تجدد العنف بين الجيش والمعارضة في جنوب السودان

رغم مطالبة قمة (الإيقاد) أطراف النزاع بالالتزام بوقف إطلاق النار

تجدد العنف بين الجيش والمعارضة في جنوب السودان
TT

تجدد العنف بين الجيش والمعارضة في جنوب السودان

تجدد العنف بين الجيش والمعارضة في جنوب السودان

تجددت المعارك بين جيش جنوب السودان وقوات المعارضة، بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار، داخل أماكن مختلفة في شمال البلاد، على الرغم من مطالبة قمة رؤساء الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (الإيقاد) لأطراف النزاع بالالتزام بوقف إطلاق النار.
وقال وليم قاتجاث دينق، المتحدث باسم قوات المعارضة المسلحة، في بيان صحافي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إن قواته سيطرت على بلدة كوبك في منطقة أعالي النيل الكبرى شمال البلاد على الحدود مع السودان، مضيفا أن المعارك خلفت قتلى وسط القوات الحكومية، وأن المعارضة استولت على كثير من الأسلحة والمعدات.
ويرى مراقبون أن التطورات التي حدثت على الأرض مع بداية الأسبوع ستؤدي إلى أنشطة عسكرية واسعة النطاق في شمال البلاد، الذي تشهد أجزاء منه مجاعة وأزمة اقتصادية خانقة، على الرغم من الإعلانات المتكررة لوقف إطلاق النار، كان آخرها الإعلان الذي أطلقه الرئيس سلفا كير ميارديت الشهر الماضي من جانب واحد.
من جانبه، نفى سانتو دوميج، المتحدث باسم جيش جنوب السودان، مزاعم المعارضة المسلحة باستيلائها على مدن استراتيجية تقع على الشريط الحدودي مع السودان، وقال إن القوات الحكومية ما زالت ملتزمة بتعليمات الرئيس سلفا كير بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وألا تقوم بأي هجوم اللهم إلا حق الدفاع عن النفس في حال مهاجمة المتمردين، مشيراً إلى أن قواته لم تتحرك لأخذ أي مواقع من المعارضة.
وأوضح دوميج أن هجوم قوات المعارضة يعد انتهاكا لوقف إطلاق النار من جانب واحد ويهدد حياة المدنيين، وقال إن «المتمردين لا يوافقون على وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس سلفا كير من جانب واحد»، متهماً المعارضة المسلحة بتلقي دعم عسكري من جهات خارجية دون أن يسميها.
في غضون ذلك، قال فيستوس موغاي، رئيس اللجنة المشتركة لمراقبة وتنفيذ اتفاقية السلام في جنوب السودان، أمس، إن تنفيذ الاتفاقية الموقعة في أغسطس (آب) 2015 بطيء جداً رغم وجود علاقة عمل جيدة بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه الأول تابان دينق قاي، لكنه أوضح أن «هناك عثرات في تنفيذ الاتفاق... ومن المؤسف أن نرى التقدم والجهود التي تبذلها حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية تتراجع في بعض الأوقات إلى الأعمال القتالية كما يحدث الآن»، داعياً دول «الإيقاد» إلى التحدث بصوت واحد، والتعامل بشكل جماعي وحاسم إزاء الأوضاع في جنوب السودان.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.