيرة في عجز الموازنة؛ إذ تخصص الحكومة أموالاً إضافية لدعم الجيش وتقديم المساعدة للمدنيين ودعم الشركات المتضررة من الحرب.

وهناك اختلافات ملحوظة تشير إلى إمكانية فترة تعافٍ طويلة، إذا كان هذا التعافي ممكناً؛ إذ خسرت بورصة تل أبيب، في أكتوبر 2023 وحده، 27 مليار دولار، وهو ما يمثل أكبر خسارة شهرية لها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومن المتوقع أن تزيد الخسائر أكثر.


مقالات ذات صلة

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.