تقرير حقوقي يحذر من {صراع طائفي} في سوريا بعد حملات التهجير

قال إن إيران تحدث {تغييراً ديموغرافياً} بالقوة العسكرية... والناعمة

فتاة سورية تعود إلى شمال البلاد عبر معبر باب الهوى على حدود تركيا أمس (رويترز)
فتاة سورية تعود إلى شمال البلاد عبر معبر باب الهوى على حدود تركيا أمس (رويترز)
TT

تقرير حقوقي يحذر من {صراع طائفي} في سوريا بعد حملات التهجير

فتاة سورية تعود إلى شمال البلاد عبر معبر باب الهوى على حدود تركيا أمس (رويترز)
فتاة سورية تعود إلى شمال البلاد عبر معبر باب الهوى على حدود تركيا أمس (رويترز)

قالت تقرير لمركز حقوقي سوري: إن سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في سوريا تهدد النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية في ظل صراع إرادات دولية يجذب البلاد كل بحسب أجندته، وتشريد ما يزيد على 15 مليون نسمة من بيوتهم ما بين لاجئٍ ونازحٍ، أغلبهم يعيش ظروفاً إنسانية صعبة للغاية في مخيمات الداخل ودول الجوار.
ولفت تقرير «التهجير في سوريا» الصادر عن (المركز السوري للدراسات القانونية)، إن التهجير مورس بشكل ممنهج وواسع على يد النظام السوري الذي اتبع - منذ بدء الاحتجاجات عليه عام 2011 - استراتيجية تهدف إلى تذرير المجتمع السوري عبر تفخيخه بالثنائيات الضدية المتناحرة (سنة- شيعة، عرب- كرد، أكثرية- أقليات، حاضنة موالاة- حاضنة معارضة...)؛ وهو ما سهل عليه قمع الثورة، ودفع شريحة واسعة من أبنائها نحو التطرف، صار السعي لمواجهتهم هدفاً دوليا، بعد وسمهم بالإرهاب.
وأضاف: «مهدت هذه الاستراتيجية الطريق أمام مشروع (ولاية الفقيه) الذي يسعى إلى نقل الصراع في سوريا من دائرة الثورة على الاستبداد إلى التأسيس لصراعٍ سني – شيعي، وذلك عبر تحشيد الشيعة واستقطابهم من خلال تفعيل المظلوميات لديهم، والاستثمار في مشاعرهم الدينية، ليكونوا وقوداً لهذا المشروع الهادف إلى قضم المنطقة وتثبيت النفوذ الإيراني».
واعتبر المركز أن سياسة التهجير كانت نقطة تلاقٍ بين الأسد وإيران مع اختلاف أهداف ودوافع كل منهما؛ «فالأسد يريد ضرب حاضنة الثورة وإعادة السيطرة الكاملة على سوريا، ولو كانت حطاماً. بينما تسعى إيران إلى تغييرٍ ديموغرافي يحقق لها وجوداً ونفوذاً على الأرض يُمكنها من التحكم في مسار عملية السلام في سوريا لاحقاً بصفتها مركزا لا طرفا، وإن كانت حتى الآن لا تزال تدفع باتجاه إطالة أمد الأزمة السورية وحرب الجميع ضد الجميع».
وأوضح التقرير، أن «التهجير في سوريا تنفذه الحكومة السورية بمساندة من ميليشياتٍ طائفية رديفة لها»، وأن «التجمعات السكانية التي تم تهجيرها تنتمي في غالبيتها إلى مذهبٍ ديني واحد»، وأنه «تم إحلال مجاميع سكانية لها صبغة مذهبية واحدة في بعض المناطق السورية التي تم تهجيرها». وأكد معدو التقرير، أن التهجير في سوريا «بغالبيته لا يكون إراديا، بل يحدث وفق مفاوضاتٍ تجبر السكان على ترك مناطق سكنهم باتجاه مناطق غير آمنة أيضاً، بل أقل أمناً من المناطق التي هُجروا منها (ومنه ما يجري من تهجير ممنهج للسكان باتجاه محافظة إدلب).
وقال: إن الممارسات المتبعة من قبل النظام في مناطق سيطرة المعارضة لتهجيرها، تتمثل في «القتل الممنهج»، و«الحصار والتدمير الممنهج للبنية التحتية»، فضلاً عن استخدام سياسة الحصار التي تهدف إلى خنق السكان وتجويعهم، لإجبارهم على المفاوضات التي غالباً ما تنتهي بتهجيرهم من مناطقهم، وفق معادلة «الجوع أو الركوع». كما اعتمدت استراتيجية «نهب وتدمير ما تبقى من ممتلكات السكان».
أما «الممارسات المتبعة في مناطق سيطرة النظام»، فتتمثل في «الاستيلاء على الأملاك الشخصية»، و«التضييق الأمني»، و«سوء الخدمات وافتعال الأزمات».
ورأى المركز أن أهداف النظام السوري من التهجير تتمثل في «خلق الأزمات على المستويين المحلي والدولي»، و«تهجير حاضنة الثورة في المناطق المُنتفضة عليه»، و«تأمين المعبر الحدودي مع لبنان»، و«تأمين محيط العاصمة»، و«إيجاد محشر للمعارضة السورية المسلحة، ولا سيما أن قوات النظام قد أُنهكت نتيجة تشتت الجبهات؛ وهذا ما يفسر تهجير المعارضة المسلحة وحاضنتها إلى محافظة إدلب».
كما رأى تقرير المركز، أن إيران «تسعى لإحداث تغييرٍ ديموغرافي في بعض المناطق في سوريا، إما بالقوة العسكرية كما حدث في القصير والقلمون الغربي وبعض مناطق ريف دمشق، أو من خلال القوة الناعمة (شراء العقارات، وإقامة المشروعات والاستثمارات، وخلق الألفة الدينية والاجتماعية...)».
أما روسيا، فـ«تشترك مع النظام في هدف نقل مسلحي المعارضة إلى إدلب وتجميعهم هناك؛ ما يسهل عليها التغطية الجوية، ويقلل من تكلفتها الناجمة عن الأعمال القتالية في معظم المناطق السورية؛ من حلب شمالاً إلى ريف دمشق جنوباً، مستفيدة من تجربتها في الشيشان». ومن ناحية أخرى «يمكن وسمُ مسلحي المعارضة آنذاك بالإرهاب؛ كون محافظة إدلب تخضع لتنظيم (فتح الشام) المصنف عالميا تنظيماً إرهابياً، ومن ثم يمكن القضاء عليهم بمباركة دولية».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.