مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية تحتفي بمصطفى عبد الرازق

غلاف العدد
غلاف العدد
TT

مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية تحتفي بمصطفى عبد الرازق

غلاف العدد
غلاف العدد

احتفت مجلة «الثقافة الجديدة» بالمفكر المصري الشيخ مصطفى عبد الرازق، صاحب الكتاب الشهير «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، الذي يعد من أبرز الكتب المؤسسة في هذا المجال. فقد نشرت عنه ملفاً موسعاً في عددها الجديد لهذا الشهر، بعنوان «فيلسوف المجددين... الشيخ مصطفى عبد الرازق»، تضمن مقالات لكل من: د. عصمت نصار، ود. يسري عبد الغني، ود. غيضان السيد علي، ود. حسام أحمد عبد الظاهر، وحمادة جمال ناجي، وإيمان حسين القاضي، وأسماء عريف، وإسلام محمد أحمد عمر، وأحمد عبد القوي زيدان.
وفي افتتاحيته للعدد، كتب رئيس تحرير المجلة أن «الشيخ مصطفى عبد الرازق هو أول من جدد الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث، وصاحب أول كتاب بالعربية يؤرخ لها، وهو كتابه الشهير (تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية)، الذي صدر عام 1944، وهو أهم كتبه على الإطلاق وأشهرها، وهو مؤسس (المدرسة الفلسفية العربية)، إلى جانب توليه وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر. وقد اختارت المجلة هذا الكتاب ليكون (كتاب الشهر)... وكتب عنه د. محمود كيشانة، ومريم عبد المنعم».
وتضمن «ملف الأدب» قراءات نقدية لكل من: د.محمد حسن غانم، ومحمد مخيمر، ومؤمن سمير، وطارق إمام، ود. محمود فرغلي، وشوقي بدر يوسف، ومحمد دياب. كما تضمن قصائد للشعراء: أحمد محمود مبارك، ونور سليمان أحمد، ومحمود عبد الصمد زكريا، ووليد طلعت، وسناء مصطفى، ومحمود الأزهري، وأحمد علي الجويلي، ورمضان عبد اللاه إبراهيم، وعماد القضاوي، وبهجت صميدة، وعبد الله عرايس، والنوبي عبد الراضي، وحامد الغزالي يوسف، ورمضان إبراهيم بشير. كما تضمن قصصاً لكل من: محسن يونس، وعزة بدر، ومحمد عبد الله الهادي، وممدوح عبد الستار، وحنان فاروق، ويمنى محمد، وأحمد السعيد، وفرحات جنيدي.
وفي باب «تجديد الخطاب الديني» ثلاث مقالات لطلعت رضوان، وسومية أبو عامر، ومحمد سيد جاد الله. أما باب «الترجمة»، فقد تضمن ترجمة محمد عيد إبراهيم قصائد للشاعرة الاسكوتلندية كارول آن دوفي، المولودة عام 1955، بعنوان «قلبي القديم صرة خاوية»، وترجمة وتقديم د. علاء الدين رمضان للشاعرة والأستاذة الجامعية الأميركية ميجان كامينسكي، بعنوان «إطلالة الشاعرة الناعمة».
أما باب «رسالة الثقافة»، فقد تضمن حواراً مع الفنان التشكيلي عز الدين نجيب، أجراه محمود قنديل. وفي «شخصيات»، كتب د. ممدوح فراج النابي عن أحمد بهاء الدين. وفي «السينما»، نشر حامد مسلمي مقالاً عن «أفريقيا المنسية في السينما العالمية». وفي «الثقافة الشعبية»، تناول مسعود شومان «موسيقار الحركة سمير جابر». وفي «نص ونقد»، ساهم د. محيي الدين محسب بدراسة عن قصيدة للشاعر منير فوزي. أما في «متابعات الكتب»، فنقرأ مقالات لكل من: سهى زكي، وإبراهيم محمد حمزة، وعبده الزراع، وإيهاب الورداني.
ومجلة «الثقافة الجديدة» ثقافية شهرية، تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتتكون هيئة تحريرها من: رئيس التحرير سمير درويش، ومدير التحرير عادل سميح، وقد صاحبت العدد لوحات للفنان الراحل سعد عبد الوهاب.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.