بغداد تنفي استخدام البراميل المتفجرة في الفلوجة.. والجيش يعلن انهيار «داعش»

عدتها محاولة لتشويه سمعة العراق الدولية

نقطة مراقبة كردية بمحافظة الحسكة تراقب تحركات عناصر «دولة العراق والشام الإسلامية» (داعش) أمس (رويترز)
نقطة مراقبة كردية بمحافظة الحسكة تراقب تحركات عناصر «دولة العراق والشام الإسلامية» (داعش) أمس (رويترز)
TT

بغداد تنفي استخدام البراميل المتفجرة في الفلوجة.. والجيش يعلن انهيار «داعش»

نقطة مراقبة كردية بمحافظة الحسكة تراقب تحركات عناصر «دولة العراق والشام الإسلامية» (داعش) أمس (رويترز)
نقطة مراقبة كردية بمحافظة الحسكة تراقب تحركات عناصر «دولة العراق والشام الإسلامية» (داعش) أمس (رويترز)

نفت الحكومة العراقية استخدام الجيش العراقي لـ«البراميل المتفجرة» في العمليات العسكرية التي تدور الآن في محافظة الأنبار غرب العراق.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي، في بيان له أمس، إن «قواتنا ترفض استخدام القنابل الضخمة غير الموجهة (البراميل المتفجرة) ولا تجد حاجة لاستخدام مثل هذه القنابل.. وهي تطاردهم وتضرب أوكارهم في كل مكان». وأضاف أن «بعض الأوساط ووسائل الإعلام المعروفة بسياساتها المعادية للعراق تشن حملة منظمة تستهدف تشويه سمعة القوات العراقية التي تخوض معركة حقيقية ضد قوى الإرهاب المحلي والدولي، ورغم أن قواتنا الباسلة ومعها أهالي المناطق والعشائر الغيورة تخوض حربا غير عادية وتواجه مجاميع من القتلة الانتحاريين، فإنها ملتزمة باستهداف تجمعاتهم فقط وتجنيب المدنيين الذين يحاول الإرهابيون استخدامهم كدروع بشرية، وهناك تعليمات مشددة لدى القوات الأمنية بالابتعاد عن المناطق السكنية ومحاولة استدراج الإرهابيين واستهدافهم خارجها».
ودعا المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء «الرأي العام العالمي والإعلام الحر إلى محاصرة هؤلاء المجرمين بكل الوسائل وفضح جرائمهم من قطع المياه إلى تفخيخ المنازل والأحياء السكنية وجثث الضحايا وقتل الأطفال والنساء وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وغير ذلك من أعمال يندى لها جبين البشرية».
في سياق ذلك، أعلنت قيادة عمليات الأنبار أن تنظيم داعش، الذي يتحصن في مدينة الفلوجة منذ خمسة شهور، قد انهار بعد سيطرة الجيش على عدة مناطق محيطة في المدينة. وقال قائد عمليات الأنبار الفريق الركن رشيد فليح، في تصريح صحافي أمس الاثنين، إن «تنظيم داعش انهارت صفوفه ودمرت معنوياته جراء الضربات الاستباقية للقوات الأمنية من الجيش والشرطة التي تنفذها في محيط الفلوجة لتطهير تلك المناطق من الإرهاب». وأضاف فليح أن «تنظيم داعش فقد السيطرة وأصبح يعتمد الهجمات الضعيفة والمكشوفة ويحاول عناصره الهرب من الفلوجة التي أغلقت منافذها، وتم حصار الإرهاب فيها حتى يتم تطهيرها بالكامل خلال الأيام القليلة المقبلة». وأكد قائد عمليات الأنبار أن «عمليات تطهير الفلوجة نجحت في السيطرة على مناطق الفلاحات والحلابسة والبوعلوان غرب الفلوجة، ومنطقة النعيمية وناحية العامرية جنوبا، ومنطقة السجر شمالا، والتحرك مستمر نحو سدة الفلوجة ومركز المدينة والمناطق الأخرى».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة متحدون حميد الزوبعي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا بدأت الحكومة الآن عمليات عسكرية في الأنبار والفلوجة بعد أن تأخرت كل هذه الفترة وبعد أن استخدمت (داعش) حرب المياه التي أغرقت مناطق واسعة في قضاء أبو غريب وأدت ولا تزال إلى مآس كبيرة؟.. فبعد أن حرم الآلاف من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات بسبب الفيضانات، فإن المرحلة المقبلة تتمثل في تفشي الأمراض والأوبئة». وأضاف الزوبعي أن «الحديث عن انتصارات الآن أمر يثير الريبة، لا سيما أنه يأتي بعد الانتخابات، وبالتالي فإنه إذا كانت هناك قدرة على حسم المعركة مثلما يعلن الآن فلماذا تأخر كل ذلك بعد أن دفع الجيش خسائر كبيرة بالإضافة إلى عمليات النزوح والتهجير؟».
من جهته، أكد الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ الفلوجة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهالي الفلوجة ضد الإرهاب، وقد سبق لهم أن قاوموه وطردوا (القاعدة) من كل محافظة الأنبار عامي 2006 و2007، ولكن في إطار جهد عشائري خالص دون تداخلات، واتباع أساليب ذات أهداف سياسية»، موضحا أن «ما يجري في الفلوجة اليوم فيه الكثير من المداخلات والمساومات، وهو أمر لا يمكن أن يؤدي إلى حسم حقيقي دون أن يتم توحيد المواقف بين أبناء العشائر لكي يتم فك الخنادق وعزل الإرهابيين عن باقي أبناء المدينة بعيدا عن سياسات المحاباة لهذه الجهة أو تلك، أو نيل مكاسب شخصية على حساب معاناة المواطنين».
في سياق متصل، أعلن محافظ الأنبار أحمد الذيابي أن القوات الأمنية وبدعم من العشائر نجحت في «تطهير أغلب مناطق الرمادي وبنسبة تتجاوز 97 في المائة». وقال الذيابي إن «قوات الجيش والشرطة نجحت في تطهير أغلب مناطق الرمادي وبنسبة تتجاوز 97 في المائة، ولم يتبق إلا فلول لتنظيم داعش تتم معالجتها من قبل القوات الأمنية»، مبينا أن «جميع مسؤولي الأنبار يعملون مع الدوائر الحكومية الآن على إعادة تأهيل الخدمات والمشاريع لمواطنيها». وأضاف الذيباني أن «حكومة الأنبار تعمل على تعويض المتضررين من أهالي الرمادي ممن تضررت منازلهم ومحالهم التجارية من قبل التنظيمات الإرهابية التي استهدفت كل شيء وحاولت تدمير الحياة، وقتل الناس ونهب أموالهم». وتابع محافظ الأنبار أن «لجانا حكومية عملت وتعمل على تأهيل خدمات الماء والبلديات وخطوط نقل الطاقة الكهربائية إلى مناطق الرمادي المتضررة»، مبينا أن «العمل مستمر في تعويض المتضررين، حيث تم شمول عدد كبير من المواطنين الذين أكملوا معاملاتهم ووزعت عليهم صكوك مالية تقدر بعشرة ملايين دينار كدفعة ثانية لكل متضرر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم