الانتخابات الهندية مركز جذب للسياح من أنحاء العالم

منظمو الجولات السياحية يشيرون إلى أن آلافا من الزوار يشاهدون الانتخابات لأول مرة

يستمتع كثير من الأجانب بمظاهر الصخب المصاحبة للانتخابات الهندية.. وفي الإطار ناريندرا مودي مرشح حزب بهاراتيا في إحدى حملاته الانتخابية جاناتا لمنصب رئيس الوزراء (أ.ف.ب)
يستمتع كثير من الأجانب بمظاهر الصخب المصاحبة للانتخابات الهندية.. وفي الإطار ناريندرا مودي مرشح حزب بهاراتيا في إحدى حملاته الانتخابية جاناتا لمنصب رئيس الوزراء (أ.ف.ب)
TT

الانتخابات الهندية مركز جذب للسياح من أنحاء العالم

يستمتع كثير من الأجانب بمظاهر الصخب المصاحبة للانتخابات الهندية.. وفي الإطار ناريندرا مودي مرشح حزب بهاراتيا في إحدى حملاته الانتخابية جاناتا لمنصب رئيس الوزراء (أ.ف.ب)
يستمتع كثير من الأجانب بمظاهر الصخب المصاحبة للانتخابات الهندية.. وفي الإطار ناريندرا مودي مرشح حزب بهاراتيا في إحدى حملاته الانتخابية جاناتا لمنصب رئيس الوزراء (أ.ف.ب)

على الرغم من الحرارة الشديدة التي تسود طقس الصيف في الهند، يستمتع كثير من الأجانب بمظاهر الصخب المصاحبة للانتخابات الهندية.
تتراوح تكلفة السياحة الانتخابية ما بين 1200 دولار و1600 دولار لزيارة حشود الناخبين وعروض الشوارع وقادة الأحزاب السياسية ومسؤولي اللجان الانتخابية. ويحضر سياح من دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا ونيجيريا وإيطاليا وغيرها إلى الهند لمشاهدة الانتخابات التي تتسم بالصخب في أكبر دولة ديمقراطية في العالم.
يقيم ديريك القادم من بريطانيا معسكرا في الهند منذ أسبوعين، وشاهد الأغاني والرقصات المصاحبة للانتخابات الهندية في ولايات مثل بنجاب وأوتار براديش. ويعلق على ذلك قائلا «دائما ما كانت تذهلني ضجة الانتخابات الهندية، التي على النقيض من بريطانيا تنبض بالحيوية وتشبه الكرنفال. بالإضافة إلى إعجابي الشديد بناريندرا مودي مرشح حزب بهاراتيا جاناتا لمنصب رئيس الوزراء، الذي يذكرني بالراحلة مارغريت ثاتشر المرأة الحديدية». يقدم ديريك إلهاما كبيرا لمؤيدي حزب بهاراتيا جاناتا في فاراناسي، حيث يرتدي قبعة مودي المرشح في المرحلة الأخيرة من الانتخابات الهندية في فاراناسي وقناعه، ويرتدي الجاكيت على طريقة مرشحهم.
ولكن ديريك ليس الوحيد المصاب بعدوى الحماسة للانتخابات الهندية. على الرغم من عدم وجود أرقام محددة، فإن منظمي الجولات السياحية يشيرون إلى أن مئات إن لم يكن آلاف من الزوار يشاهدون الانتخابات لأول مرة، ويحضرها بعض منهم بدافع من الاهتمام المهني.
حضر سليمان منصور مع مجموعة من أصدقائه، معظمهم من طلاب العلوم السياسية والاجتماع، رأسا من الإمارات، لكنهم لم يرغبوا في الإفصاح عن هويتهم الحقيقية. ما يجذبهم على وجه التحديد هو صعود «حزب الرجل العادي» المكافح للفساد ومؤسسه أرفيند كيجريوال الموظف الحكومي الذي تحول إلى العمل السياسي. قابل منصور أيضا كيجريوال في فاراناسي، بعد أن زار مكتب الحزب في نيودلهي، ويشعر بإعجاب بالغ بالشباب المجتهد الذين يمثلون فريق الحزب. وقال منصور «سمعنا الكثير عن النظام الديمقراطي في الهند، ولكن بعد المجيء إلى هنا ورؤية كل شيء يدار بنظام بالغ وفني من لجنة الانتخابات الهندية من أجل 815 مليون ناخب في البلاد، أجد أنه إعجاز. من المذهل أيضا شعور الفقراء والأميين بقيمة أصواتهم. إنها تجربة تعليمية رائعة، بعد انتهاء التصويت في فاراناسي نخطط لزيارة غوا على الرغم من أننا ذهبنا إلى تاج محل ولكن دون زوجاتنا».
صرح مانيش شارما، رئيس مجلس إدارة سياحة الانتخابات، وهو صاحب فكرة الترويج لمشاهدة الانتخابات الهندية للأجانب، قائلا «انضم نحو 2000 زائر إلى جولاتنا من مناطق مثل مصر ودول الخليج، حيث يوجد كثيرون غير معتادين على العملية الديمقراطية وانتخاب القادة». توجد أيضا برامج مخصصة لسياحة الانتخابات، التي تشمل حضور الفعاليات الصاخبة المصاحبة، بالإضافة إلى القيام بزيارات إلى تاج محل ومومباي وغوا، إلخ.
سواء تعلق الأمر بالنزال العام المصاحب للانتخابات الكبرى أو الهالة المحيطة بالمرشح مودي أو صعود حزب ناشئ مثل حزب «الرجل العادي»، كل ما يرغب فيه الزائرون هو الانخراط في مناخ أشبه بالكرنفال. تقول ميشيل، الأكاديمية القادمة من ألمانيا بصحبة مجموعة من طلابها «حتى في القرى الصغيرة توجد زينات وحشود واحتفالات فريدة من نوعها لا تشاهد في أي مكان آخر حول العالم». وتستطرد ميشيل قائلة «إنه إنجاز هائل أن تقيم الهند على مدار العقود الستة الأخيرة هذه الانتخابات بحرية ونزاهة، لذلك تثير العملية اهتماما أكاديميا كبيرا»، مضيفة أن مشاهدة الإقبال الهائل على الحشود السياسية واللافتات والإعلانات وصور الزعماء السياسيين بهذا الحجم من الأحداث التي يشاهدها المرء مرة واحدة في العمر. أوضح سوم ناث، منظم الجولات الذي يعمل على إرشاد الزائرين القادمين من أميركا، قائلا «في حين يتزايد الصخب السياسي، أصبحت فاراناسي محلا لجذب أنظار السياح». وقام ناث بإرشاد 18 سائحا أميركيا يرتدون قبعات غاندي البيضاء في جولة في المدينة، ممسكين بلافتات تحث المواطنين على الإدلاء بأصواتهم.
وقالت سارة ألسدورف (67 عاما) «كم هو رائع أن أكون هنا في فاراناسي في هذا الوقت! كان من المصادف أننا وصلنا في اليوم الذي قدم فيه ناريندرا مودي أوراق ترشحه على مقعد فاراناسي. ودهشت كثيرا لأنني لم أر مطلقا مثل هذه الحشود تسير خلف زعيم سياسي».
دائما ما كانت الانتخابات التي تجرى في «أكبر دولة ديمقراطية في العالم»، مع ما يصاحبها من مظاهر كرنفالية تشع حيوية، تمثل تحديا للخيال العالمي. وفي هذه المرة، بالإضافة إلى الصحافيين والأكاديميين وصناع السياسات ومديري شركات الإعلان وصحافيي الباباراتزي والساعين وراء إشباع الفضول الذين لا يبالون بحرارة الصيف في الهند، جاءت أيضا وفود أجنبية.
تنظم لجنة الانتخابات الهندية لأول مرة أيضا برنامج زائري انتخابات عام 2014 للدول المهتمة بحضور الانتخابات البرلمانية الهندية. في ظل هذا البرنامج تعمل لجنة الانتخابات الهندية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تسهيل زيارات وفود من هيئات تنظيم الانتخابات في دول ناميبيا ونيجيريا وليسوتو وماليزيا وموريشيوس وميانمار ونيبال وأوغندا وكينيا وبوتان وبعض الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية (سوريا ومصر والسعودية وتونس والمغرب والصومال وفلسطين والعراق وعمان) لحضور الانتخابات مع متابعتها على المستوى الميداني في مواقع مختلفة.
حضر داتو يوسف وزوجته داتين زاليها من ماليزيا إلى هنا للتعرف على نظام المراحل في الانتخابات الهندية. يقول يوسف «نريد أيضا أن ندرس فوائد نظام ماكينات التصويت الإلكترونية وتكاليفه ووسائل تأمينه. من المذهل أن تلتزم كل دول العالم الأخرى بنظام الاقتراع الورقي البالي. سوف أنقل معرفتي بالاقتراع غير الورقي الموفر في التكاليف إلى 30 مليون ناخب في بلادي».
جاء الدكتور ماكاسي نيافيسي من ليسوتو الدولة الصغيرة في منطقة جنوب أفريقيا. وفي أحد مركز اقتراع في ولاية أوتار براديش الهندية أخذ يسأل المسؤول عن الدائرة الانتخابية «مع كل هذه الفوضى وعدم النظام، كيف تستطيع أن تدير العمل بصورة صحيحة دون ضجة؟». تمتلئ ساحة مركز الاقتراع بالخيام حتى أصبح وكأنه مقر لمخيم مؤقت، حيث يسير المسؤولون بماكينات التصويت الإلكترونية، وتوجد غرف قوية مزودة بتأمين إضافي. يقول نيافيسي، عضو لجنة انتخابات مستقلة من ليسوتو «إن حجم الإعدادات هائل، وأنا هنا للتعرف على لوجيستيات إدارة الانتخابات في أكبر نظام ديمقراطي في العالم».
تقارن ساناندا، رئيسة مكتب وكالة الأنباء اليابانية كيودو في جنوب آسيا، والتي تابعت الحملات الانتخابية في جميع أنحاء الهند تقريبا، بين الهند واليابان في هذا المجال قائلة «تتبع الحملات السياسية في اليابان نموذجا مختلفا. في الهند، يتدفق المؤيدون في الشوارع، لكن في اليابان يلوح المرشحون بحذر شديد تجاه مؤيديهم أو يلقون عليهم الخطب مع وجود مسافة تفصل بينهم».
في هذا الكرنفال الهندي الكبير المميز بمصالحه السياسية والتجارية والثقافية، تستمر العملية الانتخابية ويتابعها العالم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».