يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب جاد في تنفيذ وعوده الانتخابية، وهو ما دفع البيت الأبيض ليصرح بالسياسات الجديدة التي ستتخذها الإدارة الأميركية تجاه هافانا في الأيام والشهور المقبلة. الرئيس ترمب اختار ولاية فلوريدا خصيصا لإلقاء خطابه الخاص بكوبا وذلك كمدلول على تنفيذ وعوده الانتخابية بوقف ما قام به الرئيس أوباما بالتقارب مع الجزيرة الكوبية وتحديدا وضع شروط لنظام الرئيس رؤول كاسترو يقوم على أساس «انفتاح في مقابل مزيد من حريات الإنسان» وهذا ما صرح به البيت الأبيض صراحة.
كلمة الرئيس ترمب أيضاً بعثت برسائل عدة حيث اختار مسرح «مانويل ارتيمي» في ميامي معقل الكوبيين وتيمنا بالمعارض الكوبي ارتيمي وهو أحد قادة اللواء 2506 والذي قام بعملية خليج الخنازير الشهيرة والتي كانت تطمح فيها المعارضة المسلحة الكوبية من غزو الجزيرة انطلاقا من الولايات المتحدة وباءت بالفشل إبان حكم الرئيس الراحل فيدل كاسترو. أيضاً اختيار ترمب لولاية فلوريدا يعتبر نوع من التقدير والشكر للجالية الكوبية المعارضة والموجودة في ميامي والتي صوتت لصالح الرئيس ترمب في الانتخابات بقيادة السيناتور الأميركي ماركو روبيو والذي ينحدر من أصول كوبية.
ترمب كان واضحا في تحديد سياسات إداراته حول التعامل مع كوبا وذلك بعد وعود بتغير النهج الذي كان يتعامل به الرئيس الأميركي الأسبق أوباما وخصوصا بعد اتفاق تخفيف العقوبات على هافانا وكسر الجمود السياسي الذي طال لعقود بين البلدين.
وبالفعل كان ترمب وعد بإعادة النظر في كل النجاحات والإخفاقات الدبلوماسية لسلفه باراك أوباما وتبرز تساؤلات حول استعداده للإطاحة بما تم إنجازه مع كوبا. و من بين الأمور التي سيعيد النظر فيها هي تحديد سياسة جديدة نحو كوبا بعد العناء الذي تكبده أوباما لإعادة العلاقات مع الجزيرة الشيوعية.
ورغم تأييد عدد كبير من الأميركيين للقرار وترحيب دوائر الأعمال الأميركية بخطوات إعادة فتح طرق التجارة، فإن لهجة ترمب المتشددة في الحملة الانتخابية أكسبته تأييد كوبيين أصحاب نفوذ يقيمون في المنفى في فلوريدا.
وكشف البيت الأبيض عن الخطوات التي ستنتهجها الإدارة نحو كوبا مشتملة على وقف التعامل التجاري مع شركة «جايسة GAESA» وهي الشركة التابعة للجيش الكوبي والاستخبارات والتي تدير نحو 60 في المائة من الأنشطة التجارية في البلاد كما سيتم تقليص عدد السائحين الأميركيين المتجهين نحو كوبا، وذلك حتى لا تستفيد هافانا من السياحة الأميركية ومواردها السخية، إضافة إلى ذلك سيتم النظر في الرحلات الجوية المتجهة إلى كوبا وتدريجيا ربط العلاقات التجارية مع الجزيرة بالتحسن السياسي وحقوق الإنسان والدعوة لانتخابات رئاسية في كوبا.
ويرى عدد من المحللين السياسيين أن قيود الرئيس ترمب الجديدة لا تعني قطع العلاقات الدبلوماسية بل ستكون نوعا من فرض قيود صارمة لتغيير النظام السياسي ,كما أن تحويلات العائلات المهاجرة الكوبية في أميركا إلى ذويهم في كوبا ستظل كما هي لأن القيود ستكون فقط على شركات ومؤسسات الدولة التابعة لإدارة الرئيس كاسترو. حيث إن القيود الجديدة لن تلغي كل شروط التقارب التي وقعها الرئيس الأسبق أوباما.
وكان الرئيس الأميركي قد أشار في مرات عدة أثناء برنامجه الانتخابي إلى نيته فرض قيود على عودة السياح الأميركيين المتوجهين إلى كوبا وعلى المصالح التي توقع عقود شراكة مع شركات كوبية. وسيكون الهدف من ذلك الضغط على حكومة الرئيس الكوبي رؤول كاسترو لتطبيق إصلاحات ديمقراطية واسترضاء الناخبين الكوبيين - الأميركيين الموجودين على الأراضي الأميركية والذين فر كثير منهم من الحكم الشيوعي.
في هذه الأثناء أقر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بأن تعزيز التعاون يساعد الدولتين غير أنه ذكر أيضاً «الجانب المظلم» لنظام كوبا وقال إن المراجعة التي قام بها ترمب وجدت أن بعض العلاقات التجارية المتجددة تساعد في تمويل إدارة الرئيس كاسترو. وقال أمام أعضاء في مجلس الشيوخ «إن كوبا فشلت في تحسين سجلها الخاص بحقوق الإنسان وسجن المعارضين السياسيين مستمر.. ويرى السناتور ماركو روبيو، وهو ابن لمهاجرين معارضين لكاسترو، أنه يجب أن يكون هناك حذر من الانفتاح بسرعة كبيرة على كوبا، وأشار إلى أن الرئيس ترمب أوفى بالتزاماته السياسية حيال كوبا بعد قيامه بتغييرات محددة واستراتيجية تدفع قدما بتطلعات الشعب الكوبي من أجل حرية اقتصادية وسياسية.
وعلى الجانب الاقتصادي تخشى المصالح التجارية بين البلدين من عودة التطبيق الصارم للعقوبات الأميركية. ووجهت نحو 50 سيدة كوبية من قطاع الأعمال ممن استفدن من الانفتاح المحدود للسوق الحرة، رسالة لإيفانكا ابنة الرئيس ترمب لكونها سيدة أعمال دعون فيها إيفانكا لزيارة الجزيرة والاطلاع بنفسها على الأوضاع وشددن على أن «ملايين الكوبيين» يستفيدون الآن من ارتفاع حجم السياحة والتجارة القادمة من الولايات المتحدة.
وبعد قرار الإدارة الأميركية تخفيف القيود على سفر الأميركيين إلى كوبا شهد القطاع السياحي ازدهارا غير مسبوق حيث زار نحو 285 ألف شخص الدولة الكاريبية في 2016 بارتفاع فاق 74 في المائة عن 2015، وشكل الأميركيون ثالث أكبر فئة منهم بعد الكنديين والمغتربين الكوبيين إلا أن مع فرض القيود الجديدة لإدارة ترمب ستعود سياسة القبضة الحديدية في التعامل مع هافانا والتي كانت سائدة قبل اتفاق أوباما.
ترمب يحكم قبضته على كوبا وينفذ وعوده الانتخابية
الرئيس الأميركي يعلن من فلوريدا معقل المهاجرين الكوبيين التراجع التدريجي عن التطبيع مع هافانا
ترمب يحكم قبضته على كوبا وينفذ وعوده الانتخابية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة