الدوحة تختار التصعيد ومسؤول إماراتي يتوقع استمرار عزلتها لسنوات

يبدو أن قطر اختارت التصعيد بعد التصريحات التي أطلقها وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الاثنين، والتي قال فيها إن بلاده لن تتفاوض مع الدول العربية التي قطعت العلاقات الاقتصادية وروابط النقل معها ما لم ترفع إجراءاتها ضد الدوحة.
في المقابل، قال الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، إن عزلة قطر قد تستمر سنوات، وأضاف: «نراهن على الوقت، لا نريد التصعيد، نريد عزلها»، مشدداً على وجوب أن «تعدل قطر عن دعم المتطرفين».
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في 5 يونيو (حزيران) الحالي، وأغلقت الدول الخليجية المقاطعة منافذها البحرية والبرية والجوية أمام قطر، ودعت الدوحة إلى رفع المقاطعة التي اعلنتها السعودية والإمارات والبحرين, قبل البدء في مفاوضات لحل الأزمة الدبلوماسية في الخليج.
وقال وزير خارجية قطر في حديث لصحافيين أمس بالدوحة إن المفاوضات يجب أن تتم بطريقة حضارية وأن تقوم على أسس قوية وليست تحت ما وصفه بالضغط.
وتتهم الدول العربية الأربع قطر بدعم الإرهاب، وتطالبها بطرد مجموعات تصنفها «إرهابية» من على أراضيها. في المقابل تنفي الدوحة هذه الاتهامات وترفض طرد المجموعات التي تستضيفها وبينها عناصر في جماعة الإخوان المسلمين وقيادات في حركة حماس.
وأكد الوزير القطري أن الدوحة لم تتلق بعد أي مطالب من الدول المقاطعة لها، أو من الدول التي تتوسط في الأزمة وبينها الكويت وفرنسا والولايات المتحدة.
وقال: «لماذا لم يتقدموا بأي مطلب بعد؟ ليس هناك جواب واضح»، مضيفا: «لا توجد أرضية صلبة لهذه المطالب، ولهذا فإنهم لم يتقدموا بأي مطالب بعد»، مشددا على أن الإجراءات التي اتخذت بحق قطر لم تؤثر كثيرا عليها، لكنه قال: «نحن لا ندعي العيش في ظروف مثالية». وأشار إلى أن الإجراءات تؤثر على دول خارج المنطقة وبينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة... و«حلفاء قطر الذين نقيم معهم علاقات تعاون في المجالات العسكرية وفي مجالات الدفاع والأمن والاقتصاد»، وأوضح أن المقاطعة المفروضة على قطر والإجراءات التي تتخذ بحقها تؤثر على مصالح تلك الدول بشكل مباشر.
وبالعودة إلى قرقاش، فقد قال إن السعودية والإمارات والبحرين ومصر ستقدم «خلال الأيام المقبلة» لائحة إلى قطر تتضمن إبعاد شخصيات متطرفة، وأضاف: «ليس المطلوب تغيير النظام، بل تغيير السلوك» من أجل رفع العقوبات، مبديا أمله في أن يكون «هناك عقلاء داخل العائلة المالكة» يمكنهم التأثير على أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بهذا الصدد.
وقال: «نعتزم حقا إبداء شدة وتوجيه رسالة واضحة»، في الوقت الذي أبدى فيه رأيه حول المساعي السياسية لتسوية الأزمة، وتابع قرقاش: «حاولنا بالدبلوماسية مع القطريين في الماضي وفشلنا»، وأضاف أن قطر استطاعت بناء منصة متطورة من الدعم المالي والسياسي والإعلامي للمتطرفين، وإيواء كثير من قياداتهم، وزاد: «إنهم يدعمون مجموعات على ارتباط بـ(القاعدة) في سوريا مثل (جبهة النصرة) سابقا، وفي ليبيا مثل (مجلس شورى مجاهدي درنة) و(مجلس شورى ثوار بنغازي)، وفي اليمن».
وطالب وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات الذي يرافق ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذي سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، الغرب بوضع آلية مراقبة من أجل التحقق من أن الإمارة ستلتزم بتعهداتها، وقال إن «الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أو ألمانيا لها ثقل سياسي وخبرة تقنية تخولها وضع مثل هذه الآلية».
إلى ذلك دعت فيديريكا موغيريني، منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إلى ضرورة إيجاد الطريق لحل الخلافات الحالية بين دول الخليج، وذلك على خلفية قطع العلاقات بين قطر ودول أخرى من مجلس التعاون الخليجي. وأضافت موغيريني، على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد في لوكسمبورغ، أن أي صعوبات أو توترات يمكن ويجب أن تطرح على طاولة نقاش وإجراء حوار سياسي بشأنها.
ودعت المسؤولة الأوروبية جميع الأطراف إلى الحوار، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي يهتم بهذا الأمر من منطلق شراكته مع دول الخليج في الحرب ضد الإرهاب والشراكة الاقتصادية والشراكة في إيجاد الحلول للأزمات، التي تعاني منها المنطقة. واختتمت بالقول: «ندعو الجميع لإيجاد الطريق لحل الخلافات من خلال حوار سياسي على طاولة النقاش ومن دون تصعيد أو توترات، وذلك من أجل الحفاظ على الشراكة والتعاون بين دول الخليج».
وأجمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على هامش اجتماعاتهم في لوكسمبورغ، على دعوة دول منطقة الخليج إلى حل خلافاتها عن طريق الحوار والعمل على خفض التوتر، وأشار الوزراء في تصريحاتهم إلى ضرورة أن تعي الدول المعنية أن العالم ليس بحاجة إلى إضافة بؤرة توتر جديدة في منطقة خطيرة أصلاً. وعلى غداء عمل، ناقش وزراء الخارجية الأزمة الخليجية في جلسة خاصة لهم، لـ«تجديد الدعم لجهود الوساطة الكويتية، ونعبر عن استعدادنا للمساعدة»، وفق كلامهم.
وفي هذا الإطار، أكدت موغيريني أنها على اتصال يومي بمختلف الأطراف المعنية بالأزمة الخليجية، مجددة دعوتها للجميع للبحث عن حل لأي خلاف عن طريق الحوار السياسي الهادئ. وأشارت موغيريني إلى أن استقرار منطقة الخليج مهم جداً بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ونوهت بأهمية التعاون الأوروبي - الخليجي من أجل التعاطي مع ملفات المنطقة.
أما وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز، فقد عدّ، من جهته، أن حل أزمة الخليج يجب أن يتضمن عملاً على المديين القصير والطويل، فبالنسبة لرئيس الدبلوماسية البلجيكية، يتعين، على المدى القصير، دعم كل الجهود الرامية إلى خفض التوتر بين العواصم الخليجية، وعلى المدى الطويل، ينبغي الاستعانة بالأمم المتحدة من أجل إطلاق حوار يتجاوز دول الخليج، ليشمل إيران.