ترحيب رسمي إيراني بالهجوم الباليستي على دير الزور

لقي الهجوم الصاروخي الإيراني على مواقع في دير الزور، شرق سوريا، ترحيباً واسعاً بين الأطياف السياسية الإيرانية. ففي حين قال الحرس الثوري إن الضربات جاءت رداً على اعتداءي تنظيم داعش على طهران بداية الشهر الحالي، أظهرت ردود أفعال المسؤولين الإيرانيين أمس أن العملية وجهت رسائل متعددة باتجاه أطراف دولية وإقليمية، وذلك بعد أيام من موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على قانون «مواجهة أنشطة إيران المهددة للاستقرار»، الذي يهدف إلى تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، وفرض عقوبات مشددة على صناعة الصواريخ ونشاط «فيلق القدس». ومن شأن الخطوة أن تعقد موقف الحكومة الإيرانية على الصعيدين الداخلي والخارجي، في وقت تتعرض فيه لضغوط دولية واسعة بسبب تطويرها صواريخ باليستية.
كان الحرس الثوري قد أعلن، في بيان له أمس، أنه أطلق أول من أمس 6 صواريخ باليستية متوسطة المدى من الحدود الغربية على دير الزور، شرق سوريا، وأضاف أن العملية «أصابت بنجاح» مواقع «داعش»، رداً على هجومي طهران اللذين تبناهما التنظيم، وأشار البيان إلى أن الهجوم جرى «بتنسيق ومشاركة كل القوى العسكرية والمخابراتية والأمنية» في إيران.
وتناقلت وكالات أنباء إيرانية، أمس، تفاصيل الهجوم الصاروخي، نقلاً عن قادة الحرس الثوري، وذكر أول بيان صدر من الحرس، عقب لحظات من إطلاق الصواريخ، أن العملية استهدفت مركز قيادة تنظيم داعش «ثأراً» لمن سقطوا خلال اعتداءي طهران، حيث قتل 18 إيرانياً في بداية الشهر الحالي. ووفقاً للبيان، فإن الصواريخ قطعت 650 كيلومتراً قبل إصابة الأهداف. وبالتزامن، هدد الحرس الثوري بمهاجمة مواقع تنظيم داعش «مرة أخرى»، إذا ما شن التنظيم اعتداءات جديدة في إيران. وقال المساعد السياسي في الحرس الثوري الإيراني مسعود سنايي راد إن قرار هجمات جديدة هو بيد القائد العام للقوات المسلحة (المرشد الإيراني)، ومجلس الأمن القومي، ومجموعة الحرس الثوري.
وتعد تلك المرة الأولى التي يطلق فيها الحرس الثوري صواريخ باليستية متطورة من الأراضي الإيرانية إلى جهات خارجية في سياق عملية عسكرية.
وربط المسؤولون الإيرانيون، أمس، البرنامج الصاروخي بمكافحة الإرهاب وتنظيم داعش، وأبدت تيارات سياسية إيرانية مواقف إيجابية من الهجمات الصاروخية، كما رحب نواب البرلمان بمختلف انتماءاتهم السياسية بالعملية، وتناقلت وكالات أنباء إيرانية مواقف مؤيدة من نواب كتلة «الأمل»، المقربة من حكومة روحاني، وذلك بعد انتقادات طالت البرنامج الصاروخي في حملة الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي.
وفي هذا الصدد، غرد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على «تويتر»، قائلاً: «القدرات الصاروخية الإيرانية تحمي المواطنين بالدفاع المشروع عن النفس، وتعزز تقدم الحملة للقضاء على تنظيم داعش والإرهاب المتطرف».
وبدوره، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي الهجوم الصاروخي للحرس الثوري على قواعد «داعش» بأنه «رد حازم، في توقيت مناسب» على تحركات التنظيم في طهران، مشدداً على أن إيران «لا تمزح في الدفاع عن أمنها القومي»، وأضاف أن بلاده أطلعت الحكومة السورية مسبقاً على الهجوم.
ومن جهته، قال نائب رئيس البرلمان علي مطهري إن إطلاق الصواريخ رسالة موجهة إلى أطراف دولية، على رأسها السعودية وأميركا، مضيفاً أنه «عند الضرورة، سنتخذ الخطوات المطلوبة، وبالتوقيت المناسب، وسنستخدم قوتنا الصاروخية».
ونشر السفير الإيراني في لندن حميد بعيدي نجاد تغريدة، قال فيها إن الهجوم الصاروخي دليل على «قدرات إيران في مكافحة الإرهاب والتهديدات الأمنية». ووصف علاء الدين بوروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، الهجوم الصاروخي بأنه «رد مناسب على تصويت مجلس الشيوخ الأميركي».
وقبل ساعة من إطلاق الصواريخ، هاجم المرشد الإيراني علي خامنئي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقال إن طهران «ستوجه صفعة لأعدائها». وجاءت تصريحاته أمام حشد من أسر قتلى الحرس الثوري في سوريا والعراق.
وجاءت العملية بعد أيام من قانون جديد أقره مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة الخميس الماضي، تحت عنوان «مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار 2017». وينتظر القانون تصويت مجلس النواب، وتوقيع الرئيس الأميركي، قبل تحوله إلى قانون ملزم للإدارة الأميركية. ويفرض القانون عقوبات مشددة على صعيد الصواريخ الباليستية و«فيلق القدس»، بتهمة دعم الجماعات الإرهابية.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد اشتكى الشهر الماضي من تأثير نشاط البرنامج الصاروخي الباليستي على برامج حكومته، خصوصاً بداية تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية «5+1».
وتشارك قوات إيرانية، تحت لواء «فيلق القدس»، منذ 6 سنوات، إلى جانب القوات الموالية لبشار الأسد ضد جماعات المعارضة السورية. ورغم مقتل عدد كبير من الإيرانيين، فإن طهران تصر على مشاركة قواتها في مهام «استشارية»، وتلبية لطلب رسمي من الحكومة السورية.
وبحسب وكالات أنباء تابعة للحرس الثوري الإيراني، فإن الصواريخ الباليستية التي أطلقت أول من أمس «أرض - أرض»، من طرازي «ذو الفقار» ويبلغ مداها 700 كيلومتر، و«قيام» ويبلغ مداه 800 كيلومتر. وبث التلفزيون الرسمي الإيراني لحظات من نقل الصواريخ إلى موقع الإطلاق، أمس، وقال قائد الوحدة الصاروخية للحرس الثوري أمير علي حاجي زاده إن «الصواريخ عبرت الأجواء العراقية، وأصابت أهدافها في سوريا». ونقلت وكالة «فارس» التابعة للحرس الثوري لقطات مصورة من إصابة الصواريخ، وقالت إنها لمواقع الهجوم.
وقال مسؤول المكتب الإعلامي في الحرس الثوري رمضان شريف إنه «بناء على المصادر الموثوقة، فإن الهجوم الصاروخي ضد مواقع (داعش) كان ناجحاً». وبحسب شريف، فإن الهجوم استهدف مواقع قيادة التنظيم ومستودعات أسلحته، وفق ما نقله موقع «سباه نيوز». وتابع أن «إطلاق الصواريخ من محافظتين ذواتي أغلبية سكانية سنية يحمل رسائل عن وحدة الإيرانيين ضد الإرهابيين».
من جهة ثانية، قال نائب قائد الجيش الإيراني أحمد رضا بوردستان إن «دفاعاتنا لم تعد تقتصر على الأراضي الإيرانية»، مضيفاً أن «ساحة معركتنا ستكون حيثما وجد تهديد».
وبدوره، قال قائد الحرس الثوري الأسبق، سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن رضايي، إنه «على الإدارة الأميركية أن تدرك أن الحرس الثوري درع إيران الدفاعي، ولا يمكنها فرض العقوبات عليه».