هزيمة الكوميديا في رمضان

قليل من الضحك والقهقهة كثير من الغلظة والتهريج

دنيا سمير غانم - ياسمين عبد العزيز في مسلسل {هربانة منها}
دنيا سمير غانم - ياسمين عبد العزيز في مسلسل {هربانة منها}
TT

هزيمة الكوميديا في رمضان

دنيا سمير غانم - ياسمين عبد العزيز في مسلسل {هربانة منها}
دنيا سمير غانم - ياسمين عبد العزيز في مسلسل {هربانة منها}

عدد كبير من المسلسلات (تشعبطت) هذا العام في قطار الكوميديا إلا أنها تساقطت سريعا على القضبان، ولم تسفر الحصيلة عن ضحكات إلا في القليل النادر. ارتبط شهر رمضان قبل بداية البث التلفزيوني في كثير من الدول العربية بأنه شهر الكوميديا والضحك، حيث كانت الملايين تضبط حتى مع بزوغ التلفزيون في الستينات وحتى الثمانينات آذانها وجدول حياتها على المسلسل الإذاعي الكوميدي الذي صار مثل طبق الشوربة الساخن بعد مدفع الإفطار.
كان المسلسل الإذاعي يرتبط دائما بفنان كوميدي قادر على زرع ضحكات صافية في قلوب الجمهور، وهكذا تألقت أسماء من كبار نجوم الضحك، في ذلك الزمن مثل فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي وأمين الهنيدي ومحمد عوض، وغيرهم، وكانت هناك ثنائية جمعت بين فؤاد المهندس وشويكار، لتنافس ثنائيا آخر جمع بين صفاء أبو السعود ومحمد رضا الذي ارتبط بأداء شخصية المعلم رضا. وفي مرحلة موازية كان للتلفزيون حضوره الكوميدي التي تمثلت أيضا مع انطلاقه من خلال فوازير «ثلاثي أضواء المسرح» الذين قدمهم المخرج محمد سالم في كوميديا ارتجالية تعتمد على قدرة الثلاثي، جورج سيدهم وسمير غانم والضيف أحمد، على انتزاع الضحك والغناء الإيقاعي. وبعد رحيل الضيف استمر جورج وسمير معا يقدمان الفوازير التي باتت حلويات رمضانية محببة للمشاهدين، ثم بدأت مرحلة دخول الألوان في التلفزيون وبداية التعرف على تقنيات المونتاج الحديثة. في منتصف سبعينات القرن الماضي، وتصدر المشهد المخرج فهمي عبد الحميد بفوازير نيلي ثم أعقبها «فطوطة» التي لعب بطولتها سمير غانم ثم شريهان وتعددت الأنواع في الفوازير مع تعدد الكتاب ولكن ظلت الكوميديا هي المسيطرة، فكان هناك مزيج مقنن من الموسيقى والرقص والضحك، وهذا لم يمنع من أن نرى أيضا ضمن جرعة الكوميديا مسلسلا كوميديا بعد مدفع الإفطار مباشرة بطولة نجم كوميدي مثل سعيد صالح أو يحيى الفخراني أو يونس شلبي. وهكذا صار شهر رمضان في الذاكرة الجماعية مرادفا للكوميديا، ناهيك عما كان يقدمه فؤاد المهندس قبل الإفطار مسلسل «عمو فؤاد» وبعده أكمل المسيرة عبد المنعم مدبولي «جدو عبده». محمد صبحي هو من أكثر فناني الكوميديا الذين قدموا سلاسل من الأعمال الكوميدية التي تتوالى في كل رمضان باسم البطل «سنبل» (6 أجزاء) ثم أعقبها «ونيس» (8 أجزاء). ومع كل رمضان يزداد الترقب للضحكة التي ترشق في قلوب الناس، كان المسلسل الاجتماعي الذي ينحو للمرح في معالجته الدرامية له أيضا جمهوره.
في السنوات العشر الأخيرة ظهر ما يعرف بمسلسلات «السيت كوم»، والمقصود بها المواقف الكوميدية، وكان المجموع يصل أحيانا إلى 15 أو 20 مسلسلا «سيت كوم» في السنة، وكان من أشهرها «راجل وست ستات» و«تامر وشوقية» وغيرهما ولكنها مع الزمن توقفت أيضا تلك النوعيات بعد أن استنفدت أغراضها فالبعض اعتبرها أقرب للاسكتش السريع وكان يتم تسجيل ضحكات صاخبة مصاحبة لعرض المسلسل من أجل أن ينتقل الضحك للجمهور ولكن دون جدوى.
في السنوات الأخيرة ابتعد صبحي وتضاءلت مساحات جيل الكوميديا القديم ولم يعد أمام المسؤولين سوى الدفع بهذا الجيل خاصة مجموعة جديدة ارتبطت بـ«مسرح مصر» الذي تولى رعايته الممثل الكوميدي أشرف عبد الباقي. إلا أن الخط البياني للضحك في تراجع ليس فقط هذا العام، ولكن الانهيار شاهدناه في السنوات الخمس الأخيرة، وإن كان هذا العام وصل للذروة في الانحدار. لدينا نحو أربعة أو خمسة مسلسلات ترفع شعار الكوميديا ولكن نصيبها من الضحك قليل بل يكاد يكون معدوما. لست أدري من الذي حطم الخيط الفاصل بين الكوميديا والتهريج، لقد شاهدنا سيلا منهمرا من أعمال وصفها صانعوها بأنها الضحك للضحك، ليس لدي مانع لقد قال المطرب العالمي بوب ديلان الحاصل على نوبل مؤخرا في محاضرته التي واكبت حصوله عل الجائزة، إنه لا يقدم هدفا في أغانيه، ولكنه يحرص على المتعة، وأنا أوافق الفنان الكبير المتوج كشاعر بنوبل على شرط توفر المتعة. ولكننا من خلال ما رأيته حتى الآن لا يوجد شيء له علاقة حتى بالضحك للضحك، لم تُسفر هذه المسلسلات عن قهقهة أو ضحكة ولو عابرة.
دعونا نبدأ بالموهوبة اللهلوبة دُنيا سمير غانم، كان لدنيا مسلسلات رمضانية تحت مظلة أحمد مكي في مسلسل «الكبير قوي». الأجزاء الأولى جمعت بينهما وشاهدنا دويتو ناجحا وله حضوره عند الجمهور. كانت دُنيا تقترب من الناس وتحقق قدرا لا ينكر من النجاح الذي يؤهلها لتحمل البطولة بمفردها. فكان لا بد من أن تنتقل إلى آفاق أبعد لتتحمل هي المسؤولية مباشرة، هكذا بدأت العام قبل الماضي بـ«لهفة» ثم «نيلي وشريهان» وأخيرا «لالالاند».
وبالطبع لا يوجد أي تشابه مع الفيلم الأميركي الذي كان مرشحا بقوة لكي يستحوذ على الأوسكار في فبراير (شباط) الماضي، هي مجرد محاولة لاستثمار نجاح اسم الفيلم الأميركي. المسلسل قائم على الارتجال وذلك في القسط الأكبر من أحداثه رغم أنك ستلمح فريقا من المشاركين في الكتابة، ولم يسفر الأمر عن ضحك، الفكرة قائمة على عزل مجموعة من الناس في جزيرة، وبالتالي تبدأ كل المشاعر والرغبات المكبوتة في الإعلان عن نفسها. عشرات من الأعمال شاهدناها محليا وعالميا قائمة على هذا الموقف، كل هذا الأفكار ضاعت، لأن فريق الممثلين كان يضع أمامه هدفا واحدا وهو التهريج المخرج أحمد الجندي كان يبدو وكأنه في عجالة من أمره فلم يضف شيئا.
لديكم «خلصانة بشياكة» إنه المسلسل الذي عاد به أحمد مكي بعد غياب. كان مسلسل «الكبير قوي» قد انتهى عمرة الافتراضي ولم يعد قادرا على إثارة الضحك، ليس لديه أي جديد. فقرر مكي أن يلعب على الصراع الأزلي بين المرأة والرجل لنصبح أمام فريقين، واستعان بكل من شيكو وهشام ماجد لزيادة القوة الضاربة في الكوميديا، كان يريدهما كجناحين يحلق بهما لأعلى، فتحولا إلى أثقال تعيق حركته حتى على الأرض، وعانى المسلسل من ثقل الإيقاع وهي بالتأكيد مسؤولية المخرج هشام فتحي.
لدينا أيضا «ريح المدام» للكوميديان أحمد فهمي الذي كان في الماضي جزءا من الثلاثي مع هشام ماجد وشيكو انفصل منذ أن قدم في العام الماضي منفردا فيلمه «كلب بلدي». هذا العام واصل انطلاقه مع أكرم حسني حيث صار بينهما كيميا، وانضمت إليهما الوجه الجديد مي عمر والمخضرمة رجاء الجداوي. يحاول المسلسل العثور على مواقف كوميدية ولكنه في طريقه لتحقيق هذا الهدف من الممكن أن يسخر من أصحاب البشرة السوداء فيضع نفسه في حرج إنساني قبل أن يصبح قانونيا وهو ما دفع المنتج وفريق العمل للاعتذار. المخرج كريم العدل ترك كل ممثل يتحرك كما يحلو له عملا بقاعدة (التمثيل مسؤولية كل ممثل). وكان عليه توجيه ممثليه وخاصة الوجه الجديد مي عمر التي لم تكن تدري ماذا تفعل. لدينا أخيرا ياسمين عبد العزيز التي عادت بعد غياب في «هربانة منها» إخراج معتز التوني. ياسمين كوميديانة بحكم التكوين والروح والتاريخ وكان معها مصطفى خاطر وهو أيضا من الموهوبين لو تم توظيفه جيدا، أكرر لو. يعتمد المسلسل على ظهور الأشباح والعفاريت، ياسمين ولاشك تشكل قدرة وطاقة كوميدية، إلا أن الكوميديا هذه المرة كانت (هربانة منها)!



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».