«الهيئة السياسية» في إدلب تناشد الفصائل وقف الاعتقالات

اتهام فصيل تابع لـ«داعش» باغتيال معارضين

«الهيئة السياسية» في إدلب تناشد الفصائل وقف الاعتقالات
TT

«الهيئة السياسية» في إدلب تناشد الفصائل وقف الاعتقالات

«الهيئة السياسية» في إدلب تناشد الفصائل وقف الاعتقالات

طالبت الهيئة السياسية في محافظة إدلب، هيئة «تحرير الشام» التي تعتبر جبهة «النصرة» مكونها الأساسي وحركة «أحرار الشام»، بوقف الاعتقالات التعسفية بحق النشطاء وعناصر «الجيش الحر»، والإفراج عن المعتقلين في سجونها، في وقت عادت فيه ظاهرة الاغتيالات إلى محافظة إدلب بوتيرة قوية.
وأطلقت الهيئة السياسية في محافظة إدلب «صرخة»، حيث دعت كلاً من هيئة «تحرير الشام» و«أحرار الشام»، إلى «وقف الاعتقالات التعسفية بحق النشطاء وعناصر الجيش الحر، والإفراج عن المعتقلين في سجونهما، والكشف عن مصير المغيبين». وأعلنت في بيان لها، أن «عمليات الاعتقال بحق النشطاء وعناصر الجيش الحر مستمرة من قبل الفصائل الكبرى في الشمال السوري»، مشيرة إلى «تفشّي جرائم القتل والتفجيرات وغياب الأمن، وسط غياب واضح للمحاكم القضائية المستقلة، وصل آخرها إلى حد التعذيب والتجويع في بعض السجون».
وقالت «الهيئة» في بيان: «بناءً على ما سبق، تطالب الهيئة السياسية في إدلب حركة أحرار الشام، وهيئة تحرير الشام بوقف عمليات الاعتقال التعسفي والعشوائي، والإفراج الفوري عن المعتقلين في سجونها، والكشف عن المغيبين، وفتح جميع القضايا أمام محكمة قضائية مستقلة، وتطبيق فوري للعفو الأخير الصادر عنها، والسماح للجان حقوقية وطبية مختصة بزيارة السجون بشكل عاجل، والتعامل مع مكونات الثورة بشكل مؤسساتي».
لكن مطلب «الهيئة» يفتقد إلى التأثير العملي أو المعنوي، وفق تعبير أحد أعضائها. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا سلطة ولا تأثير للهيئة على الفصائل المسلّحة في إدلب، إنما يأتي البيان من باب المناشدة، وإبراء الذمة أمام الله وأمام الشعب، وذلك بهدف وقف التجاوزات التي تسيء إلى الثورة وأهدافها». وأكد أن «الهيئة مؤلفة من شخصيات سياسية ونشطاء في إدلب، وأعضاؤها لا يحملون السلاح ولا ينتمون إلى أي تنظيم مسلّح، وبالتالي ليست لنا سلطة، لا على (أحرار الشام) ولا على (حرير الشام)، لكننا نناشدهم من باب المسؤولية والأخوة، لأن الانتهاكات التي تحصل لا تخدم سوى أعداء الثورة».
إلى ذلك، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «مسلحين قتلوا (أمس) رجلاً داخل منزله في بلدة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، كما اغتال مسلحون مجهولون قيادياً في الفرقة الساحلية الأولى، بإطلاق النار عليه في محيط بلدة بداما بريف جسر الشغور الغربي، ثم قاموا بسرقة سيارته».
وتشهد محافظة إدلب في الآونة الأخيرة اغتيالات واستهدافات لأفراد ومجموعات عن طريق عبوات ناسفة وبطلقات نارية، حيث اغتال مسلحون فجر الجمعة قاضياً في محكمة الدانا، بريف إدلب الشمالي أثناء خروجه من صلاة الفجر. كما أقدم مسلحون على إطلاق الرصاص بشكل عشوائي في مدينة إدلب، مما أسفر عن استشهاد طفل وإصابة والدته بجروح.
واتهم مصدر معارض في إدلب «خلايا تنظيم داعش بارتكاب هذه الاغتيالات، بالتعاون مع فصيل (جند الأقصى)، وبالاتفاق مع الجناح الأمني في هيئة تحرير الشام». وقال: «كل الفصائل في الشمال تعرف هذا الأمر، وتم اكتشاف المسؤولين عن اغتيالات عدّة حصلت من قبل، لكن جرى لفلفة الأمر، لكونهم يسيطرون عسكرياً على الأرض، ولأن الحكم للأقوياء»، معتبراً أن «الهدف من الاغتيالات، هو تأليب الناس على ما تبقى من الثورة، وإبعاد الحاضنة الشعبية عنها، خصوصاً أن الشعب نفد صبره من تفشّي الفلتان الأمني».
ميدانياً، قصفت قوات النظام بعد منتصف ليل الجمعة السبت، مناطق في مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، كما شهدت مدينة إدلب تبادلاً لإطلاق النار بين القوة التنفيذية التابعة لـ«جيش الفتح» الذي يضم فصائل مسيطرة على إدلب من جهة، ومجموعة من هيئة «تحرير الشام» الذين يطلق عليهم تسمية «الشعيطات»، وذلك إثر إلقاء عناصر القوة التنفيذية القبض على عنصر من هيئة «تحرير الشام».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.