استقبل الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، عشرات القادة السياسيين والقبليين من ليبيا، في بلاده خلال الأسابيع الماضية، في أقوى محاولة من منظمة إقليمية لحل الأزمة، لكن الحرب بين الخصوم الليبيين ما زالت مستمرة.
وقال رئيس المجلس الأعلى لـلقبائل والمدن الليبية العجيلي البريني لـ«الشرق الأوسط» إن «الملف الليبي أصبح لدى الإخوة الأفارقة، بعد أن فشل الأوروبيون». لكن الرئيس السابق للجنة القانونية لـ«مؤتمر القبائل الليبية» محمد الزبيدي قلل من قدرة الاتحاد الأفريقي على حل الأزمة، بسبب «التعقيدات الشديدة التي عصفت بكل طاولة من طاولات الحوار»، مشدداً على أن «إنهاء الفوضى أصبح مسؤولية الجيش».
وقال مصدر مقرب من الاتحاد الأفريقي في طرابلس، عقب زيارة قصيرة للعاصمة الليبية، إن «الانقسام السياسي والعسكري، خصوصاً في العاصمة، أصبح يؤخّر الجهود لإنهاء المشكلة، رغم التفاؤل الذي ساد لبعض الوقت في اليومين الماضيين، بعد إعلان تعيين المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة، خلفاً لمارتن كوبلر». وأشار إلى أن «الاتحاد الأفريقي لديه مشاكل أخرى عدة في القارة، يعكف على التعامل معها، من بوركينا فاسو ومالي إلى بوكو حرام في النيجر وغيرها».
وفي هذا السياق، كشف مسؤول عسكري عن أن ميليشيات عدة مناوئة لرئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، بدأت في التحرك باتجاه طرابلس، انطلاقاً من محوري الجنوب الغربي والجنوب الشرقي. وأضاف أن بعض هذه الميليشيات كان حتى أيام قليلة يأتمر بأوامر وزارة الدفاع التابعة للسراج، ثم بدأ العمل ضد قواته في العاصمة، ومنها ميليشيا «سرايا الدفاع عن بنغازي» التي وضعتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين على لائحة الإرهاب المدعوم من قطر.
وكشف البريني، وهو في طريق عودته من لقاء كوندي، عن أن محاولات الحل التي يقوم بها الاتحاد الأفريقي بدأت قبل نحو شهرين. وأضاف: «لقد اقترحت على رئيس الاتحاد أسماء الأطراف التي ينبغي التحاور معها، وهي أطراف مهمة. الآن الملف الليبي لدى الأخوة الأفارقة، بعد أن فشل الأوروبيون الذين دمروا بلادنا».
وبين الشخصيات التي استقبلها كوندي، رئيس «الكونغرس التباوي» عيسى عبد المجيد الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه سافر بعد أن تلقى دعوة رسمية من الرئيس الغيني، برفقة سلطان التبو الذي يمثل المجموعة في تشاد والنيجر وليبيا، إضافة إلى وفد ليبي مرافق.
وعن رؤية كوندي للحل، قال عبد المجيد، وهو مستشار سابق لرئيس البرلمان الليبي، إن رئيس الاتحاد الأفريقي «يرى ضرورة عدم إقصاء أي طرف... والأفارقة ليست لديهم أطماع. هم يريدون تحقيق الاستقرار ومساعدة الليبيين». وأشار إلى أن كوندي استقبل قيادات من النظام السابق: «وكلامه واضح، وهو أنه لا يريد إقصاء أي طرف، سواء من النظام السابق أو من كل المكونات في ليبيا».
ووفقاً للمصادر السياسية، فقد ناقش كوندي أزمة ليبيا مع أطراف عدة أخرى متصارعة، بينها رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) نوري أبو سهمين، ومقره في الغرب الليبي، ورئيس البرلمان الحالي عقيلة صالح، ومقره في شرق البلاد، وكذلك مع السراج، ومع منافسه في السيطرة على طرابلس رئيس «حكومة الإنقاذ» خليفة الغويل، وغيرهم، إلا أن الخلافات لم تنته.
وأدت حشود الميليشيات، وغالبيتها من المحسوبة على قوى متطرفة، حول طرابلس خلال اليومين الماضيين، إلى موجة من التشاؤم. وأوضح مصدر على صلة بالاتحاد الأفريقي أن الأخير «كان يعتزم عقد مؤتمر موسع يضم جميع الأطراف من أجل العبور بليبيا إلى بر الأمان، لكن تقرر تأجيله بسبب تداعيات الأوضاع في عموم البلاد، خصوصاً العاصمة».
وقال القيادي السابق في «مؤتمر القبائل الليبية» الزبيدي: «أعتقد أن حسم الفوضى لم يعد ممكناً على طاولات الحوار. التيارات الإسلامية لن تتوقف عن الاقتتال، وعلى الجانب الآخر الجيش يتقدم ويحقق الانتصارات، ومن يريد إنهاء الأزمة الليبية عليه أن يدعمه».
وينظر خصوم أنصار النظام السابق بتشكك إلى دور الاتحاد الأفريقي، نظراً إلى علاقاته القديمة مع معمر القذافي. وقالت مديرة البرنامج الأفريقي في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أماني الطويل لـ«الشرق الأوسط»، إن «البعض ينظر إلى الاتحاد الأفريقي على أنه كان موالياً للنظام الليبي السابق». لكنها شددت على «أهمية وجود آليات تشاور بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لبلورة الموقف من المسألة الليبية».
ويتطلع أعضاء لجنة الحوار السياسي الليبي، وهي برعاية الأمم المتحدة، إلى أن يعمل الاتحاد الأفريقي على معالجة الخلل الذي وقعت فيه البعثة الأممية أثناء معالجة الأزمة. وقال عضو اللجنة الشريف الوافي لـ«الشرق الأوسط»، إن «دخول الاتحاد الأفريقي على الخط أمر جيد. لكن المفروض أن ينظر إلى أوجه الخلل مع البعثة الأممية، أو مع لجنة الحوار، لمعالجة ذلك، وليس بفتح مسارات جديدة». وأوضح أن «فتح مسارات جديدة سيضيِّع المشكلة ويزيد التشتت».
الانقسام الليبي يعرقل جهوداً أفريقية للحل
الانقسام الليبي يعرقل جهوداً أفريقية للحل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة