النظام ينير الجامع الأموي التاريخي بـ«أنوار الكازينوهات»

استهجان في دمشق واستنكار من أهل الاختصاص

النظام ينير الجامع الأموي التاريخي بـ«أنوار الكازينوهات»
TT

النظام ينير الجامع الأموي التاريخي بـ«أنوار الكازينوهات»

النظام ينير الجامع الأموي التاريخي بـ«أنوار الكازينوهات»

في الوقت الذي تغرق فيه البلاد بالظلام، وتعاني من شح شديد بالطاقة الكهربائية؛ إذ تمتد ساعات التقنين ما بين ست إلى ثماني ساعات، قامت وزارة السياحة في حكومة النظام السوري بإنارة الجامع الأموي التاريخي بأضواء تكفي لإنارة عشرين مسجداً، وجاءت مبهرة وبألوان متضاربة شبيهة بتلك التي تستخدم في علب الليل، لا في دور العبادة والمواقع التاريخية ذات الخصوصية الروحية.
وفوجئ سكان العاصمة دمشق بإضاءة برجكترات مبهرة متحركة باللونين الأخضر والأصفر، تعيد تشكيل المشهد البصري للمسجد الأموي، خلال شهر رمضان، في خطوة اعتبرها عبد الفتاح، وهو اسم مستعار لعالم دين دمشقي، انتهاكاً لقدسية وروح المكان»، مرجحاً أن تكون عن «قلّة فهم أو قلّة ذق» أو أن الذي اختار تلك الإضاءة «لا علاقة له بالدين ولا بالله» متمنياً له من الله الهداية.
الباحث في التراث الإسلامي أحمد المفتي، استنكر على صفحته الشخصية على «فيسبوك» تلك الإنارة، وكتب: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت. هذا العبث بالتراث إن دل على شيء، فإنما يدل على المستوى الذي انحدرنا إليه من قلة الذوق والتشويه البصري».
ويقع الجامع الأموي الذي يعد من التحف المعمارية الإسلامية الأموية وسط مدينة دمشق القديمة، ويعد الأثر الأشهر والوحيد المتكامل والباقي من العصر الأموي في دمشق. ويعود تاريخ بنائه كجامع بشكله الحالي، إلى عام 705، ويقول ابن كثير إن الوليد بن عبد الملك قد أنفق على بنائه خراج الشام سنتين. لكنه قبل ذلك كان كنيسة ويحوي ضريح يوحنا المعمدان (النبي يحيى) وجرن معمودية، وقبلها كان معبدا وثنياً، ولا تزال عمارته تحتفظ بآثار من كل تلك الحقبات القديمة قدم دمشق.
ومنذ ست سنوات تحولت المنطقة القديمة في محيط الجامع الأموي التي تضم مقام السيدة رقية إلى منطقة سيطرة إيرانية، حيث تنشر الميليشيات الشيعية حواجزها إلى جانب قوات الدفاع الوطني السورية بزعم حماية أماكن الزيارات الدينية الشيعية، إضافة لقربها من حي الجورة الذي تقطنه أقلية شيعية في المدينة القديمة إلى جانب غالبية سنية ومسيحية.
فنانة تشكيلية لم تشأ الكشف عن اسمها، رأت في تلك الإضاءة ذوقا سوقيا مبتذلا لا يتناسب مع المكان الديني، المفترض فيه أن تكون إنارته طبيعية أو أقرب إلى الطبيعة، فالعمارة التي أنشئ وفقها منذ مئات السنين كانت مدروسة، وتنم عن عقل ورؤية رفيعة المستوى، توزع النوافذ ومسارب الضوء المتنوعة من الضوء الطبيعي لتنسج لوحة متناغمة مع روح المكان والمدينة والمنطقة بشكل عام، الذي نلخصه بمفردة واحدة وهي «الهوية». أما بخصوص الإنارة التي أضافتها وزارة السياحة، فقالت الفنانة: «إنها أيضا تعكس الهوية التي تمثلها حكومة الحرب أو الأزمة»، معتبرة تلك الألوان المتضاربة التي «تحول بصريا مكانا دينيا إلى ما يشبه كازينو» تأتي منسجمة مع تحويل المدينة القديمة التي يتوسطها الأموي، ولا تزال تعج بالمساجد والمدارس والزوايا والكنائس والأديرة التاريخية إلى ملهى ليلي شعبي، كتلك التي كانت منتشرة على أطراف المدن».
وأكدت الفنانة التشكيلية أن النظام سمح بهذا التشويه خلال السنوات الست الأخيرة، منطلقا من عقلية عدوانية تجاه هوية دمشق التاريخية تهدف لتدميرها من داخلها. وتابعت، أن الحواضر السورية المدنية الأخرى التي تعرضت للتدمير، كحلب وحمص ودير الزور ودرعا، كان تدميرها شاملا وظاهرا، أما دمشق فتدميرها كان خفيا وموغلا بالعمق؛ باعتبارها المدماك الأساس في الهوية السورية».
وبحسب مصادر إعلامية، فإن وزارة الأوقاف في حكومة النظام التي تتبع لها إدارة الجامع الأموي ليست راضية عن إضاءة وزارة السياحة، وذلك بعد اعتراض ما تبقى من فنانين وباحثين ومختصين بدمشق، عليها، وبعد استهجان أهالي دمشق، رغم اعتيادهم على مفاجآت مماثلة من قبل حكومة النظام. إلا أن أطرف تعليق جاء من تاجر في سوق الحميدية القريب من الأموي، الذي قال: «عندما رأيت الإنارة الجديدة توقعت أن المخرج نجدت أنزور عفش الجامع (سرقه)، ويريد أن يحوله إلى موقع تصوير لمسلسلاته عن إيران و(حزب الله) أخضر أصفر أحمر».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.