تحويل الجهاز اللوحي إلى أداة تفاعلية تلفزيونية

تطبيقات مبتكرة لتسلية الأطفال

تحويل الجهاز اللوحي إلى أداة تفاعلية تلفزيونية
TT

تحويل الجهاز اللوحي إلى أداة تفاعلية تلفزيونية

تحويل الجهاز اللوحي إلى أداة تفاعلية تلفزيونية

يدخل ولدي في نقاش وأحاديث مع شخصيات خيالية، وأنا أدرك ذلك، لأنني بإمكاني الإصغاء إلى بعضها، وحتى رؤية صورهم. وتنتج شركة «توي توك» الناشرة لأعمال تسلية الأطفال برنامجا تفاعليا يدعى «ونستون شو» Winston Show، وعندما يقوم ولدي بالتحدث إلى هذه الشخصيات في هذا البرنامج، فإني أتلقى رسائل بالبريد الإلكتروني بعناوين مثل «تلفظ ابنك بكلمات كبيرة أو فظة».
وبمقدوري أن أدخل إلى حسابي المسجل، وأعثر على ملفات صوتية متعددة، ولقطات له على الشاشة، وهو يعقد حديثا مع شخصية خيالية من برنامج تلفزيوني يقوم بمشاهدته على جهاز «آي باد». إنه لأمر رائع، وهو المستقبل التفاعلي بعينه للتلفزيون الذي أساسه الجهاز اللوحي.

* تطبيقات مبتكرة

* المعلوم أن الأجهزة اللوحية والهواتف هي الأسلوب الشائع المتزايد بالنسبة إلى الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون بكثرة. وهذا يقوم بتغيير الأسلوب الذي يحاول به مطورو المحتويات، وحتى المعلنون، الوصول إلى الأطفال في أماكنهم الجديدة.
وبرنامج «ونستون شو» مثال عن أنواع المحتويات الجديدة المبتكرة الممكنة، عندما يكون التلفزيون هو أيضا «كومبيوتر» يحمل باليد؛ فهو الإنتاج الوحيد لـ«آي باد» الذي يتوفر كتطبيق مجاني، والذي هو في موسمه الثاني المؤلف من أربع حلقات.
ويقع مقر هذه الشركة في سان فرانسيسكو، وقد أسسها اثنان من المتمرسين في «بيكسار»، وهما أورين جايكوب ومارتن ريدي بهدف تأمين برامج تفاعلية للأطفال، فعندما يقوم الصغار بمشاهدة البرنامج، تقوم شخصياته بطرح أسئلة عليهم، وعندما يستجيبون لها يقوم التطبيق باستخدام عملية التعرف على الكلام لتفسير أجوبتهم التي تساعد على التركيز على مغزى كل حلقة. ويستخدم البرنامج الكاميرا الأمامية للجهاز لمشاركة الأطفال في جعلهم يجربون مثلا القبعة المناسبة لإحدى الشخصيات.
والبرنامج هذا «ونستون شو» خال من الإعلانات. وتقول «توي توك» إنها تأمل في نهاية المطاف أن تجني بعض الأرباح عن طريق الترخيص لتقنيتها لتأليف الكثير من محاور القصص، والتعرف على كلام الأطفال.
وقد جرى تطوير «توي توك» خصيصا لـ«آي باد»، وفقا إلى جايكوب، نظرا لأنه جهاز يجمع بين الأسلوب الذي يرغب الأطفال بموجبه في مشاهدة التلفزيون، وبين العدد والأدوات الضرورية للحصول على تجربة «ونستون شو»، مثل الكاميرا والميكروفون والشاشة العاملة باللمس. يقول جايكوب: «إن الأطفال يرغبون في أن يكونوا بموقع التحكم بالذي يشاهدونه، وبالذي يتفاعلون معه، وهذا يحصل عن طريق إعطائهم جهازا يتحكمون به، وبالتالي وضع خيار ما يرغبونه بين أياديهم».

* «عروض لوحية»

* ويعد الحصول على البيانات المهمة عن عادات المشاهدة لدى الأطفال من الأمور الصعبة بسبب قانون حماية خصوصيات الأطفال على الإنترنت التي تتطلب إذن الآباء والأمهات للحصول على مثل هذه البيانات. وقد وجدت مؤسسة «فوريستر» للأبحاث أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة من الذين يستخدمون الجهاز اللوحي بانتظام، يقوم 42 في المائة منهم باستقبال البث الفيديوي، أو التلفزيوني الحي من مواقع مثل «نيتفليكس»، أو «يوتيوب»، وأن 39 في المائة منهم يشاهدون البرامج التلفزيونية المخزنة في الجهاز.
ويعد «ونستون شو» التطبيق الوحيد من نوعه، لكن الشركات الناشرة الأخرى التقليدية تنظر أيضا في أساليب جديدة للوصول إلى الأطفال عندما لا يكونون أمام التلفزيون. فقد أعلنت أخيرا «كارتون نيتوورك» التابعة لـ«تيرنر برودكاستنغ»، عن تطبيق جديد للهاتف الجوال يدعى «مايكرو - نيتورك» micro - network يرمي إلى جلب المحتويات الأصلية إلى شاشات بقياس أربع بوصات، ليكون مع الأطفال في أي مكان؛ فالشركات الناشرة مثل «نيكيلوديون» و«بي بي إس» تقدم لقطات وألعابا وحلقات مع تطبيقات. كما أن «دريم وركس أنيميشن» تعمل على تطوير جهاز لوحي بعلامة «دريم تاب» التجارية، من شأنه أن يقدم محتويات «دريم وركس» بتصميم صديق للطفولة.
ومثل هذه النماذج لها مميزاتها بالنسبة إلى الآباء والأمهات، لأن الأجهزة الجوالة هي سهلة على صعيد تطبيق المراقبة الأبوية عليها؛ فهي جوالة محمولة، ويمكنها أن تسلم تطبيقات تثقيفية وتعليمية وكتبا بالإضافة إلى التلفزيون، لكنها تثير أيضا أسئلة حول جمع البيانات والمعلومات، والحفاظ على الخصوصيات، لدى شراء التطبيق، وكيفية قيام ناشري المحتويات بجني الأرباح في عالم من دون إعلانات.
«واليوم فإن أفضل جهازين مبيعا في عالم الأطفال، وهما من فئة النظم الإيكولوجية في (نيتفليكس) هي الأجهزة اللوحية والتلفزيونات الذكية، التي تتنافس بشدة»، كما يقول تود ييلن نائب رئيس «نيتفليكس» لابتكارات المنتوجات، فمحتويات الأطفال هي مهمة جدا في هذه الشركة، يقول ييلن، فقد قامت الشركة أخيرا باستئجار خدمات رئيس لتطوير المنتجات ليركز على هذا الأمر، كما أن خلو هذه المحتويات من الإعلانات هو مصدر فخر الشركة، لا سيما فيما يخص برامج الأطفال.
ويضيف ييلن: «إنه لأمر مختلف إن كنت كبيرا وبالغا وتستطيع التمييز بين الإعلانات وغيرها، لكن الأطفال يخلطون بينها وبين المحتويات الترفيهية والمسلية، فتمييز الفرق ليس سهلا كما نظن».
ويقول بعض الخبراء إن هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة، مع محاولة بعض الشركات الابتكار لكسب المزيد من الأطفال لاستخدام أجهزتها المتنوعة، فعمليات الترويج التي تطالها جميعا، باتت تتضمن إعلانات رقمية، وأخرى عن منتجات باتت أكثر نموذجية ومثالية، استنادا إلى مجموعة «كومون سينس ميديا».
وفي دراسة أجريت أخيرا، ذكرت هذه المجموعة أنه أضحى من الصعب قياس وقع الإعلانات الرقمية على الأطفال، ويتطلب إجراء المزيد من الدراسات حول ذلك، لا سيما أن هذه الإعلانات تتناول بكثرة ألعاب الفيديو، ومواقع الأصناف، والبرامج وألعابها.
* خدمة «نيويورك تايمز»



شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».