أزمة توظيف تعرقل عمل الوزارات الأميركية

جمهوريون يطالبون البيت الأبيض بتسريع إجراءات التعيين

الرئيس الأميركي يرد على سؤال أحد الصحافيين عند وصوله مع زوجته وابنه إلى البيت الأبيض أول من أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي يرد على سؤال أحد الصحافيين عند وصوله مع زوجته وابنه إلى البيت الأبيض أول من أمس (أ.ب)
TT

أزمة توظيف تعرقل عمل الوزارات الأميركية

الرئيس الأميركي يرد على سؤال أحد الصحافيين عند وصوله مع زوجته وابنه إلى البيت الأبيض أول من أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي يرد على سؤال أحد الصحافيين عند وصوله مع زوجته وابنه إلى البيت الأبيض أول من أمس (أ.ب)

تواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أزمة حقيقية لملء مناصب شاغرة في مختلف الوزارات، ويعود سبب هذا التأخير لعدد من العوامل، بما فيها عرقلة الديمقراطيين في الكونغرس للتعيينات، وبطء إجراءات الفحص الأمنية والمالية، وتراجع مرشحين عن المناصب المقترحة عليهم بسبب بعض مواقف الإدارة الأميركية.
وتفاقمت صعوبة تعيين مسؤولين في مناصب عليا بسبب قرار ترمب طرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) جيمس كومي الشهر الماضي، وتزايد جهود التحقيق بشأن ادعاءات التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، حسبما أفاد مسؤولون فيدراليون ونشطاء وأفراد جماعات لوبي ومرشحون حاول المسؤولون المعاونون لترمب تعيينهم في المناصب الشاغرة.
من ناحيتهم، ذكر جمهوريون أنهم يرفضون عروضا بمناصب للعمل، متخوفين من الحالة المزاجية المتقلبة للرئيس. وأبدى هؤلاء الخوف من تضرر سمعتهم بصورة أبدية حال قبولهم العمل مع ترمب، وذلك تبعاً لما أفاده 27 شخصاً عقدت معهم «واشنطن بوست» مقابلات لتقييم جهود تعيين أشخاص جدد بمناصب سياسية.
وتأتي هذه التحديات التي تواجهها جهود سد المناصب الشاغرة لتزيد تعقيد الوتيرة البطيئة بالفعل التي تسير بها جهود ترمب لملء المناصب القيادية الكبرى بمختلف قطاعات الحكومة.
من جانبه، رفض البيت الأبيض فكرة أن الإدارة تواجه صعوبات في التعيينات الجديدة، مشيراً لضرورة خضوع المرشحين إلى فحص أمني من جانب كل من «إف بي آي» ومكتب الأخلاقيات الحكومية قبل الإعلان عن تعيينهم، الأمر الذي ربما يخلق شعوراً بأن ثمة تأخيرا في التعيينات بالمناصب العليا بالحكومة.
من جانبه، قال شون سبايسر، المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض: «يفد إلى مكتبي أشخاص يرغبون في الحديث إلى مكتب فريق العمل الرئاسي. في الواقع، هناك طلب ضخم على الانضمام إلى صفوف هذه الإدارة».
الملاحظ أن وتيرة طرح المرشحين من جانب البيت الأبيض تسارعت في مايو (أيار) والنصف الأول من يونيو (حزيران)، خاصة فيما يتعلق بالمناصب التي تحتاج إلى مصادقة الكونغرس. وقد عرض البيت الأبيض 92 مرشحاً على لجنة المصادقة بمجلس الشيوخ، مقارنة بـ59 خلال الفترة الممتدة بين تنصيب ترمب رئيساً ونهاية أبريل (نيسان). إلا أن مجلس الشيوخ لديه 25 يوم عمل فحسب حتى يدخل في عطلة أغسطس (آب). وحتى هذه اللحظة، لدى ترمب 43 شخصاً جرت المصادقة على تعيينهم بمناصب كبرى، مقارنة بـ151 بحلول منتصف يونيو خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس باراك أوباما، و130 في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، تبعاً للبيانات التي حللتها «واشنطن بوست» و«مركز الانتقال الرئاسي» التابع لمؤسسة «بارتنرشيب فور ببليك سيرفيسز» غير الحزبية.
وبالنسبة للمناصب الوزارية، بلغ متوسط فترة الانتظار بين الترشيح وتصويت مجلس الشيوخ فيما يتعلق بترمب 25 يوماً، تبعاً لبيانات جمعتها صحيفة «واشنطن بوست». في المقابل، بلغ متوسط الفترة ذاتها بالنسبة لمن عينهم أوباما يومين، وبلغت بالنسبة لجورج دبليو بوش صفراً، بينما بلغت بالنسبة لبيل كلينتون يوماً واحداً.
من ناحيته، قال مسؤول بالبيت الأبيض إن نحو 200 شخص يجري فحص بياناتهم قبل تعيينهم في مناصب رفيعة المستوى.
من جانبهم، يتابع المرشحون السياسيون سلوك ترمب وأسلوب تعامله مع كبار مسؤوليه. في هذا الصدد، قال بيل فالديز، المسؤول البارز السابق بوزارة الطاقة: «لقد أصبح ترمب شخصية مثيرة للجدل، وهو أمر آخذ في التسارع». وأضاف فالديز: «لقد صب غضبه للتو على جيف سيشنز»، في إشارة إلى أن الرئيس يشعر بغضب شديد إزاء النائب العام لتنحيه عن التحقيق بخصوص التدخل الروسي في الانتخابات. وقال: «إذا كنت تعمل مع رئيس لا يدعمك، تفقد الثقة في العمل معه».
ورغم إلقاء ترمب اللوم على الديمقراطيين داخل مجلس الشيوخ حول إعاقة تعيين مرشحيه، فإن هذا التأخير يقف وراءه الكثير من الأسباب. يذكر أنه في أعقاب فوز ترمب الانتخابي في نوفمبر (تشرين الثاني)، انطلقت عملية التعيينات ببطء خلال المرحلة الانتقالية، وتعطلت بعض التعيينات بمناصب مهمة بسبب إجراءات الفحص الأمني والمالي. كما تراجع الكثير من المرشحين من الشخصيات البارزة العاملة بالقطاع الخاص، لأن تعيينهم بالإدارة يعني خضوعهم لحظر على مشاركتهم في جماعات الضغط (اللوبي) لمدة خمس سنوات بعد الخروج من المنصب.
من جانبه، كان ديفيد كلارك، الذي رشح لشغل منصب مساعد وزير بوزارة الأمن الداخلي، إحدى الشخصيات التي سحبت اسمها من الترشيحات، الأحد الماضي. وقال مصدر مقرب من الإدارة على اطلاع بالأمر إن إجراءات التأخير الطويلة أسهمت في قرار كلارك.
في المقابل، لم يواجه فريق عمل البيت الأبيض المشكلة ذاتها في التعيينات المتعلقة بمناصب متوسط ومنخفضة المستوى، ذلك أنه نجح بالفعل في تعيين مئات الشباب من الجمهوريين بمناصب منخفضة المستوى، إلى جانب ملء بعض المناصب الكبرى التي لا تحتاج لموافقة مجلس الشيوخ.
وأكد مرشحون آخرون في حديثهم لصحيفة «واشنطن بوست» أنهم يرغبون حقاً في خدمة الوطن، لكنهم في انتظار تلقيهم عروضا رسمية. إلا أنه مع استمرار الرئيس في زرع الشكوك حول ولائه لمساعديه، وكان آخر مثال على ذلك هو تغريدات ترمب التي هاجم فيها نائب المدعي العام رود روزنشتاين، قال عدد من المرشحين المؤهلين إنهم لا يرون فائدة تذكر وراء الانضمام إلى الحكومة في هذا الوقت. ومن بين هؤلاء، ثمانية جمهوريين قالوا إنهم رفضوا عروضاً للعمل داخل الإدارة لخوفهم من أن يتسبب العمل مع هذه الإدارة في الإضرار بسمعتهم.
وقد أصبح الجمهوريون على درجة بالغة من القلق إزاء النقص الحاد في الموظفين الفيدراليين، ما دفع ائتلافاً من المحافظين الأسبوع الماضي لتقديم شكوى لكبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبس. وقالوا في خطاب وقع عليه 25 من الشخصيات المحافظة البارزة، أطلقوا على أنفسهم «تحالفات من أجل أميركا»: «ما نزال نشعر بقلق بالغ إزاء نقص التعيينات في المستويات التنفيذية الثانية والثالثة»، مشيرين إلى خوفهم من أن يخلق هذا الفراغ في القيادة مساحة «للإيذاء المتعمد وسوء التصرف» من جانب موظفي الخدمة المدنية الموالين للرئيس السابق باراك أوباما.
ويأتي هذا الخطاب لتعزيز الجهود غير المعلنة من قبل شخصيات محافظة بارزة لتسريع وتيرة التعيينات الجديدة، حسبما أوضح توم فيتون، رئيس منظمة «جوديشال واتش» المحافظة والتي عاونت في قيادة الجهود على هذا الصعيد. وأضاف: «إنهم يبدون حساسية تجاه هذا الأمر، ويحاولون بذل مجهود أكبر».
وأشار فيتون إلى أن بعض المرشحين واجهوا تأخيرا لا مبرر له. وقال: «ينتظر المرشحون لفترة طويلة قبل الحصول على الرد، وأحياناً تطلق وعود لا يجري الوفاء بها. ويجد الناس أنفسهم في مأزق، ذلك أنه يجري التلميح بالتعيين في مناصب، ويترك المرشحون معلقون».
من ناحية أخرى، يتساءل مرشحون محتملون حول ما إذا كان باستطاعتهم تقديم إسهام حقيقي في إدارة غالباً ما تتبدل سياساتها وتوجهاتها. ويشعرون بالقلق من أن أي شخص يعمل بالبيت الأبيض، حتى ولو في منصب متوسط المستوى، ربما يواجه مشكلات قانونية كبيرة لعمله داخل فريق يخضع للتحقيق.
* خدمة صحيفة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».